الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 12th July,2004 العدد : 67

الأثنين 24 ,جمادى الاولى 1425

أعراف
فضيَّة CNN ذهبُ الرؤية الخارقة
محمد جبر الحربي

من الذي قال إن التخابر والاستخبار لعبة
من الذي قال إنه فن صياغة الكذب
أعتقد أنه هو الذي قال
إن الإعلام كذبة كبرى
ومع ذلك سأفتح هذا الصندوق السحري
فمشاهدتكِ: رغم ما فيها من ألم، وإحساس بالحيف والظلم والجور، تشكل
متعة معرفية كبرى، توازي قراءة مئات الكتب حول ساستك ومنظريك
ومؤرخيك
شاشتك الفضية يا سيدتي
تمنحني ذهب الرؤية الخارقة
ونِعَم النهل من ينابيع المعرفة الحرة الصافية
تلك القادرة على إزاحة الأقنعة
وقراءة ما بين السطور
وكشف المستور
وإشاعة المسكوت عنه
ومعرفة الوجه الآخر لحضارة الانزلاق السريع
وشاشتكِ أهدتني
معاجم جديدة لديموقراطية الكلام
فمعك تعلمت
أن حرب التحرير يقودها المحتل
وأن المقاومة تعني الإرهاب
وأن المقاومين على أرضهم هم الأعداء
وأن العنف والإرهاب مسميات للإسلام
وأن القتل عبر جيش نظامي مزود بكل أسلحة التدمير والدمار الشامل
لمحتل، وعمليات الاغتيال والتصفيات الممنوعة، وحصار المدن
والأبرياء من جهة، والمقاومة من أناس عزّل إلا من الإيمان من جهة
أخرى هو عنف وعنف مضاد.
عبرك عرفت معنى إعادة الإعمار
والتي تعني أن تدمّر ما بنته الحضارات، لتعيد بناءه
وتأخذ أجراً على الهدم والبناء
ومعك تعلمت معنى النفط مقابل الغذاء
وهو أن تحرق الأرض،
وتسرق النفط
ثم توزع على الناس أكياس الدقيق
ومعك تعلمت حرفيّة الإعلام
فإذا ما قُتل المئات بل الآلاف من الأبرياء
فعليك ب(أمانبور) (1)
تتجول مع الجنود الذين يوزعون بسعادة المانح الدببة، والألعاب الملونة
على الأطفال الفرحين بهدايا المحتلْ..
وذلك بالفعل ما ينقص أطفالاً لا دخل لآبائهم الذين قتلوا أو سجنوا أو سرّحوا!!
وإذا ما قصفت القرى بقنابل ما فوق الطن، فعليك بصورة أفغاني يفتح علبة غذاء أمريكية هطلت عليه من السماء.
أيتها المعلمة القديرة
لقد علمتني ما هو الفرق بين الملائكة والشياطين
والخير والشر
محاور الشر والخير
ولن أكتب عن الشر والشياطين
لكي لا يفزع أطفالك الآمنون
ولكنني سأجمع لهم بوش وبلير
وباول وسترو
ورامسفيلد وهون
وتشيني وولفويتز وأرميتاج وتينت..
سأجمع لهم عصافير الخير
ليغنوا لهم
بل ليمطروهم بأغاني المحبة والسلام والديموقراطية
وإذا ما طربوا لها
وغفوا على أنغامها الحالمة
قومي بتكرار بثها على أطفال آسيا وإفريقيا، على أطفال العالم المتعطشين
لمضاهاة الحلم الأمريكي!!
بقي أن أقول
إنني قبلك.. يالعمرٍ مضى هدرا
كنت أجهل أنني مواطن من الشرق الأوسط
وأن وطني العربي هو المعنى بالشرق الأوسط
إلى أن تلطفت علي
فازددت طولا
لأنني فهمت أخيرا أنني مواطن من الشرق الأوسط الكبير
فيا له من شعور بالعظمة
ويا له من شعور مفعم بالأمل
حين عرفتُ
أنني سأكون محل عناية أمريكية
تعلمني الديمقراطية
وتفتح لي أبواب الإعلام الحرّ
وتجعلني أشبه البيض من الغرب
أستطيع أن أعبر عن ما في رأسي
الفخور بقصة المارينز
جالساً أمام الشاشة
ببنطالي الواسع
وقميصي الضيق بلا أكمام والذي لا أستطيع الكتابة عليه للأسف (وُلد في أمريكا) (2) ولكنني مع ذلك سأكتب فخوراً (صنع في أمريكا)
وعلى ساعدي وشمان
أحدهما لنسر أمريكي أصلع
والآخر لطائرة ستيلث الشبح
وفي يدي قبعة عليها اسم أحد أشهر أنديتك للسلة
والآن وقد حان وقت نومي
على حلمك الأمريكي الذي يغزو خلاياي
علي أن أغلق الجهاز الآن
ولكن اسمحي لي قبل ذلك أن أقطف لك أنغاماً
من أغنية (بليك):
(الحماقة متاهة لا تنتهي
تعقّد دروبها جذورٌ مشتبكة
ما أكثر من ضلوا هناك!
يتعثرون طوال الليل بعظام الموتى
ويشعرون أنهم لا يعرفون غير الضنى
يريدون هداية الآخرين وهم في عوز إلى من يهديهم ) (3)
(1) أمانبور: مراسلة قبيحة شكلاً ومضموناً لCNN
(2) أغنية أمريكية شهيرة
(3) ترجمة د. عبدالواحد لؤلؤة من قصيدة: صوت المنشد العجوز للشاعر وليام بليك


mjharbi@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
فضاءات
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved