الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 12th April,2004 العدد : 54

الأثنين 22 ,صفر 1425

الطائفُ الدَّاعي إلى بُستانِه
أو (سَرْيَةُ هَوًى إلى الطائف)
شعر: الدكتور بَهاء بن حسين عِزي *

مهداةٌ إلى المصدر الذي أهدى هذه القصيدة وكان طيفاً فأصبح حقيقة
قالُوا لَقد أكثرتَ من ذِكْرِ الهَوَى
فِي الطائفِ الداعِي إلَى بُستانِهْ
وتَوَهَّمُوا وَهْماً: بِأنِّي عاشِقٌ،
مِنْ بَحْرِ جُدَّةَ، قد أتى بِدِنانِهْ!(1)
ما راعَنِي أنْ أسْرَفوا فِي وَهْمِِهِمْ
فالصَّبُّ يَعْشقُ مِنْ هُدَى دَيَّانِهْ
وَ لَقَدْ فـُتِنـْتُ بِحُبِّهِ وَ بِأهلِهِ
وَ عَـذَرْتُ مُنكِرَهُمْ عَلَى نُكْرانِهْ
كَمْ سامَرَ السُّمـَّارُ فِي وُدْيانِهِ
وَ تناهَـزُوا ما طابَ فِي أرْكانِهْ(2)
وَ مَتى انتهَوْا صَفَقُوا جَناحاً مُثقلاً
يُنبِي بِما قـَصَفوهُ حَولَ جِفانِهْ(3)
ما اسْتأنـَسُوا بِغِراسِهِ وَنـُضَارِهِ
مِن غَرْبِ أَجْبُلِهِ إلَى (مَيْسَانِهْ)(4)
وَ اللهِ، ما ذاقـُوا حَلاوَةَ تِيـنِهِ
أو رَصَّعُوا قُـبَـلاً علَى رُمـَّانِهْ
أوْ شاقهمْ تُوتٌ على شفةِ (الْهَدا)
فيهِ اللَّما البَرَّاقُ منْ عِقيانِهْ(5)
أو أُنهِلُوا شَهْدَ (الشَّفا) مِن نَحْلِهِ
وَ تَنافسُوا في الْجَنْيِ مَعْ خُزَّانِهْ(6)
وَ جَنوْا كَمَا اللَّهْفانِ فيهِ جَرَاءَةٌ
وَ النَّحْلُ يُرْقِصُهُ بِلَسْعِ (زُبَانِهْ)(7)
أو هَزَّهُم غَيَدُ الْهوى فِي وَرْدِهِ
وتـَلَوَّعُوا مِنْ قطْفِهِ بِسِنَانِهْ(8)
أو لامَسُوا التفاحَ مُنْذُ تَبَرْعُمٍ
لِيَـثُورَ، مَحْضونـًا، عَلى حَضَّانِهْ
وَ تَرشَّفوا عِنَبًا تَعَتَّقَ نَضجُهُ
لِيَبِينَ فِعْلُ الرَّشفِ فِي كَرَاوانِهْ(9)
وَ رَوَاهُمُ الكادِي بِأَوَّلِ نَخبِهِ
مُتَأنـِّقاً يَسْقِيهِ مِن كِيـزانِهْ
وَ أراهُمُو زهْرُ الْربِيعِ فَرَاشـَهُ
هَيْمَانَ بالتـَّرْشافِ فِي جَوَلانِهْ(10)
أو فَلْسَفوا سِرَّ السَّراةِ وَ غَيْمِها
وَ الرَّعْـدُ يَفسُرُهُ لَهمْ بِلِسانِهْ
وَيَخُطُّ فِي لَوْحِ السَّماءِ حَدِيثـَهُ
وَ يَـزِيدُ بـِالألوانِ فِي تِـبْيَانِهْ
والله ما اسْتـَمَعُوا لِشِعْرِ عُكاظِهِ
وَ تَأمَّلوا الإبداعَ فِي بُنـْيَانِهْ
وَ رأَوْا قُضاةَ الشعرِ حينَ تَهَيَّأوا
لِلْحُكمِ أحْكَمَهُ مَدَى إتقَانِهْ
فَيُعَظَّمُ الشِّعرُ الجليلُ بِحَقـِّهِ..
شِعرُ الفَصيحِ يُعَـزُّ فِي أوْطانِهْ
صَدَحتْ بهِ الشعراءُ وهْوَ مجَلْجَلٌ
لِـيَـمِيزَهُ صَنَّـاجَةٌ بِـوِزانِهْ(11)
وَ تَمتعت أسْماعُهمْ بقصائدٍ
من قيْسِهِ الأعْشَى وَ مِنْ ذِبْـيَانِهْ
وتَراءَتِ الخنساءُ تعْرِضُ شِعرَها
وَ سَمَتْ بِهِ أُفُقًا على حَسَّانِهْ
فإذا تَجَلَّى الشِّعْرُ فِي رُدُهاتِهِ
جَمَّ الصَّدَى مِن فَوْرَةِ اسْتِحْسانِهْ
قامُوا عَلَى تذهيبِ كُلِّ جَلِيلِهِ
لِيُفاخِرُوا الدُّنـيَـا بِطَلْقِ عَنانِهْ
كَمْ فِي الدُّنا صَبًّا يُبَاهِي مِثـْلُنا
بِالطائفِ الزَّاهِي وَ صَرْحِ بيَانِهِ
فَلَـكُلُّ مَن عَشِقَ الْجَمالَ، وَنالَهُ
مُتـَذوِّقـًا، يَهْـُفو إلَى اسْتِيطانِهْ

++++++++++++++

1 الدِّنان: جمع الدَّن وهو الوعاء الضخم الذي يستعملُ لمختلف السوائل وغيرها.
2 تناهزوا: تناهزوا الشيءَ، نَهضوا لتناولِهِ.
3 قصفَ: أقامَ في أكل وشربٍ ولهوٍ. الجفان: قصَعُ الأكل.
4 النُّضار: كل شجر أثل ينبت على الجبال. وهي من نَضَرَ ونَضُر، كنضر الشجرُ والوجهُ واللونُ أي نعُمَ وحسُنَ ولطف.
مَيْسَان: مَصِيفٌ جَبَلي مرتفعٌ جميل، يقع جنوب شرق الطائف.
5 الهدا: مَصيفٌ جبليٌّ جميل، يقع غرب الطائف.. وهو بين الطائف ومكة المكرمة.
6 الشفا: مصيف جبلي جميل.. أكثر ارتفاعاً من الهدا ويقع جنوب غرب الطائف.
7 زُبانه: جمعٌ لِزُبانَى العقرب، وصحيح جمعه هو الزُّبانَيَات.
8 الغَيَد: نُعومة التمايل.
9 كروانِهِ: الكروان طائر جميل الصوت. وإذ لا يوجد هذا الطائر في الطائف، فهو هنا كناية عن نوع الطير.
10 الترشاف: كثرةُ الرشف.
11 المُجَلجَلُ: الذي لا عيبَ فيه.
الوِزان: من وازن موازنةً وَوِزاناً.

++++++++++++++
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved