الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 12th May,2003 العدد : 11

الأثنين 11 ,ربيع الاول 1424

حلم كل مثقف سعودي
د. سلطان سعد القحطاني

إن إعلان وزارة الثقافة والإعلام حدث كبير في عالم الثقافة العربية، في الوقت الذي تتسابق دول العالم في نشر معلوماتها وما يتعلق بها في العالم الآخر، وكانت هذه الوزارة حلم كل مثقف في هذه البلاد، لا لأنها ستنشىء ثقافة جديدة لم تكن موجودة، بل لأنها سترعى هذه الثقافة الموجودة أصلاً، بما فيها من تراكمات ثقافية مصدرها التعدد الفكري، من معطيات الحياة الثقافية المكتسبة من ثقافات متعددة يعود بعضها الى مكتسبات التعلم، في الداخل والخارج، مع ان البعض منها لم يجد طريقه الى مثاقفة الآخر، من داخل البلاد، لهيمنة الصوت الأحادي المكرر، بوعي أو بدون وعي في أحيان كثيرة وكان الهدف الرئيسي من مطالب المثقفين وزارة يستظل كل المثقفين، على اختلاف توجهاتهم تحت مظلتها التي سيتيح الفرص لمشاركة التيارات الثقافية، مشاركة منظمة، تديرها العقول المثقفة بدلا من العقول الإدارية الجامدة او العقول ذات الاتجاه الواحد.
فزمن الاتجاه الأحادي المهيمن عليه التنفيذ الاداري قد ولى، وأصبح في ملف الآثار في كثير من بلاد العالم المتحضر، وحل بدلاً منه التعددية المنظمة. ولن تحصل هذه التعددية المنظمة إلا في ظل وزارة ثقافة، لها مخططاتها الثقافية، وتوجهاتها الفكرية المتعددة في قناة الحوار النزيه، والهدف الوطني، للارتقاء بالثقافة الوطنية، ونبذ الشلليَّة والاقليمية الضيقة، وقد عانت ثقافتنا من التشتت والهيمنة الإدارية، والشك في المثقف قبل أن تثبت إدانته، وليس هناك من مبرر سوى عدمية الانتماء الى جهة من تلك الجهات أو أنه ينتمي إلى جهة تتعارض مع توجهات الجهة الأخرى، بما يشبه الحزبية الاقليمية التي لا تعرف عن الحزب الآخر شيئا وجاءت وزارة الثقافة كحل نهائي لهذه المعضلة الثقافية، كما كانت معضلات التعليم، ومات ينفق عليها من أموال كان سببها التشبث بالمنصب الإداري، وكانت الخطوة الأولى توحيد التعليم في وزارة واحدة، اختصرت فيها الجهود في جهد واحد ليحل مكان المكاتب الفارهة لجان تعمل لمصلحة التعليم، والتعليم واحد، سواء كان فيما كان يسمى رئاسة تعليم البنات، أو التعليم في الحرس الوطني، أو في وزارة الدفاع، فنحن في زمن التخصص وتوزيع الأدوار كل في مكانه، وها هي اليوم وزارة الثقافة والإعلام، تعمل لتوحيد الاندية الأدبية وجمعية الثقافة والفنون والمطبوعات الثقافية تحت سقف واحد وأداء جماعي، وليس كما كان تصرفات فردية اجتهادية، بعضها أبعد ما يكون عن الحقل الثقافي.
وبما أن وزارة الثقافة والإعلام في أسبوعها الأول، فإننا لا نستطيع الحكم على شيء مما ستفعله، وهي تعرف أن المراكز الثقافية جاهزة، والعقول الشابة مستعدة للعمل. ووسيلة المثقف هي الإعلام من خلاله ينشر فكره وإبداعه وبحوثه العلمية، ومن محاسن الصدف ان الثقافة والإعلام وزارة واحدة، يعزز كل منهما الطرف الآخر، بأسلوب حضاري منظم، وكذلك الهيئات والجمعيات الثقافية، مثل رابطة الأدباء والكتاب، وهيئات النشر والتوزيع التي من خلالها يمكن نشر الكتاب السعودي وتقديمه الى القارىء العربي والعالمي، وذلك ما عجزت عنه دور النشر الخاصة التي تبحث عن الربح السريع من خلال مطبوعات عديمة الجدوى لا تمثل وجه الثقافة السعودية وإحياء أو إيجاد المراكز الثقافية في المحافظات التي لا تتوفر فيها الأندية، ولنادي الرياض تجربة جيدة، في نقل بعض نشاطاته إلى بعض المحافظات في أمسيات ثقافية منبرية.
كل هذه تصورات للمشهد الثقافي من خلال وزارته الجديدة، بتوجيه الوزير الممارس معالي الدكتور فؤاد عبدالسلام الفارسي.
ولكن يبقى السؤال قائماً هل ستبقى إدارات الجهات الثقافية كما هي وتجمع في مكان واحد، لتكون عبئا على ذلك المكان؟. وحتى لا أظلم نفسي، فإن بعض رؤساء الاندية يجب بقاؤه، والاستفادة من خبراته وتفعيل نشاطه، اما الذي لم يقدم شيئاً، وإن كان رئيس مجلس إدارة فعلى وزارة الثقافة استبعاده.
إننا نؤمل في الوزارة الفتية ان يكون نشاطها فتى يناسب عقله عقلها، وتطهير الثقافة من بقية العقول التي خيمت على القنوات الثقافية في بلادنا عقودا طويلة لم تقدم خلالها أكثر من العقبات في وجه المشروع الثقافي، ومحاربة الإبداع.
إنني على ثقة من ان معالي وزير الثقافة يحيط بما لم أحط به وستكون النتائج على قدر الطموح. لكنني قلت كل هذا من واقع التجربة في الميدان الثقافي. وأرجو الله ان يكون في عون الجميع، وان نقطف ثمار هذه التجربة الرائدة.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
حوار
تشكيل
المنتدى
كتب
مسرح
وراقيات
ذاكرة
مداخلات
المحررون
الملف

ارشيف الاعداد


موافق

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved