الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 10th April,2006 العدد : 148

الأثنين 12 ,ربيع الاول 1427

المعارض الشخصية بين إثبات للذات وكشف للمستور

*إعداد: محمد المنيف:
المعارض الشخصية أو الفردية نشاط داعم لاي حركة أو مسيرة تشكيلية على المستوى العالمي، ومنها المسيرة المحلية التي حظيت بالكثير من هذه المعارض خصوصا في السبعينيات الميلادية التسعينيات الهجرية مع ما أقيم قبلها من معارض كات بمثابة التأسيس أو البذرة الأولى تطرقنا لها في حلقات الفن التشيكلي المحلي، كما تطرق لها الكثير من الفنانين في ندواتهم أو محاضراتهم، فمن أبرز من أقام معارض فردية في بداية انطلاقة هذا الفن الفنانين السليم والرضوي والرصيص، والسليمان والعبيد والمنيف والربيق وحماس وأحمد فلمبان وضياء عزيز وغيرهم، مع ما نشاهده في الفترة الأخيرة من ومضات هنا وهناك لفنانين معروفين وآخرين جدد، أو غير معروفين.
هذه المعارض يعتمد فيها بشكل كامل على الفنان ابتداء من إنجاز الأعمال التي تكفي لاقامة المعرض مروراً بالإعداد المدروس لإقامته وصولا إلى تحقيق الهدف منه وللخطوتين الأوليين شروط ومقومات هامة هي بيت القصيد في موضوعنا اليوم يجب الالتزام بها ليتم جني الثمار التي يعني بها الخطوة الثالثة وهي الهدف من إقامة هذا المعرض.
***
إثبات الذات وتوثيق التواجد
لاشك أن إقامة المعارض الفردية تعني الكثير للفنانين وللساحة عامة في مقدمتها أن الفنان يقدم خلاصة تجاربه في عدد مناسب من الأعمال يتمكن منها المتابع أو الناقد والباحث من رصد مستوى تطوره وتحقيقه للنتائج فيما يسعى إليه في مجاله الإبداعي، إضافة إلى أن التزام الفنان بموعد إقامة معرض له بشكل دوري يعينه على ترتيب وقته وتحديد فترة إنجازه إضافة إلى استمرارية العمل في مرسمه وتواصل علاقته مع أدواته، عكس ما يمكن أن يحدث في حال انتظار معرض أو مسابقة والعودة للرسم من أجلها، كما أن إقامة الفنان معرضا فرديا لأعماله افضل بكثير من أن يبعثرها في معارض جماعية، أو مسابقات ليتحول إلى منتج للمناسبات أكثر منه فنان باحث في ابداعه، لكن الأمر مرتبط بما يعنيه اثبات الذات وتوثيق التواجد فما نشاهده مؤخرا من معارض شخصية لفنانين وفنانات لازالوا في أول عتبات اكتشاف القدرات وتلقي أبجديات الفن يتسابقون على إقامة المعارض الفردية مع أن ما يقدم فيها من اعمال تظهر متفاوتة التقنيات وهزيلة الفكرة، فاصبحت في مجملها نماذج للاعمال التي تعرض في محلات الاكسسوارات والانتيكات اكثر منها اعمال ناضجة تستحق ان يقام لها معرض خاص.
***
فنانون بارزون دون معارض شخصية
في الوقت الذي نشاهد فيه مثل تلك المعارض الهزيلة وغير الناضجة يبرز امامنا تساؤل لفنانين بارزين اصبحوا يعدون من اعلام التشكيل السعودي منهم على سبيل المثال لا الحصر خصوصا في الرياض: علي الرزيزاء، سمير الدهام، وخالد العويس، وعبدالعزيز الناجم، ومحمد العمير، وعبدالرحمن العجلان مع غيرهم ممن ساهموا وقدموا أعمالا متميزة وبحوثا وتجارب غنية في التقنية والموضوع والأسلوب، ومع ذلك لم نر لأحدهم حتى الآن أي معرض شخصي، مع ما يلمح به البعض من استعداد لهذه الخطوة، وحينما تطرح السؤال تجدهم متفقين على أن ما قدموه لازال في طور التجربة، والبحث وان ما تم عرضه رغم تميزه وكسبه للكثير من الآراء من قبل النقاد محليا وعربيا ودوليا لا يصل بهم إلى القناعة لإقامة معرض خاص مضيفين أسبابا منها: أن إنتاجهم للأعمال ليس بالكثافة التي تؤهل لتقديم مثل تلك المعارض التي يحتاج العرض فيها إلى عدد لا يقل عن الثلاثين عملا ناضجا يمثل حقيقتهم كفنانين يعتزون بقدراتهم، وهناك الكثير من التجارب يرون انهم لا زالوا يحققون فيها الكثير من النتائج ويرغبون في استكمالها، كما أن عدم بقاء أعمالهم وسرعة اقتنائها تحدث نقصا في كل فترة يعتزمون فيها إقامة معرض شامل لها، أما السبب الأهم فهو في تكلفة المعارض وما يتبعها من إعداد في اختيار الموقع وطباعة الكتيب وحفل الافتتاح لينتهي الأمر في ساعات محددة يوم الافتتاح ويبقى المعرض كبيت للأشباح يؤكد بعض الفنانين ممن لم يقيموا حتى الآن معارض شخصية خصوصا الأسماء المعروفة على الساحة أن تسويقهم لاعمالهم عودا إلى تميزها وشهرتها لا يحتاج لمثل تلك الخطوة (فزبائنهم) متواصلون معهم بشكل دائم.
***
المعارض الشخصية وكشف المستور
لا يمكن أن نعمم، ولا يمكن أن نغفل العديد من الجوانب الإيجابية والسلبية في إقامة المعارض الشخصية، لاعتمادها على جانبين: الأول سعي من يقيم المعارض الشخصية لاثبات الذات على حساب الكم وليس الكيف فكثير من المعارض التي أقامها بعض الأسماء المعروفة والمنتشرة إعلاميا أصبحت تسيء لهم أكثر مما تخدم مسيرتهم، نتيجة التسرع في تتابع إقامة تلك المعارض في فترات متقاربة لا تسمح للفنان في إضافة جديد أو تطوير تجاربه فيجمع في كل معرض ما تبقى من المعرض السابق ويدفع بأعمال جديدة قليلة تذوب في القديمة ينتهي به الأمر في رصد أرقام لمعارضة مقابل تراجع في متابعة الجمهور لها واعتبارها تكراراً لما سبق عرضه، وهنا تبرز أهمية الحذر عند إقامة معرض شخصي إذ على الفنان أن يضع في اعتباره الهدف منها وفي مقدمتها كسب الجمهور والمتابعين فكثير من المعارض دفعت بالمتابعين والمقتنين إلى السفر للمدن التي يقام فيها تلك المعارض حرصا منهم على مشاهدة الجديد أو الإضافة والاقتناء منه.
***
إثبات الذات
وإذا غضضنا الطرف عن بعض المعارض التي يقيمها من لهم تجربة في الساحة ولديهم تواجد سابق ولأعمالهم متذوقين رغم تقارب فترات إقامتها إلا إننا نتحفظ على المعارض الأخرى المتلاحقة هنا وهناك في محاولات جادة من أصحابها للتمسك بالشهرة وعدم الانقطاع عن نشر أخبارهم مع ما يشوبها من تراجع في مستوى ما يقدمونه من أعمال كما أشرنا فإن الأمر يتعلق بأسماء جديدة من التشكيليين والتشكيليات ممن مازالوا يبحثون عن موقع قدم لهم في الساحة، ومع ذلك يسعى كل منهم لإقامة معرض فردي لأعمالهم مقدمين الكسب الإعلامي من خلال الأخبار والتغطيات على حساب المستوى وحساب ردود الفعل التي تأتي لاحقا بعد زيارة المعرض ومعرفة قدرات صاحبه أو صاحبته، ولنا في الساحة الكثير من الشواهد والتجارب ومن المؤسف ألا يكون هناك آلية تحكم هذا الواقع.
***
مسببات السلبيات في المعارض الفردية
حول التجارب الأخيرة في ساحتنا التشكيلية يمكن لنا أن نستعرض الكثير من المواقف منها سلبيات التغطيات الإعلامية التي يقوم عليها محررون لا يعون أهمية ما يكتبون تجاه الفنان أو المعرض أو الساحة فيلجئون إلى الإشادة والتبجيل، كما أن في استجابة بعض الأصوات ذات الشهرة في مختلف المجالات الإعلامية في التصريحات بمستوى المعرض رغم رداءته ما جعل منها أولئك الفنانون وخصوصا الفنانات شعارات دعائية لمستوى أعمالهن رغم تدنيها، ومن المؤسف أن لا يعي بعض أولئك المشاهير أن مثل هذا الرأي المجامل قد يسيء إلى دورها في بناء الوعي التشكيلي إضافة إلى نقص معرفة أصحابها بأن في تراجع مستوى وعيه وفهمه للفنون وللأعمال الجيدة من غيرها، من خلال إقامة معارض فردية لمستويات ضعيفة وهابطة لمجرد البحث عن سبل الكسب لعل وعسى.
***
من المسؤول إذاً..؟
كما لا ننسى أيضا ما تتحمله الجهات المعنية بإجازة الأعمال والتي يشكل لها لجان، كما يفهم في ظاهرها أنها متخصصة وان أحد أعضاء تلك اللجان معني بالمستوى الفني، إذا لم نسمع يوما أن هذا العضو المتخصص قد منع أو اعترض على إقامة معرض فردي لرداءة مستواه أو استبعد أعمالا من معرض جماعي لهذا السبب، أما المصيبة الأعظم فهي في لجوء بعض الهواة لبعض الفنانين ممن يمتلكون شهرة إعلامية مع تدني في مستوى وعيهم بالفن الذي يمارسونه لأخذ رأيهم في أعمالهم وإمكانية إقامة معرضا لهم فيتلقون الإشادة والتشجيع ويقعون في المصيدة.
لقد ابتليت الساحة بمعارض لا يمكن أن تدفع بمسيرة الفن التشكيلي بقدر ما تسيء لها بما تحدثه تلك المعارض من تشويش على ثقافة المتلقي الذي لا زال في حاجة للتثقيف البصري.


monif@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved