الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 11th October,2004 العدد : 80

الأثنين 27 ,شعبان 1425

وشاية الظل للغيمة..!!
غادة عبد الله الخضير
تغيب كsثيراً..
أوليس للمطر أن يهطل إلا في المكان الذي تختاره الغيمة؟
هذه الأرض صارت أليفة الظل والجفاف معاً..
والظل لا يكف عن وشاية الغيمة أن المطر.. غرق..
وأن قليلاً منه ينبت العشب الذي لا رائحة له..
ويسقي الأرض لكنه لا يغري الطين بيقظة..
تغيب كثيراً..
وظل الغيمة يسكت الجفاف حينا..
لكنه وإن زادت وشايته للغيمة عن المطر..
لا ينبت العشب الذي يسرق رائحة اللقاء..
ولا يسقي الأرض التي غادرها فرح الطين منذ زمن..
ولا يغري أعواد الحطب بالاشتعال..
الظل عاجز عن تحريك ذاكرتي..
لا أذكر أني خرجت به رمزاً من فراقنا الأخير..
لا أذكر أني توجته بنص ذات لغة..
لا اذكر أني وقفت على مسافته أنتظر مطر غيمة..
تغيب كثيراً..
لا تصدق ما يقوله الظل عن المطر للغيمة..
وأجبني..
أوليس للمطر أن يهطل إلا في المكان الذي تختاره الغيمة؟
***
يجمعنا الورق والحبر معاً وفي نهاية اللغة ننتهي.. حتى يجمعنا ورق وحبر وبعض الكلمات التي اكتبها أرتبها وأكذب فيها بصدق.. أقول فيها أن النسيان أعظم ملكات الذاكرة ان استطاعت أن تنسى.. وإذا استطاعت أن تبعثر حروف الكتابة ليخرج النص في نهاية السطر.. لا علاقة له بنوايا الفكرة الأولى.. هنا للذاكرة أن تفرح إنها تمارس النسيان بنباهة شديدة..
لكن يأتي نص آخر ويجمعنا.. نلتقي بين أسطره كأننا ما افترقنا.. فإذا جاء السطر الأخير عدنا لنفترق.. وربما كتبنا خاتمة لا علاقة لها بفكرة اللقاء والفراق كأننا نتحايل على اللغة.. أو ربما ما عدنا نفرق بين لقاء وفراق عندما تنطفئ الذاكرة ويشتعل النسيان وتصبح أشياء الكون الصغيرة هي لغة نصوصنا.
وصدقاً تصبح أشياء الكون الصغيرة هي رموزنا الكبيرة لنص جديد وجميل قد نصفق له ونحن نقرأ أكاذيبنا الصغيرة عن أسرارنا الكبيرة أو العكس.
الرموز كانت ميراثنا العظيم من الحياة، عليها استقرت لغتي منذ فراقنا الأول.. لهذا عندما جاء الفراق الاخير لم اكترث للحزن بدقة لقد كانت حقائبي مكدسة بالرموز ورأسي كان بارعاً في أن يخلق نصاً في ثوان فلقد صار الورق والحبر لعبتي.. بعدما كانا محطة لقاء لنا بين لغة ولغة.
الرموز ميراثنا العظيم وكسوة صدقنا عندما يريد هذا الصدق أن ينطق الحزن حزناً والشوق شوقاً والبكاء بكاءً والألم ألماً، وتزداد عظمة هذا الميراث عندما نعاود قراءة رموز نصوصنا فلا نعلم ما الذي قصدناه بالمطر والنار والجمر والفصول في حينها.. إننا نتحايل بالرموز على المعنى.. حتى نفقد المعنى، المعنى ويصبح للرمز ألف معنى ويضيع النص بين مكر ومكر..
يجمعنا الحبر والورق معا وكثيرا من الرموز..
أما النص الحقيقي الذي يأتي ممزوجاً باللحظة الأولى والكلمة الأولى والذكرى الأولى ممزوجاً بأوائل كل شيء ذلك النص صار لا يأتي.. صار عصياً على الحبر والورق فلم يعد يجمعنا شيء.. صرنا نختصر العمر بالرمز..
صرت أقول شيئاً يشبه هذا وقد لا يكون هو: العمر دونك (مطر لا يأتي لقد صدّقت الغيمة وشاية الظل!!).
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved