الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 12th April,2004 العدد : 54

الأثنين 22 ,صفر 1425

الثقافية تحاور القاص الذي احتفى بـ(المكان)
الشقحاء: حفلت تجربتي القصصية والشعرية بدراسات عميقة نمّت علاقتي بالمتلقي
شعرت بالامتعاض من الوسط الثقافي فتخلصت من كل مايربطني به

*الثقافية علي سعد القحطاني:
الأديب القاص محمد المنصور الشقحاء ضيف اللقاء، غني عن التعريف بغنى تجربته الأدبية من خلال ما صدر له من أعمال قصصية، أولها (البحث عن ابتسامة) أول إصدارات الأندية الأدبية عن نادي الطائف الأدبي الذي ساهم في تأسيسه وشارك في مجلس إدارته أميناً للسر حتى انسحب بهدوء، وآخرها مجموعة (الحملة) الصادرة عن نادي جازان الأدبي عام 1423هـ ونحن نحاوره في المجلة الثقافية نقلب أوراقه القديمة الجديدة..
التوجه والتسعينيات
*يلاحظ في الآونة الأخيرة قلة نشاطك الإبداعي.. مع العلم انك كنت غزير الإنتاج في التسعينيات؟
في مرحلة التكون حرصت على تأكيد عمق تجربتي وقدرتي على التداخل مع المستجدات في البناء الفني بواقعية مستمدة من المجتمع الذي حولي فكانت الأحداث تتراكم.. وانا اركض خلفها بوعي الأديب الذي يمتاح من ألمه مشارط تبحث عن الورم لمعالجته من خلال تكشف حالة مرتبطة بنا نحاول التستر عليها واليوم انشغل الذهن بأمور حياتية خاصة حتم ترشيد نشاطي الإبداعي وزادت مساحة حرصي على العزلة.
الأكاديمي
* يعاني المبدع من إحجام الناقد.. وقد تعرضت شخصياً إلى ذلك عندما ترفع الأكاديمي عن تناول إبداعك؟
حفلت تجربتي القصصية والشعرية بدراسات عميقة نمت علاقتي بالمتلقي في الوطن العربي وترفع الأكاديمي عن تناول ابداعي جاء من خلال بعضهم وهذا البعض كتاباتهم تندرج تحت صفة الناطق الإعلامي وهذا نجده فيما يكتبه الدكتور منصور الحازمي بكل أسف وفي ذات الخط يسير الدكتور سعد البازعي والدكتور عبدالله الغذامي فبالرغم من تراكم أعمالهم الكتابية لا نعرف المنهج الذي يسير في إهابه هؤلاء مع طول التجربة العلمية والأدبية فيفترض من خلال تاريخ كل واحد من الثلاثة وجود نظرية، وساحتنا من خلال ما نقدم غنية بنماذج متفردة تمنح الناقد الجاد فرصة التجريب للخروج بنظرية خاصة.
البيئة
* كيف ترى اهتمام المبدعين بـ(البيئة) على ضوء تجربتك القصصية؟
هناك كتاب غاب المكان عندهم وكذلك الزمان وآخر احتفى بالمكان وأهمل الزمن وهذه الأعمال كلها تنبئ عن قضيتها من خلال هوية الكاتب وانتمائه للوطن.. لدينا اعمال مهاجرة نجدها في اعمال الدكتور غازي القصيبي والاستاذ غالب ابو الفرج وكاتبنتنا الشهيرة سميرة خاشفجي (بنت الجزيرة) وكل هذه الاعمال تصب في ساحتنا الأدبية لو اننا تعاملنا معها بوعي المنجز.. وفي الجانب الآخر اعمال احتفلنا بها وكابرنا بتفردها عاطفياً فخدعنا قدرتنا العلمية ومثال ذلك تناول الدكتور معجب الزهراني لعملي ابو دهمان ومحمد علوان الشاب.. وهذا يفضح نمونا الأمي في مرحلة اختلطت فيها الاوراق.
* طبعت اعمالك في النادي الادبي بالطائف وفي جازان كيف تقيم تلك التجربة.. وهل الطباعة في تلك الاندية تسعى إلى انتشار الكتاب.. ام تعلن موتها ومن ثم قبرها في المخازن العتيقة؟
من خلال تجربتي اراها ناجحة اذ وصلت مؤلفاتي إلى اماكن اوسع واهم، مستودعات بعض الاندية تكونت من خلال مبالغة هذه الاندية في طبع كميات مبالغ فيها احتراما لمؤلف رائد وكاتب صديق وفي نظري ان التعامل مع الاندية الادبية يمنح الكاتب احترام المؤسسات المثيلة في الوطن العربي.. ونحن نرى من يتسقط الدعوة ويدعي النخبوية وهم فراغ يحملوننا اوزارهم.. مشكلة الكتاب عندنا ان مؤسسات التوزيع شركات ربحية وهذا نجده صارخاً في شركة توزيع الصحف التي هدفها الرئيس توزيع الصحف الوطنية وإذا بها تنافس المؤسسات القائمة والمشكلة انها لا توزع الكتاب الوطني وإذا تورطت بالتعاقد مع كاتب تطلب ضمانا ماليا كأجر للشحن.. نحن نتفرد بين العالم في مجال النشر بالركون للحظ والواسطة وهذا سبب هام في الإرهاب الذي نتحمله فداء الحصول على نسخة من كتاب جديد.
* قمت بإهداء مكتبتك الخاصة لمكتبة الملك فهد الوطنية وهي تحوي تقريبا عشرة آلاف عنوان.. لماذا؟
شعرت بالامتعاض من الوسط الثقافي فكان علي التخلص من كل شيء يربطني به واهم هذه الأشياء ثروتي من الكتب فجاء اختيار المكتبة الوطنية حرصاً على استفادة الباحثين في الأدب السعودي.
* قرئ ابداعك في اكثر من اثنتي عشرة دراسة نقدية هل هذه الدراسات اضافت شيئا لتجربتك اللإبداعية؟
هي لم تضف ولكن فسرت ما أحجم النقد عندنا عن ادراكه في نصوصي وهذا جاء من وعي الدارسين بالجانب الاجتماعي الذي تماهت معه النصوص ويوثق بعض الدراسات كتاب الاستاذة اميرة الزهراني القصة القصيرة في دراسات الأجرين.. وفي الراصد والاعمال الببلوغرافية للأديب خالد اليوسف الذي قدم الكثير للباحثين عن نتاجنا القصصي عبر اشرافه على نادي القصة الذي وأدته ادارة تقليدية.
* كانت لك اسهامات في الملف القصصي الذي كان يصدره نادي الطائف الادبي في سنة 1397 1398 1399 لم وئد ذلك الاصدار ولم يكتب له الاستمرار؟
عندما عزم نادي الطائف الادبي على التميز أقر مجلس الإدارة اصدار ثلاثة كتب دورية متخصصة (القصة) (الشعر) (المقالات) ووزعنا منشورا بذلك حتى يتعاون معنا الكتاب.. وكانت التجربة ذات هدف نبيل ومع ذلك تعامل معها الكتاب بعدم مبالاة.. وعندما غامرنا بإصدار العدد الأول من كل كتاب اشتعلت مؤشرات النفي والمصادرة والشك فتوقف كتاب الشعر عند العدد الأول ويعرف ذلك الشاعر محمد محسن والاستاذ عبدالله الصيخان المحرر الادبي بمجلة اليمامة اما كتاب المقالات فقد صدر منه عددان الاول والثاني ولم نستطع جمع مادة العدد الثالث اما كتاب القصة ولمسؤوليتي عن هذا الإصدار فقد قاتلت حتى صدر العدد الثالث هذه قصة كتاب القصة وتوقفه مع باقي الإصدارات المتخصصة وكان أن أبدلناها بإصدار ملف نادي الطائف الادبي ليشمل أهداف الكتب الثلاثة وهذا الإصدار الدوري يقاتل الآن استمرارية الصدور تحت عنوان سوق عكاظ.
* تجربتك تنشد (المعاناة) خصوصاً ونحن نستشف انه ربما تكون هناك معاناة لا يعلمها القارئ عن سبب انتقالك من مدينة (الطائف) إلى مدينة (الرياض)؟
قبل انتقالي إلى الرياض واجهتني صعاب خفية بناها اخوان اعتز حتى اليوم بصداقتهم لخلاف فكري وعملي اخذت بسببها أنسحب بالتدرج من مواقع عملية حتى كان انتقالي إلى الرياض ويعرف بعض هذه المعطيات الاستاذ عبدالله الشهيل والاستاذ علي العبادي والدكتور عثمان الصيني.
* تقييمك للأقلام الصاعدة في مجال كتاب القصة القصيرة؟
توجد نصوص جيدة وعلينا ان نتوقف عندها تنشر بين وقت وآخر في الصحف وإصدارات جديدة تعيد للساحة وهجها وهي تأتي في زمن تنوعت مصادره وتوقف اهتمام الجهات المعنية عن الاحتفاء بها وهذا الصمت العام غير صحي في مجتمع تعددت منابره الثقافية.
* آخر نص إبداعي كتبته؟
قصة قصيرة بعنوان (اليماني) وآخر قصير جدا باسم (إيلاف) وهي صدى لنوع من العلاقات الاجتماعية المبنية على سياسة عقيمة في المعطى السياسي والاجتماعي تنمي نظرية الشك وعدم المبالاة التي معها فقدنا الانتماء وحساسية العمل.
***************
إيلاف
لما اكتشف إيلاف ان الحزن الذي مزق أيامه الأخيرة، جاء بعد إدراكه أنه لا يعرف هدفه، فقد كان يسير مقتاداً من والد يدفعه للنجاح ويوفر له ما يريد وأم سريعة الغضب دائماً صوتها مرتفع.
جلس هذا الصباح على رصيف الطريق العام الذي اعتاد وبجواره مذكراته الجامعية، واقبلت شاحنة انتصب وافقاً ولما اقتربت القى جسده الذي لا يملك بين عجلاتها.
1281424هـ
***************
اليماني
حتى الآن الأمور طيبة، قلت ذلك وأنا ألاحظ قلق الطبيب المشرف على حالتي الصحية، تعرضت لنوبة قلبية، كنت راكعاً اصلي العشاء متأخراً في المنزل بعد ان عدت من المقهى في العاشرة والنصف ليلاً.
اسدلت جفني، استرجع خليطا من الصور، جار مهووس بأسرته يعيد على مسامعنا في كل لقاء يتم لجيران المسجد مقطعا من تاريخهم المجيد، التفت الجار الذي التقى به كل يوم في المسجد، بعد حديثه في المجلس الأسبوعي.
أنت يماني..!؟
نعم يماني من بريدة..!
جدي من العقيلات رفض فتح ابواب السور بدون شروط وتولى الشيخ الحمد التدريس في الجامع الكبير، كان يرصد أخبار الأسر ولما ولي القضاء كان جدي قد غادر المدينة مخلفاً زوجاته الثلاث وابنه البكر، الزوجات الثلاث لجأن لأسرهن في الخبوب والابن البكر ترك زوجته ورحل.
تولى الشيخ الحمد أمر المزارع والبيوت التي هاجر أهلها، وزوج أختي التي لم تتجاوز الثامنة ابن خالته الذي استولى من خلالها على ارث جدي.
والدي الذي رحل للجنوب اقام حياة جديدة، الشيخ الحمد انكشف دوره في تصفية املاك المعارضين فلم يعد المسجد الكبير مكانا للدروس العلمية، فاستقال وأقام في مكة عرف مكانة والدي فتكلف بقضاء جازان في اقصى الجنوب، ما ان باشر العمل حتى توفي والدي تاركاً زوجة وابناء، تولى الوصاية وزوج أمي على احد خدم والدي، شجعه على بيع الارث بدعوى الصرف علينا حتى لم يبق شيء.
فتحت عيني الممرضة تقوم بجس نبضي، صوت ابني في الممر يناقش حالتي الصحية، قالت الممرضة: بابا.. أنت كويس.
سرت ابتسامة على وجهي، همست حتى الآن الأمور طيبة.
1861424هـ.


محمد منصور الشقحاء

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved