الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 11th April,2005 العدد : 101

الأثنين 2 ,ربيع الاول 1426

البوهيمية إشكالية مصطلح
لعل أغلبنا قرأ ذلك الحوار الرائع الذي قام به المحرر الثقافي بجريدة الجزيرة الثقافية وفي ملحقها الثقافي الجميل، ذلك الحوار الذي أعتقد أنه فجر قنبلة مدوية في عمق الثقافة السعودية والثقافة العربية وقد يمتد صدى ذلك الانفجار إلى الثقافة الغربية، وهذا ما أطالب به حيث إن مثقفينا وخصوصا الذين دار معهم الحوار كانوا في أشد الحذر والحيطة والتحرج من ذكر أسماء قد تكون بوهيمية، ومن يقرأ كثيرا عن البوهيمية حتى لو لم يكن مثقفا أو متخصصاً في نوع ما من الفنون وغيرها يدرك ويعلم بأن البوهيمية بحد ذاتها ليست عيبا أو وصمة عار تلتصق بصاحبها. دائما يدور في تفكيري سؤال ولا أدري هل غاب عن المثقفين أو مثقفينا المحليين! هذا السؤال هو: هل ارتبط الإبداع بالبوهيمية أم البوهيمية هي التي ارتبطت بالإبداع؟؟ ويجب أن نستفيد من هذا السؤال أشياء كثيرة منها أن هناك بوهيميين ويجب ألا نقف عندما نقول (بوهيميين) حتى لا يفهم مثقفونا الأعزاء أن البوهيمي هو ذلك الرجل الرث الملابس طويل شعر الرأس والذقن والشارب. يجب أن نقول إن هناك بوهيميين جعلوا من البوهيمية إبداعا كونهم بوهيميين وسطروا فنا وقالوا شعرا ونثرا ليت بعض أدبائنا يأتون بمثله ولا أعتقد. أنا أرى أن البوهيمية والإبداع أفرز لنا علامة تعجب كبيرة: هل هذا الإبداع من هذا البوهيمي؟ ومن هنا تبدأ الشرارة الصغرى حيث بهذه الجملة البسيطة أكون قد دمرت البوهيمي ككائن بشري له مشاعره وله أحاسيسه وله أحقيته في الحياة مثله مثل غيره وحافظت من جهة أخرى على إبداع ذلك البوهيمي المنهار!!؟؟ دعوني أنظر للبوهيمية من منظور آخر ومختلف لعلي أنعت البوهيمية باسم آخر موجود في معظم قواميس اللغة العربية المهملة على الرفوف. يقال إن أصل البوهيمية من الغجر؟!! والغجر تربطهم علاقة وثيقة مع الفقر والتشرد والجوع وتربطهم أيضا علاقة قوية مع الجمال الطبيعي لدرجة أنه قيل شعرا في الغجرية أو تلك الفتاة التي وصف جمالها وجمال شعرها بالشيء الكثير.
دعوني أعود إلى لب الموضوع وهو البوهيمية في اللغة العربية.. من منظوري أنا أرى أن هناك كلمتين تناسبان البوهيمي البوهيمي الأول هو البخيل والبوهيمي الثاني الزاهد في الحياة فكلاهما يملك مالا ولا ينفقه على نفسه حتى يلمع مع صورته كل لأسبابه المعروفة.
ولكن هل ارتبط الإبداع مع رجل بخيل ومع رجل زاهد وكلنا يعرف ذلك. معظم أمهات الكتب ألفت من أناس زاهدين في الحياة والأسماء كثيرة فهم ذلك الزاهد الإبداع والتأليف والكتابة مما أشغله عن الاهتمام بنفسه فهل يحق لنا وصفه بالمبدع أو بالوهيمي أم بماذا أم أن لكلمة البوهيمي نبرة توحي بأن البوهيمي شخص متخلف؟؟ هذا غير صحيح البوهيمية والبوهيميون هم جمال الطبيعة التي لم تغير فيها ولم تؤثر فيها الصناعات الحديثة ولا القصص البوليسية ولا أفلام هوليود الكرتونية. البوهيمية هي قد تكون من حفز وألهم ذلك الرجل الذي جعل من نفسه شعلة تحترق من أجل أن تقرأ عيني وتسمع أذني قصصا وروايات وشعرا أعيد قراءته أكثر من مرة.. أنا أرى أن البوهيمية لا تستحق بأن توصف مثل ما ذكر الأخ سعيد الزهراني (فيوزه ضارب) بل يجب بأن توصف في لغة الثقافة بوصف أجمل من ذلك كأن يقال البوهيمية هي (الإلهام) أو (الإبداعية المفرطة) أي أنه رجل مبدع أفرط في إبداعه حتى باتت كتاباته في يوم من الأيام ستدرس في الجامعات والكليات وتمثل في المسارح. إنني أستغرب ممن يقول بأنه سيرفع دعوى قضائية ضد المحرر الثقافي بجريدة الجزيرة فهذا ما نحن نحتاج إليه أن تواجه الشجاعة الثقافية بدعاوى قضائية في المحاكم عجبا إن هذا الحوار الذي قام به المحرر الثقافي بجريدة الجزيرة أنعش الذاكرة كثيرا ونفض عن ثقافتنا غبارها وأفاقها من سباتها الطويل فهل نواجه هذا بدعوى قضائية ؟؟!! دعونا ننطق بالحق حوار البوهيمية الجريء لم يكن ليطلق الاتهامات جزافا على مثقفينا الذين أخذوا الأمر على محمل شخصي أو أنهم مقصودون بالإساءة فالأخ الزهراني أكبر من أن يكون من هذا النوع إنما أراد أن يضيء شعلة في غرف الثقافة المغلقة التي لفها الظلام.. وأراد أن يفتح لنا بابا تطل ثقافتنا منه على العالم الآخر ويطل العالم الآخر بثقافته علينا من هذا الباب؟؟ دعوني أوجه دعوة للأخ الزهراني بأن يستضيف من كل دولة مثقفا عربيا وخصوصا من المغرب العربي ليدلوا لنا برأيهم عن البوهيمية التي ربما أسيء فهمها من قبل البعض وخصوصا المثقفين. دعونا نحاور البوهيميين المبدعين أنفسهم ونناقشهم دعونا نستضيف مثلا البوهيميين الراحلين عن هذه الدنيا مثل الشاعر اليمني الكبير عبدالله البردوني فهو أعمى بصر ولكن شعره وأدبه أنار عقول الكثير من البشر وعندما أقول نستضيفه وهو راحل عن الدنيا أعلم بأن شعره وأدبه سيحل مكانه ليجيبنا عن كل التساؤلات المطروحة حول البوهيمية وذلك بالبحث في حياته الشخصية والأدبية وكيف كان يعيش. أيضا دعونا نستضيف الفنان فان جوخ والذي كان يرسم لوحاته في حظيرة الأغنام؟؟


أحمد حسن سعفة
q1q1@uae.us

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مسرح
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved