الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 11th September,2006 العدد : 170

الأثنين 18 ,شعبان 1427

العقل.. والظلم..
تأملات في الإنسان..؟ 1 - 2
نورة الغامدي
قال بعض أهل العلم لما أهبط الله تبارك وتعالى سيدنا آدم إلى الأرض أتاه جبريل عليه السلام بثلاثة أشياء: الدين، والخلق، والعقل فقال إن الله يخيرك بين هذه الثلاثة فاختر، فقال يا جبريل ما رأيت أحسن من هؤلاء إلا في الجنة، ومد يده إلى العقل فضمه إلى نفسه فقال للآخرين اصعدا فقالا: أمرنا أن نكون مع العقل حيث كان. فصارت الثلاثة إلى آدم عليه السلام.
ولعل سائلا قد يسأل ما سر هذه المقدمة؟ ولما حفرت في بطون الكتب لأجد ما يملأ قلبي قناعة بما أريد إيصاله إلى كل قلب وضع الله فيه حساً عالياً وشعوراً راقياً.. قلبا اختار الحق مسارا له والحقيقة مأربا لا يتوقف بحثاً عنها ولو كلفه ذلك دنيا يصيبها أو منصباً يطمح إليه ويصم من أجله أذنيه عن الحق والحقيقة، ولعل بيت القصيد في قول بعض أهل العلم عن سر اختيار سيدنا آدم عليه السلام للعقل ذلك لأن العقل أعظم نعمة أنعم بها الله على الإنسان لكون الشيطان لم يكابد شيئاً أشد عليه من إنسان عاقل. وكلنا يعلم أن ذوي العقول النيرة في كوننا هذا كذرات الرمال فما أكثرهم في حقول الدين والعلم والسياسة والاقتصاد، وفي سياق التطور التاريخي ما يثبت أن العقل صنع هذا الكون بقدرة الله عز وجل. ولكن ماذا يحدث في حياة العامة وهل العقل البشري النابض يخدم أولئك الذين على باب الله أولئك المظلومون المنسيون في دهاليز الحياة.. وهل أصبحت حكايات المظلومين تمر في حياتنا كما أصبح منظر الجنائز المحمولة على الأكتاف لا يهتم لمرآها أحد؟ وهل تستشعر العقول وهي في مضاجعها فجيعة إنسان ظُلم حتى ولو كان بصفعة على رأسه في مشادة بسيطة؟.. ماذا تعتقدون أنه ينتظر من أصحاب العقول؟؟ لعل هذا المظلوم لا يريد منهم سوى أن يبحثوا معه عن الحقيقة؛ لأن المظلوم عادة حينما يصل إلى حد اليأس يشعر أنه مهما تحدث أو مهما دافع عن نفسه فلن يصدقه أحد فيتقوقع على نفسه ومع الزمن يدخل في صمت حتى أنه لا يقوى على الكلام لشدة ما به من أذى داخلي في نفس كسيرة بل قد تنقلب أموره إلى درجة يدخل فيها مرحلة المرض والاكتئاب ولا (عقل) تحت شمس هذه الأرض تسأل أو تتساءل عن وضع هذا الإنسان الذي يسير جنباً إلى جنب معه يلقي عليه تحية الصباح والمساء ويشاطره مكتب العمل ويضحك له برياء كاذب تزيد من صميم المأساة لأنه يرى فيمن حوله أنهم مجرد أصابع خشنة بمخالب حادة تنتهج لغة التعريض دون التصريح وتؤثر الخفي على الظاهر. فأين العقل في مثل هذه العلاقات بين الخلائق؟ أين العقل المبدع، الحر، العامل النابض، العقل المحرك لقوة الكون، أين العقل الذي مكن الإنسان أن يرى الكون من خلال الكون بفضل غزو الفضاء وبفضل الثورة العلمية والتكنولوجيا.
إن هذا العقل الذي لا يتوقف ساعة ليتفكر في ظلم وقع على أخيه الإنسان ليعدو أزمة تزيد من أزمة الإنسان العربي.
الظلم ظلمات وإذا استفحل في هذه الأمة على مرأى ومسمع من ذوي العقول فلا غرو أن نهزم ونحن في عقر دارنا وأن يجد كل عدو لهذه الأمة منفذاً مريضاً يدخل منه إلى معتقداتنا وفكرنا ووحدتنا.. ولعل العقل النابض في الصدور الحية قد يتصدى لمثل هذا الداء الذي استشرى بين الناس. قالت لي إحدى السيدات ونحن في رحلة سفر في بلاد الله: أنا لا أريد أن آخذ حقي ممن ظلمني بقدر ما أريد من ذوي العقول أن يقفوا قليلاً مع الحدث بالتحليل البسيط.. كيف حدث هذا؟ ولماذا يحدث؟ وأين هي نقطة الضعف أفينا أم في المجتمع المحيط؟ فإن كانت فينا فلا عيب أن نقرأ عيوبنا وضعفنا من خلال مراجعة أنفسنا أو استشارة عقول أقوم وأعدل وإن كانت في المجتمع فلابد هناك خلل فالمجتمع بلا نقاش قد تراخى وتهاوى دينيا وخلقياً حتى اختل الأمر لأن المجتمع بلا منازع هو الذي يقوم بضبط مثل هذه الظواهر عن طريق العقل لدى أصحاب العقول. وإني أتساءل: هل المجتمع بالفعل قد تخلى عن دوره في دفع مثل هذه العقول النيرة إلى التصدي لمثل هذه الظواهر السلبية التي تسيء للدين والوطن فأفضى هذا التخلي إلى (الكبت) ومن ثم توارت العقول خلف الإنجاز المادي البحت وإذا ما حاولت المواقف تحريكها أدى ذلك إلى التوتر والتخلي عن الواجب الذي تمليه العقول على أصحابها في تلمس الحقيقة أو حتى البحث عن هذا المظلوم في دهاليز الحياة لنقول له لا بأس نحن معك ثم نقبل جبينه فقط ليعيش!!!
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved