محنة أمة
|
*نورة مهدي سيف :
في يوم متلبد بالسحب والغيوم تغطي صفاء السماء، عندما أرخى الليل سدوله، وخيم بظلامه وقفت الأم تحمل بين أضلاعها آلاما وآمالا.
كلماتها أنين، ونظراتها حنين، إلى عهد مضى، مجد وحضارة، تضحية وفداء. بحثت في كل اتجاه، نظرت في كل جهة، فرأت غدرا وخيانة، ظلما وطغيانا، تبرجا وسفورا وانحطاطا، حروبا دامية واقتتالا، جهلا وجوعا، فقرا ومرضا. فاغرورقت عيناها بالدموع، وأشاحت بنظراتها تفرقاً واشمئزازاً. وعندما أعياها التعب، وبلغ بها النصب، أطلقت لعينيها العنان في الفضاء الواسع الرحب.
ضياء لاح في الأفق كبارق يشق ظلمة ذاك الليل الداكن، ويرسل خيوطه عازفاً ألحانه على أوتار الأمل راسماً بسمة على محيا المسلمين والعرب. كقمر توسط كبد السماء.
رباه هل هذه رؤيا؟ حلم أم حقيقة أعايشها هنا!؟ أياد بيضاء تسعى للسلم والسلام. أياد كريمة تغدق خيراً وعطاء. أياد سخية لا تمن ولا تؤذي. بلغت أوج قوتها وكمالها، بكفاحها ونضالها. حولت الصحراء إلى مروج خضراء، بقوة الإرادة والعزيمة. اختلط ماء الأرض بدمائها وعرق جبينها ففاض بأزكى عطر. بالحكمة والدراية انتشر العدل والإحسان.. نادته باسم أقدس
هتكت مبادئي، وانداست كرامتي، وضاعت هيبتي، لم تطبق قواعدي وقوانيني. ما هذا الجحود؟ بل ما هذا العقوق؟ أيريدون قهري وإذلالي!؟... لا لن يستطيعوا النيل منك، ما دامت يداي ممدودة لانتشال الغرقى من بل وفي كل مكان.
افرحي يا أم فهذه القصور بنيت على أركانك، وهذه المساجد تطبق أحكامك، وهذه المدارس تتمسك بآدابك، وتعاليمك. هنا يا أم غرست أشجار الفضيلة في بساتين الأدب والمعرفة، وتم قطف ثمار العلم الناضجة، واستنشاق عبير الفكر الزاهي..
أي بني أكمل رسالتك ولا تتوانى، ولتعلم أن أساس القوة اتحاد، وأن في الدين سداد، وفي العدل وداد، ارفع رأسك عالياً على هام الأمم، انشر الأمن والأمان، المحبة والوئام. تحمل من أجل إنقاذ إخوتك، وأبناء عمومتك من الضياع والتشتت.
أما إنهم يغرقون في بحار لا موانئ لها ولا شواطئ، بحار من الظلمات والشهوات. لكن مازال الأمل يراودني في هدايتهم بإذن الله وإرادته. ادعي لنا يا أم عسى أن يتقبل منك الدعاء.. أيا رب انصر دينك، ومن يعمل على رفع كلمتك، ووحد شمل أبنائي، واقض على المحن والحروب والتطاحن. واجعل الخير والبركة على أيدي أخيارهم من هذا البلد المبارك الطاهر.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|