الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 12th April,2004 العدد : 54

الأثنين 22 ,صفر 1425

صراع مع الموج
أودع بهذه المجموعة غصن الطفولة وأنطلق إلى فضاء العشرين
هذه الجملة التي وردت في ثنايا الإهداء أول ما استلفت انتباهي في مجموعتها الموسومة بصراع مع الموج.
إذن فالقاصة عائشة القصير لم تتجاوز العشرين بما يذكر، ولابد أن المجموعة قد تكونت قبل ذلك وهو ما أكدته الكاتبة في مقدمتها: (صراع مع الموج مجموعة تخلقت على مدى خمسة أعوام).
فلابد أن تكون بعض هذه النصوص أو أحدها على الأقل قد كتب والكاتبة ما زالت في الخامسة عشرة، وهو أمر يستوجب التوقف عنده. إذ إننا في مثل هذه الحالة والتي احسبها نادرة لا نستطيع أن نحاكم تلكم النصوص بمعزل عن عمر القاصة، فالحالة ربما استثنائية، تجعلنا ندخل الكتاب مبهورين ابتداء، متحسسين على الأقل إن كان يمكن أن تنضج العشرون تجربة، ومستعدين لتجاوز الهنات إن وجدت، متجاوزين كل ما يقال عن (موت المبدع) في حالة مثل هذه.
والمجموعة التي تنتظمها أربع عشرة قصة تتحرك تحت سقف عمري لا يتجاوز حدود الكليات والمدارس زمانياً، وهو لا شك نتاج الفترة العمرية التي أشرنا إليها سابقاً، وإن خرجت من هذا الطقس لفضاء علاقات آخر فإنه لا يبتعد كثيراً عن ذلك وإنما يتمحور حول علاقة أخت بأخيها كما في قصتي (دائماً ستظل) و(لحن الرحيل) أو ابنة بأبيها كما في قصة (مطر مالح).
ثم إن تجاوزت فإنها لا تلبث أن تهرب من علاقتها مع الآخر؛ ففي قصة (الدوامة):
(وحين تدارك كل منهما الموقف انتفض (أنجل) منه فأخفض عينيه إلى الأرض وأطلقت (لجين) لقدميها العنان هاربة من الموقف).
وفي انتقاء الكاتبة بعض الألفاظ بعناية فيما يبدو دلالة واضحة لما ذهبنا إليه (انتفض منتبهاً) كإنما الإحساس (بالحب) غفلة أو غفوة يجب الانتباه منها أو الهروب والذي أشارت إليه مباشرة بإطلاق لجين ساقيها للريح، للهروب مما أشارت إليه الكاتبة في قصة (دب الأحلام) بـ(الفساد) و(الدنس) واضعة قوسين على الكلمتين إمعانا في التأكيد عليهما كل ذلك من خلال صراع يحتدم داخل الفتاة بين فريقين فريق ابنة العشرين كما أشارت إليه الذي يثير فيها (أفكاراً فائرة وثائرة ومندفعة إلى المغارات المظلمة) وبقايا طفولة أو قل براءة يقف فيها (فريق الطفولة نقياً ومغسولاً) ثم إن هي استطاعت ترجيح أحد الطرفين فإنما تشير إلى ذلك بجملة مترددة من خلال تقطيع الحروف:
نعم.. أحـ..تاج إلى رجل.
بدلاً من:
أحتاج رجلاً..
القصيرة والجريئة في رأيي، دون تقطيع الحروف ودون التوسل بـ(إلى) والتمهيد بـ(نعم) مع مراعاة أن السياق الذي ورد فيه التعبير ينم (فقط) عن تبرعم هذه الفتاة وبلوغها مرحلة النضج في خط كتابي يتماهى مع خصوصية المجتمع والمرحلة العمرية المتناولين.
هذه الفترة العمرية التي تتحرك فيها الكاتبة هي البيئة الحياتية الحقيقية التي تحياها مما يجعلنا نقول إنها كتبت (واقعاً) معاشاً هو واقعها البسيط الذي تحياه، دون الخوض في محاولات تصنيفها ككاتبة واقعية من المنظور النقدي، إذ تمكنت من تصوير هواجس بنات جيلها وتفاعلهن مع مجتمعهن في صدق يستصحب لغة إن لم تبلغ حد الخصوصية فهي جميلة وواعدة.
وهذه إن لم تكن بشارة ببزوغ قاصة متميزة فهي دعوة لقراءة (صراع مع الموج) لعائشة توفيق القصير، الصادر عن وهج الحياة للإعلام.
++++++++++++++++++++++++++
أسامة علي أحمد
++++++++++++++++++++++++++
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved