الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 11th October,2004 العدد : 80

الأثنين 27 ,شعبان 1425

بين الذاتية والموضوعية
د. علي بن محمد الرباعي الباحة

تابعت بتأمل متأنٍ (ملامح نقاشات) الكتبة الدائرة تحت رحى الطرح الموجع أحياناً والمفجع احايين اُخر والمبهج في قلة من كرم الأحيان!! واستشعرت بصدق أن هناك ما يشبه الصراع الخفي بين تيارين أحدهما يدعي تمسكاً بالتقليدية والآخر يدعو علناً إلى التجديدية إلا أن أساليب (الحرب) تنم عن (نوايا مبيّتة) لتصفية حسابات ميتة!! وسبحان الذي أحيا ومازلت أحاول الوصول إلى دواعي التدافع وبواعث التراشق فنحن بحمد الله لا نعاني من أزمة الفراغ الدستوري حتى يأتي من يملؤه!! ولا نشكو من عجز سياسي ليبرز من يداويه فعلام الصراع؟! وما الكعكة التي تشد الرحال إليها؟!!
سادتي معاشر الكتاب: لقد أتقن دهاة العرب على مر العصور (آلية) إخراج القضايا من عموميتها إلى (الخصوصية ومن الموضوعية إلى الذاتية) وها هو عمرو بن العاص رضي الله عنه يعترض على معاوية رضي الله عنه بين يدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكأن عمراً يخطّئ معاوية وهو يتحدث عن ولايته في بلاد الشام: فيقول معاوية: أعملي تُعيب؟ هلم تخبر أمير المؤمنين عن عملي وأخبره عن عملك؟! قال: عمرو: فعلمت أنه بعملي أبصر مني بعمله وأن عمر لا يدع هذا الأمر حتى يصير إلى آخره!!
فأردت أن أفعل شيئاً أخرج به من هذا الحرج وأُشغل به عمر فرفعت يدي فلطمت معاوية، فقال عمر: ما رأيت رجلاً اسفه منك!! قم يا معاوية فاقتص منه!! قال: معاوية: إن أبي أمرني ألا أقضي أمراً دونه فأرسل عمر إلى أبي سفيان: فلما: أتاه: ألقى له وسادة وقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه) ثم قصّ عليه ما جرى! فقال أبو سفيان: ألهذا بعثت إليّ!: أخوه وابن عمه وقد أتى غير كبير وقد وهبت له ذلك!! فخرجوا من عنده جميعاً إخوة متحابين بعد نجاح عمرو بن العاص وبدهاء في جرّ القضية إلى (الذاتية) وهنا أترك القصة في متنها (تصرخ) وأعود إلى الحاشية: فمع انتهاء الملتقى الأول للمثقفين السعوديين من 118 إلى 138 1425هـ خرجت علينا أصوات: تريد بعثرة الجهود بدلاً من توحيدها وزلزلة الأرضيات عوضاً عن توطيد دعائمها وإشاعة الانقسام برغم إمكانية الانسجام!!
وبعد أن تأملنا أن (نتعاون فيما نتفق عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما نختلف فيه)..!!
جاء من يلقي علينا دروساً في الوطنية وإذا ما سلمنا بالخصوصية فالتعددية داعم لها لا تضاد معها التعددية فطرية والخصوصية: مكتسبة!! والاستمرار في منهجية (كيل التهم) عيب يستحي من مثله (مثقف) دارس علم شرعي يذهب ليصنف الناس وفق هواه ويتهم (مسلماً) بأنه من دعاة (التغريب) والحاقدين على الإسلام!!؟
هكذا طرح: وللمعلومية يشوه صورتنا أمام الآخر ولن يرقى هذا الخطاب ليبلغ أفئدة (مليار مسلم) يعولون على مثقف بلادنا كثيراً!! لقد دُهشت وأنا أسمع واقرأ لأصوات وأقلام تحاول استمداد شرعيتها من المجتمع فتظن أن هذا (الحزب) قد أجرى استفتاءً وحصل على أصوات الأغلبية من أبناء مجتمعنا ليتحدث باسم المسلمين في بلادنا!! وهذا توهم الناس في بلادي مسلمون لا أشك في ذلك: لكنهم ليسوا مسيّسين كما يظن البعض: وإذا كنا سنتهم المعاصرة بأنها تريد فيما تريده (هدم الأخلاق) فإن بعض التقليديين (يسعون لهدم الكيان!!وهذا أجلى من أن أُجليه!!
الناس في بلادي (مثقفون) يدركون أن الوسطية ( لا تسعى لمنصب سياسي ولا تدعو للخروج على ولي الأمر ولا تتلقى (هيكلتها) وإطار عملها من الخارج سياسة دولتنا التي هي دولة الجميع مستمدة من الشرع والمصالح ومساحة الوطن مساحة للجميع.
وإطار الحكومة إطار إسلامي إلا أنه إسلام الدولة لا إسلام الحزب!!
وإسلام الوطن لا إسلام الجماعة وإسلام الأمة لا إسلام أفراد!!
وعلى من أهلكوا أنفسهم بالوصاية أن يرفقوا بها فالناس في بلادي بخير طالما الوطن بخير وولاة الأمر بخير والوسطية بخير ولن ينازع الأمر اهله إلا هالك!!
سؤالي في الختام: هل سنوفق في إيجاد أرضية مشتركة للثقافة تبهج ولا تحرج؟!!
أم سيسعى كل فريق لحرق أوراق الفريق الآخر وإن على حساب سمعة الوطن؟!!
معالي السيد القصيبي: يعرف الجواب!!!
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved