الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 10th April,2006 العدد : 148

الأثنين 12 ,ربيع الاول 1427

فهد العتيق:
روح المكان تأتي من الذين مكثوا هنا ومنحوه من أرواحهم
هكذا يفتح النار بعنف مقابل لعنف الواقع، حيث لم تعد كتابة الجسد، أو اليومي والمعيش ومثل هذه الأيقونات التي شاعت في أدبنا مؤخراً تصلح للعمل الآن، وها هو يعيد الحصان أمام العربة من جديد، حيث يقف الأديب ضمير أمته، مناضلاً ومتجاوزاً الشكل إلى المضمون.
بهذه الكلمات وصف أحد النقاد ضيفنا في سياق إحدى القراءات النقدية حول روايته (كائن مؤجل).
إنه القاص والروائي فهد العتيق الذي نستضيفه هنا فإلى هذا الحوار القصير:
*حوار: فاطمة الرومي:
* ألحظ حين قراءتي لبعض الإبداعات المحلية جفاءً بين المبدع والرياض (المدينة) إلى أي شيء ترجع ذلك؟
- لا أظن أنه يمكن أن يكون هناك جفاء بين المبدع ومدينته، وبالنسبة لي شخصياً، حقيقة أحب هذه الرياض التي ولدت فيها، وأفتخر بأنها مدينة التاريخ والبراري الجميلة، ومدينة الشاعر الأعشى، ابن منفوحة الذي اشتهر هو ومدينته في كتب الأدب والتاريخ العربي منذ العصر الجاهلي وفيها أيضاً كانت مساكن بني قيس، أحبها رغم ملاحظاتي الكثيرة عليها، إذ أريدها بكل صراحة، مدينة مفتوحة على الفن والثقافة والحب والجمال والحرية، مع احتفاظها بطابعها الأصيل في البناء وعلى أية حال، في الكتابة والفن والأدب، هناك دائماً أسئلة مطروحة حول كل شيء، وليس فقط حول المدن التي نعيشها ونحبها.
* فهد العتيق - مبدعاً - ماذا تمثِّل له هذه المدينة؟
- بإيجاز، هذه المدينة تمثِّل لي أشياء كثيرة جداً، فأرضها هي أمي الأخرى، سقطت ذات يوم، في كمين الجاذبية لحظة الولادة، إذ فيها تعلَّمت المشي والكلام والحب والإيمان والكتابة، ما زلت أتذكر طفولتي التي ركضت طويلاً في حاراتها القديمة، وما زلت أتذكر مراحل الأحلام الأولى لعالم كان غامضاً ينتظرنا، وهي أيضاً تمثِّل لي حالة ممتدة من التاريخ، حين كانت تُسمى مدينة حجر، وحين مرَّت على وادي حنيفة حضارة كان لها تاريخها، الذي يحتاج إلى دراسات معمقة لكي نقترب قليلاً منها فقد نحاول فهمها.
* المكان، الإنسان، ترى من يمنح الآخر هويته؟
- روح المكان تأتي من الذين مكثوا هنا، ومن الذين مرّوا من هنا أيضاً، ومنحوه من أرواحهم، وإذا كان الإنسان يمنح المكان روحاً حيَّة، فإن علاقة الإنسان بهذا المكان مرتبطة بذاكرته، وبالمراحل والأحداث التي عاشها في ظروف واقع المكان، لتظل ذاكرة فردية وجماعية لا تمحى بسهولة.
* يشعر قارئ (كائن مؤجل) بأنه يشاهد عملاً درامياً، فهل حدث أن فكرت أو عرض عليك تحويل عملك الإبداعي إلى عمل درامي؟
- المنتج والمخرج صالح الفوزان قرأ رواية كائن مؤجل، فاتصل بي مبدياً إعجابه بالنص، وراغباً تحويل الرواية إلى عمل سينمائي، وقد رحبت بالفكرة، وأعطيته الضوء الأخضر، على أساس متابعتي لمراحل العمل، وما زال الموضوع بيد الأستاذ صالح، وأراها خطوة جيدة لتحويل كتبنا الروائية إلى أفلام أو دراما تلفزيونية، ونرجو أن يتحقق ذلك فعلاً، لأن بلادنا تعيش في جدب درامي مؤلم، جعلنا غير قادرين على مناقشة همومنا وقضايانا الثقافية والاجتماعية من خلال هذا الفن العظيم.
* الروائي المصري سيد الوكيل قال في سياق دراسة عن رواية كائن مؤجل إن نشر الرواية في بيروت هو تمديد لأزمة الكائن العربي المؤجل، الذي ما زال يبحث عن مكان آخر ليبدأ الحياة، وفي أي مكان آخر خارج الوطن فهل الإنسان العربي - المبدع تحديداً - كائن مؤجل بالفعل؟
- الأدب والفن والثقافة هي ضمير الأمة، وسوف يظل المواطن العربي كائناً مؤجلاً حتى يجد مناخات كاملة من حرية التعبير والنشر عن فنه وحقوقه بطريقة موضوعية وأدبية عالية، تهدف إلى النهوض بأمته، مثلما ستظل المرأة كائنة مؤجلة حتى تتحرر من بعض الرؤى التقليدية المحيطة بحياتها وتنطلق بروحها الأصيلة وإيمانها وشخصيتها الحرة.
* مرحلة الطفولة يفترض أنها المراحل الأبهى في عمر الإنسان لكننا نجدها حين قراءتنا لبعض الأعمال الإبداعية طفولة مهملة تنز ألماً وبؤساً فهل يعكس ذلك شيئاً من معاناة هؤلاء المبدعين برأيك؟
- نعم، سوف تظل مرحلة الطفولة هي الأبهى في عمر الإنسان ومحاولة الأدباء الاقتراب من هذه المرحلة في كثير من الأحيان، يعني أنها ليست مهملة، وربما هذا أيضاً لا يعني حنيناً لتلك الفترة العميقة من حياة الإنسان، ولكن قد يكون الاقتراب منها محاولة لقراءة الواقع والظروف التي أسهمت في تكويننا.
* مارأيك في الإصدارات الأدبية الآن؟
- سبق لي التأكيد بإيجاز أن المشهد الأدبي في بلادنا على مستوى جيد، وفيه كم كبير من الإصدارات الروائية والقصصية والشعرية الطموحة والمفرحة فنياً، لكن هذا الكم ليس على مستوى الطموح، على مستوى الموضوعات والأفكار، يوجد مواهب فعلاً، ويوجد لدينا فن يريد أن يعبر عن ذاته لكن أغلب الأدباء والأديبات ما زالوا يبحثون عن موضوعات متميزة، فاللغة والقدرة التعبيرية لهما علاقة بالموهبة وهي موجودة، لكن الموضوعات العالية القيمة والعمق لها علاقة بالوعي الثقافي للكاتب وهذا يحتاج من الكاتب إلى وقت ومثابرة وتأن لمن يريد أن يقدم أدباً متجدداً، حتى لا نظل نقرأ أدباً بفن متميز ولكن بموضوعات مفتعلة أو ضعيفة أو متأثرة بالقراءات والكتب الأخرى.
* ما رأيك برواية بنات الرياض مثلاً وما أثير حولها؟
- لاحظت أسماء نقدية معروفة بالغت في مديح مجاني للكتاب، وأسماء أخرى بالغت في إساءة مجانية أيضاً للكتاب، وهذا بسبب تواضع وعينا الثقافي وبالتالي النقدي، وهو أيضاً من ملامح حرب خفية بين فئة تبالغ في التزمت الديني، وفئة تبالغ في ادعاء الحداثة والحرية، وهذه الفئة الأخيرة بالذات ما زالت ترفع شعاراتها القديمة بطريقة تمثيلية مظهرية مسطحة مكشوفة، تكشف وعيها الهش وتكشف تقليدية فجَّة معششة في داخلها بلا عمق ثقافي واضح وبلا أفق أدبي مفتوح الرحاب على تناقضات الواقع، وقد حاول النص الاقتراب من العلاقة بين الرجل والمرأة في مجتمعنا ومحاولة كشف ملابساتها، بطريق ومفهوم رجاء لهذه العلاقة الجميلة، لكن رجاء بحاجة إلى الاشتغال على الأفكار والموضوعات، وعلى اللغة الأدبية العالية، حتى لا تتحول هذه اللغة إلى فن حقيقي وليس إلى مجرد أداة للتوصيل فقط.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved