الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 11th December,2006 العدد : 180

الأثنين 20 ,ذو القعدة 1427

عصامية الثقافة وثقافة العصامية!
عبدالرحمن بن محمد السدحان

* حين شرفتني (الجزيرة) الغراء بطلب مشاركتها مبادرتها النبيلة لتكريم معالي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري عبر ملحق خاص عنه، نازعتني الحيرة، واستبد بي السؤال: كيف ومن أين أبدأ حديثاً عن هذا الإنسان العملاق صيتاً وتاريخاً ومكانةً؟
* كان هناك هاجس يهمس في أعماقي أن أي شيء سأكتبه عن هذا الرجل سيسبقني إليه (ألف عكاشه) ممن عرفوه فأحبوه، وقرأوا له أو استمعوا إليه فأجلُّوه، وسيتبارى في الحديث عنه التمبارون من أولئك وهؤلاء، فماذا سيبقى لصاحب هذا القلم المتواضع من ذِكر يُذكَر حين يتصدى للحديث عن رجل في قامة العصامي تكويناً وثقافةً وأدباً، معالي الشيخ عبدالعزيز التويجري؟!
* أعلمُ سلفاً، ومثلي الكثيرون، أن معالي الشيخ التويجري، خاض مسارات طويلة وصعبة ومعقدة عبر مدة تناهز ثلثي القرن في خدمة هذا الوطن ممثلاً بجهاز الحرس الوطني منذ نشأته الأولى، وكان معاليه خلالها نِعم الولي في كل ما كُلِّف به من مهام جسام!
* وأعلمُ سلفاً ومثلي الكثيرون، أن معاليه كان يعمل بإخلاص وولاء قريباً من سمع وبصر سيد هذا الكيان، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أيده الله، منذ أن تسلّم ولاية الحرس الوطني تشكيلاً وتكويناً، فكان له نِعم المساعد بعد الله في حمل أعباء البناء والتطوير لهذا الجهاز الحضاري الضخم، عُدةً وعَدداً!
* ورغم ما ذُكِرَ وما لم يُذكر من سيرة هذا الرجل الكبير، شخصياً ومهنياً وإدارياً، تظل هناك أمور ملفتة في حياته تستحق وقفات من التأمل ثم البوح بها جهاراً، أهمها أن له قامة ثقافية جميلة شكلتها عصامية نادرة وإرادة متينة، فهو ليس خرّيج جامعات، وليس من حملة (الدال) الذهبية التي يخطب ودَّها شباب اليوم، ويهفون إليها لسبب ومن دونه، لكنه مثقف ثقافة سخية نذر لها ذهنه ووجدانه عبر السنين، وخدمها بعصامية صافية لا تعرف الكلل ولا الملل، فكان يقرأ ويكتب ويتحدث في مجالسه عن شؤون الكون والتاريخ والحياة، ثم قرر منذ سنين خلت أن يُفرج عن مخزونه الفكري ممثلاً في عدد من الكتب القيمة، كان كل واحد منها حديثَ الخاص من الناس والعام.
* وبمعنى أكثر دقة، كان شيخنا التويجري عاشقاً للثقافة، مبدعاً فيها، وصانعاً لها، ويتمثل ذلك في عدد من المحاور، من أهمها ما يلي:
أولاً: يُصنِّفُ بعضُ المتابعين عن قرب لثقافة وعصامية الشيخ التويجري بأنه (الأب الروحي) لمهرجان الجنادرية للثقافة والتراث، وأنه نجح في خلق (توأمةٍ) رائعة بين التاريخ والتراث من جهة، وبين منجزات الحاضر وإبداعاته من جهة أخرى، فكان أن أصبحت (الجنادرية) رمزاً مضيئاً لحراك ثقافي شامل تشهده بلادنا منذ نحو عقدين من الزمن، فتشْرَئبُّ له الأعناق وتشدُّ إليه الرحال من داخل هذا الكيان وخارجه، عربياً وعالمياً، ويتبارى في إحياء وقائعه ويتسامر بشأنها المفكرون والمبدعون، أدباً وفكراً ومسرحاً.
ثانياً: يرتبط معالي الشيخ عبدالعزيز التويجري بجسور قوية من الصداقات مع العديد من الرموز الثقافية في الوطن العربي، ويتواصل معهم عبر الكلمة المكتوبة والمسموعة، وكانت معظم هذه الصداقات رافداً مهماً لإثراء مهرجان الجنادرية كل عام، فكراً وشعراً وفناً!
ثالثاً: انتج معالي الشيخ التويجري العديد من الكتب الأدبية والتاريخية المؤثرة، أودعها جزءاً من (ترسانة) عصاميته الثقافية، تاريخاً وتأملاً لكثير من شؤون الناس والأدب والحياة.
وبعد،
فإن الحديث عن معالي الشيخ عبدالعزيز التويجري معين لا ينضب، وما ذكرته في السطور السابقة ليس سوى فيض من غيض، وأدرك أن هناك من هو أذكى مني حيلةً وأجدى خبرةً وأثرى باعاً للحديث عن هذا الرجل الذي أشعل ذهنه فكراً وإبداعاً، فانشغل الناس به وبما صنع، وأحسب أنهم سيتحدثون عنه ويتسامرون بمآثره زمناً طويلاً.
* اختم هذه المداخلة باقتراحين:
* الأول، أن يبادر أديب ممن عرفوا شيخنا التويجري وعاصروا عصامية أدبه عن كثب وقرأوا آثاره واستمعوا إلى مداخلاته ومطارحاته الفكرية ليضع عنه كتاباً يؤرخ له مواطناً ومسؤولاً وأديباً وباحثاً ومفكراً، وأتمنى أن نرى هذا الكتاب قريباً بإذن الله، وينازعني الظن الحسن أن الصديق الدكتور أحمد بن عثمان التويجري، المربي والشاعر والأديب المعروف، ربما راق له هذا الاقتراح بالتصدي له تفكيراً وتنفيذاً، فهو، فيما أعلم، من بين (حواريي) شيخنا الأديب الكبير، وله من المعرفة به في المسارات التي ذكرتها ما يمكّنه من الكتابة عن هذا الرجل كتابة تليق به توثيقاً لمآثره وتكريماً.
* أما الاقتراح الثاني فهو أن يكون معالي الشيخ عبدالعزيز التويجري ضيف (مهرجان الجنادرية) لهذا العام 1427هـ فقد آن الأوان لتكريمه حياً، من قبل هذه المؤسسة الثقافية العملاقة التي أسهر لياليه وأشقى أيامه سنيناً هو من معه من الأخيار، ليجعلها ملء الأسماع والأبصار، محلياً وعربياً، ودولياً!
* حفظ الله أبا عبدالمحسن، وكساه حُللاً من العافية والقوة ليستأنف حضوره المؤثر في ذاكرة الثقافة والمثقفين.
الصفحة الرئيسة
عدد خاص
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved