وأخرى.. عندما يشتد الحزن غادة عبدالله الخضير
|
(1)
متعدد القراءات أنا..
ومسرف في السؤالات..
قرأت وجه الشمس ذات نهار..
وقرأت وجه القمر.. إذا اشتد في الليل السواد..
وقرأت تلك المسافة الزمن بين شمس تشرق وأخرى تغرب..
وقرأت المسافة الزمن بين قمر يأتي وقمر يذهب..
وقرأت لغة الاحترام التي بينهما..
وقرأت كيف يتركان (الوقت) كل منهما للآخر.. دون ضجيج.. أو احتفاء..
وقرأت كيف ينسل الخيط الأبيض من الأسود.. بهذا الوقار..
وقرأت سفر النجوم.. من الليل إلى النهار..
وقرأت سفر اللمعان فيها خطوة خطوة..
وقرأت حضور الهدوء في رسمها..
وقرأت لغة شهاب عابر.. ألقى التحية.. ثم انطفأ..
قرأت الاعتزاز فيه..
قرأت..
قرأت..
حتى أدركني أحدهما.. هو الليل.. أو الصباح..
بالتحديد لا أعلم..
لحظتها اكتشفت أني أجهل قراءة نفسي..!!!
(2)
مفعمة هذه الحياة بالغرابات والبديهيات في ذات الوقت.. بثنائية متعبة عندما نمعن الفكر ونوحي إلى النظر أن يتمعن.. ويكرر ارتكاباته.. لا شيء جديد ورغم هذا لا شيء كما كان.. فأين نحن إذن؟ ما الشكل الذي نحن عليه الآن؟ وأين ذهب قديمنا وما الجديد الذي ننتظره؟
بين هذا وذاك يصبح التأمل فعلا حقيقيا.. يصبح حرائق هادئة أو هدوءا حارقا.. يصبح موت الحياة أو حياة الموت ..يصبح الأبيض الذي ينقذ الأسود من حقده، أو الأسود الذي يجزم لنا أن الأبيض لون مستقل.. وقوي كالفرح المحزن أو الحزن المفرح..
ولكن تنقذنا الثنائيات من زحمة الخوف وتؤكد لنا دائرية الحياة ولهذا نحن لا نتوقف ولا نتعلم ،ونكرر العودة إلى نقاط الألم، ولكن بتعود وألفة يكتسحان الخوف وينتصران عليه..
الحياة.. انظر إليها أحيانا غالبا كمن يلعب لعبة (البزل) الصورة مكتملة ولكن ينقصها قطعة بسيطة هي أس الحياة:
طرف ورقة لزهرة دوار شمس..
دودة صغيرة في طرف منقار عصفور يطعم صغاره..
مقبض باب يطل على حديقة..
وجه فتاة يظهر من خلف نافذة..
كسرة خبز في يد مسكين..
مصباح مضاء في ليلة ماطرة..
تفاحة شهية في شجرة خضراء..
أصداف منثورة على شاطئ من الزرقة..
أسورة من فضة في يد فتاة ريفية صغيرة..
نصف خيمة في صحراء زارها المطر.. كعاشق غائب..
ورقة قصيد في يد شاعر يسكنه الوطن..
ساق كالريح لفرس اصيلة..
ملعقة طعام في يد أم حانية..
ناي جميل.. لراعي متأمل..
تفاصيل صغيرة لكن نقصانها يفقد اللوحة روح الاكتمال.. ولهذا يبقى سيناريو الحياة مقلقا إلى ان نجد تلك القطعة.. وغالبا لا نجدها.. ورعم هذا يمنح النقصان على قلقه بعض الخيال.. تفاصيل صغيرة.. صغيرة جداً.. لكنها تبقى الأجمل.. والأكثر تأثيراً...
تفاصيل صغيرة ربما تعني بشكل أكثر اتساعا هذا الركض الدافع.. لنلتقط للحياة صورة كاملة..
مطمئنة هذه الروح التي يغذيها الغيب أيمانا.. إنها تبصر التفاصيل الناقصة على أنها منح قادمة لا محالة ولكن يلزمها حقن الصبر في الوريد.. وابتسامتان واحدة عند الحزن وأخرى عندما يشتد الحزن.
++++++
ghadakhodair@hotmail.com
++++++
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|