الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 10th April,2006 العدد : 148

الأثنين 12 ,ربيع الاول 1427

ثمالات الشاعر العروبي الكبير!؟

*عبدالله الجفري:
* منذ بلغ العاشرة من عمره، كان حسه القومي قد نضج، فحمله جمرة بين يديه، وحمل الكلمة على لسانه وراح يغني حلماً عربياً وهبه حياته وشعره.
هكذا قدم الشاعر العروبي الكبير سليمان العيسى نفسه إلى الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، الذي وشحه وسام الوحدة اليمنية، أرفع أوسمة اليمن.. من بلد الوفاء والحضن العربي الدافئ الذي احتوى بالمحبة الشاعر الكبير طوال (15) عاماً هو وزوجته د. ملكة أبيض المدرِّسة بجامعة صنعاء، والمترجمة... وبدوره، فقد أهدى الشاعر الكبير هذا الوسام: تحية للقضية العربية، وقال في خطابه أمام الرئيس اليمني:
- (إن أمتنا العربية التي أعطت أول أبجدية في التاريخ، وأول تشريع في التاريخ، وزرعت أول حبة قمح على الأرض.. إن هذه الأمة قادرة على الحياة.. نعم يا جبابرة الأرض الذين تستمتعون بتقطيع أوصالها وأوصالنا الآن.. هذه الأمة قادرة على الحياة)!!
* واعتبر الشاعر سليمان العيسى هذا الوسام التحية لمشواره الشعري: ليس له، مضيفاً:
- (أنا لم أفعل شيئاً جديراً حتى الآن.. إنها تحية للقضية.. للفكرة.. للحلم الذي عشنا ونعيش من أجله جميعاً.
إنها تحية لأطفالنا الحلوين الذين أغني، وأكتب لهم منذ سبعة وثلاثين عاماً من دون انقطاع)!!
* * *
* هذا هو الشاعر الذي تغنَّى بالوحدة العربية حتى في أحلك ظروفها، وهو صامد يردد:
- سأغني هذا الحلم العربي الذي فتحت عيني عليه، وسأغمض عيني عليه، وإنه لجدير بالغناء والتضحية!!
ولقد كان هذا الحلم في مراحل من حياة الشاعر هو: الجمرة، والكلمة، والأغنية!
لقد نذر (سليمان العيسى) شعره لحلم الوحدة العربية، ونثر نفسه داعية للقضية العربية، متعرّضاً لنكساتها، ومبشِّراً بإطلالاتها على هذا الحلم... فكان دوره: العطاء الذي ينعش به نفسه بالشعر، وبتوجهه إلى الأطفال العرب مؤملاً في غدٍ أجمل لهم!
* وفي أصداء احتفال اليمن الشقيق ب(صنعاء) عاصمة للثقافة العربية عام 2004م: أصدرت وزارة الثقافة والسياحة أحدث ديوان شعر لهذا الشاعر العروبي الكبير سليمان العيسى، وعنوانه: (ثمالات- شعر ونثر وأطفال).. وقال وزير الثقافة والسياحة اليمنى خالد الرويشان في بهو هذا اليوم:
- (من بهاء صنعاء وتجليات عبقها في عام تتويجها عاصمة للثقافة العربية: يأتي هذا الاحتفاء بمجد الكلمة، وجلال أنوارها، وفي بدء الوعي الإنساني كانت الكلمة، وعلى رأس فعاليات هذا العام الاستثنائي: تأتي هذه الإصدارات حدثاً يتوِّج صنعاء فضاءً شاسعاً للثقافة والتاريخ والجمال والخصوصية)!!
ويخصُّني هذا الشاعر المتوَّج إبداعاً سليمان العيسى، فيبعث إليَّ بنسخة يضيف إهداؤها إلى مسيرتي الأدبية: شهادة تكريم أعتزُّ بها.. فكتب:
- (إيماءاتي لابن الحطيم وزمزم
بيت بأطياب السما: نضَّاح
إلى الأخ والصديق الشاعر، الناثر المجيد/ عبدالله الجفري:
ثمالاتي الرابعة، مع خالص محبتي)!!
* * *
* وهذه (الثمالات): كتبت في فترة قصيرة جداً وقريبة جداً.. فمعظم قصائدها يعود إلى الحالي- القرن الواحد والعشرين - كما جاء في (مقدمة خاطفة) كتبتها د. ملكة أبيض - وقالت:
- (إن الشاعر الذي قرر الابتعاد عن الأحداث المباشرة: آثر البقاء خارج الدوامة التي تطحن العالم، والإصغاء إلى عالمه الداخلي في تفاعله مع الأرض والناس القريبين إلى قلبه وفكره... إنه موقف معطاء، أليس هذا الكتاب أحد عطاءاته)؟!!
وبقراءاتي لهذا الديوان، أحسبه جاء مختلفاً عن جميع دواوين الشاعر الكبير التي سبقت... وقد بدأه بلوحته الشعرية: (ثمالات) التي صور فيها ما يشعر به في ثمالة العمر، في سنه الوقور الجميل اليوم، متعه الله بالصحة وإثرائنا بشعره.. وذلك بعد ركض وكفاح ومعاناة لم يحصرهم في ذاته، بل كما صورت رفيقة مشواره في مقدمتها المتعمقة: (كان الهم القومي هو العمود الفقري لكل ما أبدعه شاعرنا)!!
* * *
* نعم... لقد امتزج (الهم) الذاتي في روح ونفس الشاعر بهموم أمته العربية، وما زالت أناديه:
- (أيها الشاعر العروبي.. أيها الحصيلة في أرواحنا المتبقي من حلم الوحدة العربية).
إنه شاعر (الهم) العربي، الذي أصدر ديوانه الجديد: (ثمالات)، وهو المقيم العسيب منذ سنوات طويلة في كنف سيف بن ذي يزن، وفي دفء بلقيس.. فما برح صوته الممجّد للوحدة العربية: لم يكلَّ ولا يني.
وهو - أيضاً - الشاعر الأب الذي جعل (الطفل) العربي من أهم قضاياه وأناشيده: يخاف عليه من المستقبل الرمادي المجهول، ويدعو إلى حسن تنشئته وتعليمه.
* لقد منحني هذا الديوان: دفء الأمل في بزوغ حلم الوحدة العربية من جديد، من أجل أطفالنا الذين غنّى لهم سليمان العيسى.
وأحسب أن قراءة قصائد هذا الديوان: قد منحني ذلك الأمل في صباحاتنا العربية المخضبة بالدماء والمختنقة بالتمزق.. فطفقت أردد معه:
- (أشعة الصبح في عيني وملء يدي
فلأرشف الصبح.. ما بالي وبال غدي؟
كل المواجع في فنجان قهوتنا
تذوب إن كفها مرَّت بظهر يدي)!!
* * *
* ليهنأ الشعر العربي المعاصر ببقاء شاعر عروبي كبير مثل سليمان العيسى - آخر الكبار - فهو من تبقَّى للشعر، وهو الشعر الذي يعيدنا إلى أصالتنا!!


a-aljifri@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved