الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 10th January,2005 العدد : 91

الأثنين 29 ,ذو القعدة 1425

ليس دائما..لكن الآن على الأقل..
غادة عبد الله الخضير
من طوق الياسمين لواسيني الأعرج:
(منذ زمن وأنا أقاومك ولكن الشتاء يفتح شهيتي للحماقات.. كلما عاد شعرت بنفسي ممتلئة بك ولا أستطيع مقاومة شهوة الكلمات.
البرد والأمطار والثلوج والإيقاعات الحزينة تقربنا من بعض لدرجة النسيان والتلاشي.. لو تدري كم أحبك؟ وكم أن عودة الشتاء تؤذيني لأني أخاف فقدانك؟ وأسأل نفسي ماذا يحصل لي لو فقدت وجهك وسرق الموت أحدنا؟ في كل مرة أقول ربما كانت هذه آخر الكلمات وآخر النبضات ومن يدري ربما آخر مرة أهتف فيها باسمك وأقول لك صباح الخير حبيبي.. صباح المطر يا شوقي.. كل سنة وأنت بخير.. وترد علي: صباح المجانين والسعادات التي لا حصر لها.. كل سنة وأنت رائعة.
هكذا نلتقي وهكذا نفترق.. أرأيت كيف يختم الشتاء بأصابعه الباردة على كل الأشياء الجميلة؟)
على السطر تماما:
ليس دائما..
لكن الآن على الأقل..
أستطيع أن أقرأ قصائدي القديمة وأتذكرك..
أستطيع أن أفهم معنى اشتقتك في بعض قصائدي وكيف كنت أقولها عندما تمتد رقبة الغياب خارج نوافذي في وقت شتاء لا يعرف الرحيل إلا وقد أنبت في القلب غصة فقد.. وترك موقده مشتعلاً.. فمن ينقد عشب الربيع من فصل شتاء طويل عزفه على وتر الشوق؟
ليس دائما..
لكن الآن على الأقل..
أستطيع أن أتذكرك.. وأعمد إلى كتابة نص يشبهك..
يبدأ ملونا وينتهي متلونا..
ليس دائما..
لكن الآن على الأقل.. تعبرني سنوات مضت.. هي عشر هي أكثر هي أقل لا أذكر.. لكني صادقة عندما أقول إني منذ ذاك الرحيل نسيت الأرقام وامتهنت الأبجدية..؟
وصغت الفصول الأربعة في برق..
ورعد..
ومطر..
وحنين..!!!
ليس دائما..
لكن الآن على الأقل..
بي حنين مسرف إلى فصلنا الأول..
إلى عباراتنا الأولى تلك التي صاغها الحلم وبعض الأمنيات.. واختنقت فيها الحواس قبل الأوان..
ليس دائما..
لكن الآن على الأقل..
أسترجع الضحكة..
ورفرفة الحمائم في صوت القصيد..
وتلك الأنامل التي كانت ترسم
على الهواء معنى الكلمة..
وهاتين العينين المغمضتي النصف، ونصف يرقب انعكاس غرورك في وجهي..
ليس دائما..
لكن الآن على الأقل..
أفتش بين رسائلك القديمة.. وأنصب خيمتي بين تعرجات الخط على السطر تماماً.. وأقرأ:
(بين الحلم واليقظة أتيت.. ولأنك الاختلاف الذي شككت في صدقه زمناً طويلاً من معرفتي بك.. إلا أنك كنت هادئة، كنهر تأتين في وقتك وترحلين في وقتك وكأنك والزمن تمسكان بعضكما يدا بيد.. وقلب بقلب.. أجدك عندما أريد أن أعطي معنى لمعنى الوجود.. وأفتقدك عندما أريد أن أخبر من حولي ماذا يعني فقد الحبيب.. أنت المعنى بل معنى المعنى.. قاموس أنت من ظهر النفود نقش)..
ليس دائماً..
لكن الآن على الأقل..
أتذكر مخاض لغتي..
صرختها الأولى..
حبوها الأول..
وسقطاتها الأولى..
مشيها المبكر..
وفطامها القاسي..
ويتمها الذي جاء في أوانه تماما..
فعرفت كيف تمد يدها للحياة.. هدنة عيش.. لأنها أدركت سر الكسرتين منذ زمن: كسرة الخبز وكسرة النفس..
ليس دائما..
لكن الآن على الأقل..
أفكر كيف افترقنا..؟
ولماذا افترقنا..
وكيف كان له أن يكون الكون بين لغتي البحر وغرورك الموج..؟
وكيف لها أن تكون الأبجدية حينما أكتبك بهدوء عندما ينفجر غضب احتمالك؟
قاصر خيالي..
قاصر جدا..
ألهذا جاءت لغتي تختال اكتمالا..؟
ألهذا استدارت الأبجدية بين يدي وأنبتت فواكه وعناقيد عنب؟
ألهذا يصبح الحرف بين يدي ذهبا وفضة؟
أكان يجب أن تموت أنت حتى تحيا اللغة؟
اذن هتاف غيابك..
تحيا اللغة..
تحيا اللغة...!!!
ليس دائما..
لكن الآن على الأقل..
أفتح غرف الذاكرة..
الذاكرة القديمة..
الذاكرة الوحيدة..
الذاكرة العنيدة..
الذاكرة التي تعمل في خفاء أيامي.. فتظهر بين أرق وغفوة.. وغفوة وأرق.. الذاكرة التي تسمح لي أن أكتب عنك: ليس دائما لكن الآن على الأقل..!!


ghadakhodair@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
مكاشفة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved