الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 10th October,2005 العدد : 126

الأثنين 7 ,رمضان 1426

من الحقيبة التشكيلية
سمير الدهام
اسم وإبداع ومسيرة مؤطرة بالنجاح
بدأ حضوره بالكاريكاتير فأخذته اللوحة إلى عالم التشكيل
إعداد: محمد المنيف
ساهم في المجال الصحفي وأثرى الساحة التشكيلية بقلمه قبل أيام وخلال أعداد سابقة أسقطنا بعض الضوء على أسماء تشكيلية أعطت وتعطي وتمارس إبداعها لتحقيق الهدف الأهم والأسمى، هدف رفعة الفن التشكيلي السعودي والأخذ به نحو المنافسة والتواجد العالمي إضافة إلى تأكيده محلياً والارتقاء بذائقته وتقريب مفاهيمه وأبعاده لمن يستحق أن يشاهده ويتفاعل معه، قدمنا في الأعداد السابقة إضاءة على الفنان مهدي الجريبي كأحد الشباب المؤثرين في الساحة والمجتهدين للوصول بهذا الفن في مرحلة قادمة مع زملائه من المبدعين الشباب إلى أعين الأجيال الجديدة بمستوى متألق ومعاصر، بعدها استعرضنا بإيجاز بعض مما نعرفه ونتابعه عن الفنان فيصل السمرة وهو أحد الرموز التشكيلية المعاصرة وأحد رواد التشكيل المحلي مع ما يمتلكه من حضور عربي وعالمي، واليوم نقدم أيضاً اسماً ليس جديداً بقدر ما يشكل رافداً مساهماً مساهمة فاعلة وفعالة في مسيرة التشكيل السعودي مع ما يتمتع به من تواجد إبداعي حقق له موقعه من بين رواد هذا الفن، الفنان سمير الدهام ، مع ما نعدكم به من استمرارية هذا الطرح لنستعرض أسماء أخرى لها علينا الحق في أن نتذكرها ونذكر بها الآخرين في هذه المرحلة الجديدة.
صحافة وكاريكاتير
وإبداع تشكيلي
الفنان التشكيلي والإعلامي المعروف سمير الدهام لا يمكن أن يغفله تاريخ الصحافة الفنية أو تتجاهله الساحة التشكيلية مهما انشغل عنها في فترات أبعدته فيها ظروف خاصة إلا أن خدمته لها لم تكن منقطعة، بدأت علاقة الفنان الدهام بالفن التشكيلي من خلال موهبته المبكرة عبر جسور المراكز الصيفية خلال دراسته في المراحل الأولى تلتها مرحلة التخصص التربوي والتعليمي والفني أيضاً بعد التحاقه بمعهد المعلمين الثانوي الذي تخرج منه عام 1392هـ ليحقق تميزاً في الإبداع التشكيلي من بين زملاء الدراسة في تلك الفترة الزمنية في بداية التسعينيات الهجرية السبعينيات الميلادية وهي الفترة التي أخذت تبرز فيها موهبته التشكيلية بشكلٍ واضح كشفتها المعارض التي تُقام في المعهد إضافة إلى معارض ومشاركات المراكز الصيفية إلى أن توسعت دائرة الإبداع فيها مع المسرح واللوحات الكبيرة للخلفيات وصولاً إلى مرحلة موهبة العمل الصحفي التي تضمنت رسم الكاريكاتير إذ كان للفنان سمير الدهام مشاركات بارزة مع ما ساهم به في كتابة الخبر الفني تدرج بعده إلى أن وصل إلى رئاسة قسم الفنون في الجريدة (الجزيرة) وكانت الفترة التي قام فيها الدهام برئاسة القسم من أهم وأبرز الفترات في عمر الفن السعودي بشكل عام الطرب والدراما والفنون التشكيلية شهدت أكبر القضايا الفنية في مختلف تلك المجالات فكان الدهام أحد فرسان الصحافة الفنية منح نتيجة لجهده الكبير درع ريادة الصحافة الفنية من جمعية الثقافة والفنون مع نخبة من الصحفيين البارزين في ذلك الوقت إضافة إلى ما مر به لاحقاً من مواقع صحفية متعددة منها رئاسته لمجلة الفنون التي تصدر عن جمعية الثقافة والفنون.
نعتذر على توقفنا عند هذا الإيجاز، فالحديث عن مسيرة الفنان سمير الدهام المتعدد المواهب والقدرات والخبرات يطول ليجعلنا في حاجة لمساحة أكبر وأكثر اتساعاً لرصد نتائجها الطويلة والناجحة لنعطي النصيب الأكبر لجانب الفن التشكيلي وهو بيت قصيدنا الذي نعنيه باعتباره أكثر أنشطة الفنان الدهام الإبداعية بروزاً وتواجداً واقتراناً باسمه لنتعرف على تجربته الطويلة فيه نظراً لأهميته في مسيرة الفن التشكيلي السعودي تأسيساً ونتاج تجربة شخصية حقق بها أسلوباً جعله في مصاف الفنانين الرواد واعتبار ان هذا الفن أو الإبداع لا يزال يسكن وجدانه ويضعه في مقدمة اهتماماته ويقتطع له الكثير من وقته الممتلئ بالمهام الفنية في العديد من اللجان إضافة إلى عمله في إدارة المعارض التشكيلية والمشاركات الخارجية.
فالفنان سمير الدهام منذ أن أخذ في التعامل مع اللوحة وهو يضع في اعتباره المنطلقات الحقيقية التي يبنى كل فنان صادق ملامح طريقه وتحديد مسار هدفه اعتماداً على مرجعيات عديدة منها الواقع البيئي والاجتماعي والثقافي إضافة إلى أهمية امتلاك الفنان للقدرة على إدراك ما وراء كل خطوة ينتقل من خلالها إلى محطة أكثر معاصرة وتوازياً مع ما يحدث في الفنون التشكيلية العالمية.
مختزل ثقافي
يعيد صياغة الشكل
يتمتع الفنان سمير الدهام بحس راقٍ في تعامله مع محيطه الإنساني ومع إبداعه التشكيلي يحمل في وجدانه إحساساً شاعرياً يسقطه على عمله الفني وكأني به يكتب قصيدة أو رواية أو يعزف مقطوعة موسيقية تأخذك إلى حالة من الخيال الممزوج بواقع يجمع شتات أرصدة ذاكرتنا البصرية المفعمة والمتشبثة بكل ما في الماضي من جمال.
يأخذنا الفنان سمير الدهام من خلال ما يطرحه من عناصر استقاها من واقع الحياة بأنماطها الحقيقية بإيقاع خطي ولوني ارتقى به عن سذاجة الطرح الفوتوغرافي أو المحاكاة الفجة أو تبعية لتجارب سابقة تخلى عنها أصحابها كما نرى في بعض الأعمال الأخرى لفنانين كبلوا بالتقليد، يعود الفنان الدهام بأعماله من مختزل بصري عميق الصلة بالموروث معايشة ورصد وتوثيق.. تمكن باختياره لأسلوب متجدد منذ تواجده على الساحة أثار به ردود فعل تحمل مشاعر الدهشة وتتوج بالإعجاب في فترة كان فيها الفن التشكيلي يمر بمراحل التشكل والتبلور وإثبات الذات (التسعينيات الهجرية) كان الدهام يعبّر فيها عن الواقع بأسلوبه المغاير للمعتاد من الأعمال التسجيلية جامعاً بين الحداثة وبين ملامسة الشكل بلغة تقرب العلاقة بين عين المتلقي وبين المضمون، كان الدهام يتكئ على أرضية صلبة في مجال التشكيل جعلته يحدد الرؤيا لصنع ذلك الواقع الإبداعي بجمعه سبل التلاحم من خلال حالات التأمل والتحريض على تنشيط الذاكرة وتشكيل الحلم الأزلي بما يحمله من أمل ما زال يراودنا كلما اصطدمنا بالواقع الصعب في الحياة.
تنقسم أعمال الفنان سمير الدهام إلى ثلاثة محاور تنبع من واقعنا الكبير مؤكداً فيها انتماءه الصادق معه بتمسكه بملامحها التي أصبحت جزءاً من هاجسه الإبداعي تلك المحاور هي أنماط البناء والحياة الاجتماعية بما تشمله من عادات وتقاليد يتنقل فيها كالفراشة من زهرة إلى أخرى حيث نجد في أعماله تقسيماً متنوعاً بين العلاقة بالصحراء وبأفقها الواسع أو بأنماط الحياة الإنسانية فيها كما نجد أيضاً استلهامه للقرية والأحياء والأسواق والارتباط الاجتماعي بين أفرادها مروراً بالعادات والتقاليد والفنون الحركية كالعرضة والرقصات الشعبية.
لقد لامس الفنان سمير الدهام جوانب مهمة في العمل الفني وأخذ له عالماً خاصاً وسمةً في تكوين وتشكيل أعماله بدأ من الخطوط الحادة واختزال العناصر والكتلة إلى معركة تناقضات اللون وتبايناته التي كشف من خلال تعامله معها قدرته على إقناع المشاهد بأن في التناقض والتباين جمالاً لا يمكن إغفاله حيث كشف الكثير من المتابعين لتجاربه السابقة إعجابهم بخروجه من دائرة الشفافية ومغازلة الألوان الهادئة إلى معركة محسومة مسبقاً مع الألوان الصارخة ومشتقاته مع ما يلمح به أحياناً بألوان تدفع اللوحة إلى السكون ففي أعماله الأخيرة يقدم الفنان الدهام مجموعة وتجربة ما زلنا نعيش جمالها وعمق الأداء فيها بما اشتملت عليه من موضوعات استلهمها كما قلنا من محيطه المباشر أو من مرجعيته البصرية السابقة فهو ابن الرياض وعاشق تراث نجد مع ما يتأثر به من مؤثرات بصرية أخرى، يقدمها عبر علاقة مباشرة مع الألوان دون تراجع أو تردد أو مغازلة، فالأسود والبني القاتم يبرزان لتحديد العناصر واللون الأحمر يقف دائماً كبطل لكل إبداع مع ومضات اللون الترابي الذي أضفى على اللوحة حيوية وحياة كونه يعبر عن الصحراء أما اللون الأزرق فللفنان معه علاقة لا تنقطع وفي اللوحة له مكان عبر مساحات شاسعة كالسماء أو لمحات تطل من بين بقية العناصر دون تهميش لدور ولبقية أجزاء اللوحة فالخط يظهر قوياً وجلياً وصارماً أحياناً وفي أحيانٍ أخرى يبرز ليناً حانياً هادئاً، كل ذلك نراه ضمن مضامين اللوحة كبناء متلاحم لا تنفصل فيه الأجزاء بقدر ما تتكامل في منظومة قوامها معالجة سطوح وانسجام في عائلة اللون والخط والضوء والكتلة، محاطة بمصدرها النفسي ليطلق فيها العنان لأحاسيسه وانفعالاته وعواطفه، فالفنان التشكيلي يتعامل مع مراحل متصلة ومتواصلة لا يمكن أن يكتمل العمل في حال توقف إحداها ابتداءً من المؤثر الخارجي أي كان نوعه مروراً بالفكرة وصولاً إلى الأدوات مع ما يتبع الأداء من انفعالات التنفيذ ومواجهة اللوحة لما لتلك الانفعالات من اثر وتحكم بشكل مباشر في إنتاج العمل الفني وإنهائه الشكل الذي يؤهله لإمضاء الفنان ومن ثم عرضه.


monif@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved