الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 12th January,2004 العدد : 43

الأثنين 20 ,ذو القعدة 1424

واقع الفن التشكيلي المحلي (1-3)
رغم القناعة بأن الجود من الموجود
صالات العرض المتخصصة من أبرز مشاكل الساحة التشكيلية
محمد المنيف

تأتي القاعات وصالات العرض من أهم وابرز العقبات والمشاكل التي تعيق مسيرة الفن التشكيلي رغم المحاولات المستميتة من قبل الفنانين او منظمي المعارض تجاوزها واصبح الحصول على صالة عرض أو قاعة لاقامة معرض من المعارض الشغل الشاغل والهم الملازم للفنان له عند إنجاز أي أعمال تتطلب العرض بل ان في وجود قاعة عرض متخصصة وثابتة حلماً من الأحلام التي لا يرجى تفسيرها او تحقيقها وخصوصا بعد أن فرطت بعض المؤسسات ذات العلاقة في إدراج مثل هذه المرافق والقاعات في خطط مشاريعها المستقبلية على أسس وتصاميم هندسية عالمية ليستبقوا بها الزمن إعداداً وتجهيزاً لتتوافق وتخدم ما تحقق اليوم من حصيلة كبيرة من الأعمال ومن الفنانين أسوة بمختلف الدول العربية والعالمية ولنكون منافسين لها كما نحن في الكثير من المظاهر الحضارية في العلوم والفنون والمستوى الثقافي العام في عمر قصير. مع ان الفنانين كانوا على مقربة من بصيص امل عبر الوعود ما جاء على لسان رئيس مجلس إدارة جمعية الثقافة والفنون اعتزام الجمعية إقامة عدد من القاعات على أراض منحت للجمعية في عدد من مناطق المملكة.
هذا الواقع الذي يمثله الافتقار للمكان اللائق دفعت الفنانين لقبول العرض في قاعات عامة أنشىء الكثير منها لأغراض غير الفن التشكيلي وافتقادها اقل التجهيزات التي تتطلبها ظروف إقامة مثل هذه المعارض فوجد الفنانون والمعنيون بتنظيم وإقامة المسابقات والمعارض الرسمية أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مر.
المهم هنا أن الحديث عن صالات عرض الفنون التشكيلية الحالية يكشف أبعاداً كثيرة وواقعاً مؤسفاً في الكثير منها حينما نتساءل عن مستوى خدمتها لهذا الفن الذي تحقق له دعم لا متناهٍ من قياديين في الثقافة والفنون على أعلى مستوى نتج عنه حصيلة في الأسماء التي تضاهي بإبداعاتها الفنانين العرب ممن سبقونا وتسعى للمنافسة العالمية لينحصر القصور في هذا الجانب المكمل للدعم السابق مع ثقتنا بإمكانية تنفيذه.
وعند القيام بدراسة ميدانية نجد نوعين من القاعات او الصالات منها الرسمي ومنها التجاري لكل منهما نصيب من السلبيات والإيجابيات مع أن التجارية منها تندرج في سياق محلات بيع الانتيكه والصور المستنسخة للوحات أجنبية واكسسوارات تجميل المنازل من تحف وخلافها.
ولنا أن نذكر الأكثر خدمة للفن التشكيلي والقاعات التابعة لجهات معنية بالفنون ومنها القاعات التي أنشأتها الرئاسة العامة لرعاية الشباب في مكاتبها الرئيسية المنتشرة في مختلف مناطق المملكة مع أن تلك القاعات مغيبة إلا من بعض المعارض وفي حدود ضيقة لم يعد لها وجود حالياً وكذلك القاعات التابعة لوزارة التربية والتعليم وتتواجد في إدارات التعليم مع أنها قليلة وغير مهيأة هندسياً لمثل هذه المعارض لم يستفد منها الا في مجال المعارض المركزية للتربية الفنية في مرحلة من مراحل الإنتاج وكثافة نشاط هذه المادة إلى أن تقلصت فأصبحت في حدود المعارض المدرسية مما يعني عدم الاستفادة منها للمعارض التشكيلية التي نعنيها هنا ويتواجد المبدعون فيها في كل تلك المناطق والمحافظات.
تاتي بعدها قاعات تجمع بين التجارية والرسمية وهي قاعات الفنادق التي تضع بعض الشروط أو الرسوم مع ما يحيطها من صفة الخصوصية والتحفظ من قبل الجمهور ومن قبل أصحاب الفنادق وخصوصاً في حال رغبة طلبة المدارس في الزيارة فمن تلك الفنادق من يضع نسبة للعرض ومنه من يقدم القاعة مجاناً لكسب مساحة من الدعاية التي ترافق المعرض ومن الحضور الرسمي عند الافتتاح مع وقف التنفيذ لأي خدمات أخرى إذ تبقى مسائل الضيافة على الفنان.. مع هذا ورغم أن القاعات الرسمية أدت دورها بشكل كبير مع التحفظ على ما تفتقر إليه من المتطلبات أو المواصفات الخاصة بإقامة المعارض كونها أنشئت لأغراض أخرى ونعني هنا بالمواصفات ما يتعلق بأسلوب الإضاءة والشكل العام لتقسيمات الصالة لتتلاءم مع ما يتم عرضه فيها لمختلف الأعمال الفنية من لوحات ومجسمات وأعمال ذات مقاسات كبيرة رأسية أو عمودية أو أعمالا فراغية تحتاج إلى فضاء رحب في وضع الصالة ومنها مستوى ارتفاع السقف إضافة إلى مصادر الضوء الطبيعي وكيفية التحكم في دخوله للقاعة مراعى في ذلك المساحات المخصصة للعرض، إلا أن تلك القاعات بما هي عليه من نقص كانت المنقذ الوحيد للأزمة التي يمر بهذا الفن ولنا ان نستعرض بعض تلك القاعات وخصوصاً في العاصمة الرياض وهي الأبرز منها:
* صالة المعارض في متحف الملك عبدالعزيز التاريخي وتقع ضمن متحف الملك عبدالعزيز المعلم التاريخي والثقافي الكبير حيث يضم العديد من الأقسام والإدارات والقاعات الثابتة المشتملة على نماذج من الآثار التي جمعت من مواقع أثرية في المملكة إضافة إلى كل ما يتعلق بالتاريخ والحضارة في الجزيرة العربية التي لا يتسع المجال للحديث عنها في هذه العجالة من موضوع خاص بالقاعات والصالات في مسيرة الفن التشكيلي مشيرين إلى وجود قاعة للمعارض في المتحف تستقبل المعارض التي يتم تنظيمها من خارج المتحف وغير ثابتة وتجد هذه القاعة إقبالاً كبيراً وخصوصاً من طلبة المدارس والجامعات إضافة إلى زوار المتحف مع أنها لم تكن مصممة بشكل خاص للفنون التشكيلية وإنما لكل المناسبات ومختلف المعارض الثقافية، وقد أقيم في هذه القاعة العديد من الفعاليات والمعارض ومنها معرض مجموعة الرياض للفنون التشكيلية ومعرض الفنان زهير طوله ومعرض الفنان الدكتور محمد الرصيص وغيرها.
* صالة المعارض بمكتبة الملك عبدالعزيز «فرع المربع» تحتوي على إضاءة عصرية متميزة يمكن التحكم فيها بناء على الشكل والمساحة وتعطي للعمل صيغة خاصة تتحدد من خلالها الرؤيا عند المشاهد دون الانشغال بالمحيط أو الخلفية إضافة إلى الأسلوب المرن عند وضع اللوحات وتعليقها. وأقيم فيها العديد من المعارض منها معرض التصوير الفوتوغرافي للفنانات السعوديات تحت إشراف جمعية الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين.
* صالة العرض بمركز الملك فهد الحضاري وهي معدة إعداداً مناسباً لا يختلف عن سابقاتها إلا بالقليل من حيث الموقع المخصص لها داخل المركز في الدور الأرضي مما يتيح للزوار مشاهدة أي معرض مقام فيها والواقع أن في وجود مثل هذه الصالات بشكل افضل ضمن مثل هذه المرافق ومنها مركز الملك فهد الحضاري او متحف الملك عبدالعزيز او مكتبة الملك عبدالعزيز ما يعزز مكانة الفن التشكيلي، فمركز الملك فهد يقوم بإعداد برامج ومناسبات متعددة الأغراض كلها تلتقي في نهر الثقافة والفكر والإبداع الحضاري مما يتيح الفرصة للمشاركين فيها بمشاهدة أعمال الفنانين كما نجد هذا المكسب في ما سبق ذكره من المواقع إلا أننا نقف أو نعود لنقول إنها لم تكن معدة في الأصل للمعارض التشكيلية بقدر ما نرى أن بعضها قد فرض على الموقع أو لم يكن يخطر على بال المصمم للمبنى باعتباره مبنى ثقافياً وإبداعياً.
* صالة الأمير فيصل بن فهد للفنون التشكيلية بمعهد العاصمة النموذجي والتي انفرد بها المعهد وساهم فيها بخدمة الفنون التشكيلية على مدى عشرين عاما أقيم فيها خلال هذه الفترة ما يزيد عن المائة وعشرين معرضاً منها المحلي ومنها العربي الفردية منها والجماعية شهدت الصالة فيها العديد من المناسبات والمسابقات الأولى ومنها المعرض الدوري الأول لفناني مجلس التعاون والمعرض الأول للفنانات التشكيليات ومعارض أخرى انطلقت مسيرتها من الصالة وقد أطلق عليها اسم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد عام 1420هـ بعد رحيله تقديراً لدوره الكبير والرائد محلياً وعربياً في خدمة الفنون التشكيلية.
مساحتها اكثر من ستمائة متر مربع وتشتمل على دورين يتسعان لأكثر من ثلاثمائة لوحة وأعمال نحت وخلافها وتقع في منطقة حيوية سهلة الوصول وقد أعدت بشكل يتناسب مع متطلبات العرض ولو لم يكن بالمستوى المأمول كما أشرنا في سياق الحديث من إضاءة وروافد ثابت للعرض (استاندات) لهذا لا يمكن أن تقوم مقام ما تطلبه صالات العرض المتخصصة إلا أنها تبقى الأفضل بشهادة الكثير من الفنانين وبمستوى ما يعرض فيها من معارض ولكونها الوحيدة المخصصة للفنون التشكيلية اسماً ومضموناً ويقوم على إدارتها أحد الفنانين التشكيليين.
صالة التطوير
صالة تتبع الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض تقع وسط العاصمة، ذات مساحة متوسطة غير معدة للمعارض التشكيلية إلا أنها ساهمت بالكثير في مسيرة الفن التشكيلي، أقيم فيها عدد من المعارض.
خيمة الأمانة
وتقع في حي الملز على شارع صلاح الدين بجوار بلدية الملز بمساحة لا تقل عن الستمائة متر مربع وهي عبارة عن خيمة كبيرة أقيمت لأغراض خاصة بالأمانة منها معرض عن التطور الحضاري في الرياض فتح بعده المجال لاقامة المعارض المختلفة من قطاعات أخرى ومنها الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي أعادت صياغة وضع الخيمة لتخدم المعارض التشكيلية ولو بأقل السبل والمتطلبات، ساهمت هذه الخيمة باحتواء الكثير من المعارض والمناسبات الفنية من أنشطة مماثلة لوزارة التربية والتعليم والإدارة العامة للتربية والتعليم بالرياض من إيجابياتها وقوعها على شارع عام سهل على المستفيدين منها تعريف المارة بالمناسبة المقامة إلا أن السلبية تتضح عند إقامة المعارض ما يجعل إقامتها المعارض فيها تأتي لعدم وجود بديل عنها وعن مثيلاتها مما تم استعراضه.
ومع هذا كله يبقى الأمل كبيراً في قادم الأيام بأن يرى الفنانون التشكيلون قاعات عرض رسمية تقوم على دراسة متخصصة وتصميم هندسي يماثل ما نراه في مختلف دول العالم تكون فيه الصالات مرجعاً وتوثيقاً لاحد روافد الثقافة ومنابعها تنشأ في المدن الرئيسية في أول مراحلها يجمع فيها تجارب المبدعين رواداً وأجيالاً لاحقة هذا الأمل يضعه الفنانون أمام وزارة الثقافة والإعلام التي تعد العدة للأخذ بالثقافة إلى مرحلة اكثر تألقاً وتواجدا تواصلا مع ما حظيت به في السابق من اهتمام إلا أن في وجود الإبداعات في مكان وجهة واحدة ما يضمن لها الكثير من تحقيق الطموحات عبر جسر يجمع أطراف وإبداعات المبدعين في نسق إداري يتلاءم مع مطالبهم ومع متطلبات العصر ومع ما تحقق لهذا الوطن من قفزات حضارية في مختلف الأوجه ومنها الفكر والإبداع والثقافة. ولتكون تلك القاعات دافعا لتواصل الفنان مع إبداعه وتواصلا مع الآخرين وليصبح العمل الفني التشكيلي متواجدا على مدار العام مع ما يتبعه من فعاليات ومهام يتم إسنادها لمن يدير تلك القاعات ومنها إجراء الدراسات والبحوث وتوثيق الأعمال وتصنيفها وطباعة الكتب ذات العلاقة مع ما تعود به تلك الصالات من مساهمة كبيرة في التعريف بأحد المنجزات وبما يحظى به هذا الفن من دعم فكل ما تم القيام به سابقا أو ما سيأتي لاحقا لن يكون مرئيا او معروفا دون وجود ما يكشفه للآخرين واذا كان الكتاب قد وجد مكاناً قريبا من أعين محبيه من خلال المكتبات فللأعمال الفنية أيضا عشاقها ولهذا الفن دوره الحضاري.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
المنتدى
كتب
وراقيات
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved