الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 11th September,2006 العدد : 170

الأثنين 18 ,شعبان 1427

الحارث
حصة العتيبي
الصدفة.. جعلت لظهر ذلك اليوم بريقاً وأغنية حالمة.. تستجدي ألحانها عبر الشوق المرسل إلى المزن كي تسقي عيوناً قد طال جفاف دمعها وانتظارها لمعانقة المطر الحنون.
في ظهر ذلك اليوم من تلك السنة.. كان للعناوين أجنحة.. للرحلات مسار.. للتذاكر ألوان.. وخط رجعة.. كان للأماني وجود وترانيم أغنية.
كي ترتبط تلك الأغنية مع الأمنية لا بد لها من مناخ خصب يطري دفتها لتبحر بالنغمات نحو عالم ساحر من الأفق المستكين في أحضان النجوم البعيدة.
وهكذا لا تتوقف الأماني أحياناً عن عتبة الأغاني، بل تتجاوزها في معظم الأحوال نحو ضباب يخطف الصبر من نزرات الأعين حين تنتظر أن تلعب الصدف لعبتها.. فتحتار بتفسير ابتسامة الأحلام الغافية وسط كون ساحر من الرقة والنعومة بحيث لم يشعر أحد من مرددي تلك الأمنية بأن هذا قدرة... الوو... يأتي الصوت خجولاً... متوارياً خلف اسئلة عديدة عن ماهية الرقم وصاحبه.... يبدو أنني أخطأت..اعتذاراتي!
لا بأس.... شكراً..... يأتي الصوت الآخر هامساً أكثر منه هاتفاً ومستفسراً وداعياً للاستمرار.. الوو... لا بأس... الووو.. (يا إلهي ما أجمل النغمة الخجلى وهي تتكرر في الأذن.. ليتني أسمعها مرات ومرات).
ما أروع ان يتكرر الخطأ... ولكن في هذه المرة كان متعمداً... ليتني لم أزعجك... تأتي الموافقة على قبول الازعاج والرغبة فيه! أيضاً لا بأس... جميعنا نخطئ.... شكراً تسترسل خطى الأصابع في التقدم نحو مذكرة صغيرة.. هنا أدوّن الرقم.. وهنا سأدون عدد الاتصالات.. وهنا سأرسم علامة فارقة للنغمة الخجولة والصوت الدافئ.... يا إلهي تتأوه النفس كيف لها أن تجد معالم طريقها وهي لا تدري إلى متى يستمر هذا التغابي... وهذا التعتيم في الرغبة الملحة في المفاتحة... إلى متى؟
وتمتد مرة أخرى.. اليد الأخرى لتجعل الأرقام التي أمامها مكتوبة حتى لا يغفلها النسيان من ذاكرة قلب بدأ يتحرك ببطء معلناً عن وجوده.. ومع ذلك.. تأتي الأمنيات بأن يتكرر الازعاج أكثر من مرة.. واكثر من مرات. وبسرعة.. يتم حفظ الأرقام في الذاكرة.. وتاريخ اليوم.. ولحظة التهاتف من الطرفين على استمرار الحديث والذي لم يزد على ثلاث جمل او اربع... كأن هناك اتفاقا مابين ذاكرة الهاتف وذاكرة العين التي ساعدتها الأذن على الحفظ بتودد واضح.
هل حقاً تتغير ألوان الدنيا عندما يشعر الانسان بأن هناك من يبادله الشعور الذي يكبر داخله ويجد في ذلك متعة غريبة، واحساسا بأن الأرض ليست ارضا.
هكذا بدأت الأحاسيس تكبر.. والحكايات تزيد، والصوت يزداد قربا ومودة.. حتى ان بعض الكلمات باتت ذات صدى لايتوقف.. تجده الأذن أغنية،، لحناً،، قصيدة حالمة لا يتقنها سوى العشاق.
أحياناً تأتي الأخطاء مصادفة، لكنها لا تلبث إلا أن تحتل مكانة في ذاكرة العين التي تسترق النظر من خلال شفافية الصوت وقبول الصدف بنداء صامت، أغنيته صامتة، همسة واضح بلا أحرف. لكنه يصل.. بدون مقدمات في أحيان كثيرة.
في لحظة... يصبح البحث عن مثل هذه المواقف كمن يحرث بلهفة باحثاً عن كنز.. مسترقاً رائحة الثرى الندية من حضن الأرض الرؤوم الغنية بانواع كثيرة من الكنوز والمعادن المتنوعة والمختلفة.. كل بحسب استعداده للظهور بضربة من يد الحارث الباحث عن الحب والأمان بأرض كلها أحلام وزهور يانعة، واصوات ربيعية تهديها لكل المارقين من هنا.
ألو... تأتي هذه المرة بطعم مختلف.. لونها كزهر الربيع الحالم.. عطرها يسبق غناءها وصوت الطرب فيها.. يطرز الحلم بألوان تشبه النور المتسلل داخل النفس المترقبة لخيوط الهوى وهي تتدلى متجهة مباشرة نحو قلب ينبض بلهفة الانتظار.
الو.. كنت انتظر..!
(تأتي العبارات مختلفة.. لها عبق الأشواق.. ولون المطر). الو.. وانا ايضا كنت انتظر..!
(يقابل الاختلاف هنا.. اعجاب بالخجل.. وابحار في عالم الصوت الدافئ) تسترد الحكايات عافيتها، فتبدأ كزرع بدأ ينمو للتو (تعتني به يد الحارث.. تبقيه غافياً في روضة صغيرة لايتقن انعاشها سوى هو).. يكبر مع الأيام.. فيكون حضناً لكل الثمار التي تطرحها في بستان الأيام المزهر بشغف الانتظار لكل اللحظات القادمة.


hkhma6@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved