الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 12th July,2004 العدد : 67

الأثنين 24 ,جمادى الاولى 1425

عبدالله مَنّاع..بانوراما أدبية

نشرت المجلة الثقافية بصحيفة الجزيرة في 124 1425هـ عدد 61 ملفاً خاصاً عن ابن الشاطئ الجداوي الطبيب الأديب الناقد الروائي الصحافي السياسي الاجتماعي المخضرم الدكتور عبدالله سليمان مناع، وقد أدلى جملة من الكتّاب بدلائهم ذات الرشاء الطويلة والقصيرة.. وأطنبوا في سرد سيرة الرجل ذات الصور المتعددة بكل ألوان الصراحة والوضوح. وقد رأيت أن أعقب ذلك بدلو سجال من الذكريات وإن كان جديد عهد بولادة، فالولد يكبر ويترعرع.
نعم لم أتعرف إلى الدكتور مناع عن قرب حميم إلا في هذه الآونة الأخيرة، فلم أكن قد لاحقته من قبل بمقالة في مجلة (اقرأ) أو طاردته بديوان لطباعته في مطابع البلاد.
حينما قابلته في المرة الأولى لم احتج أمامه إلى أقلام (كتّاب معارضين)، بل كان هو الدفتر المقروء والمخاطب في الوقت نفسه: أظنك عبدالله أبكر؟ وهذا تأكيد بما يشبه النفي.. وعلى الفور تذكرت صورة ذلك السكرتير الذي يتحد مع المدير في ظرف المكان، ويودعه سرّه وينوب عنه.. وحتى إذا ما طلب أحد مقابلته أو مهاتفته قال له: هو في اجتماع.. ولو قال: اطلبه في المسجد لكان ذلك أحسن وأبرد على القلب.
لا أستطيع الدخول الى جزيرة الدكتور عبدالله مناع القلبية، لعرض وكشف حقيقة تلك الصور المتعددة عن قرب، ولكن بإمكاني الإشارة إليها كما يصور لنا هو ذلك ببانوراماته الفكاهية التي تطفو على حديثه الصريح، كذلك انتسابه إلى البديهة البانورامية الأدبية والاجتماعية، والمبادرة بها إلى تشخيص الصراحة النقدية باختزال المعاني الرسمية و(الهيلمانية) القاتمة التي يتكلفها بعض الناس.. وهو يحثو تلك الصراحة جزافاً حتى وهو مقبل على أبواب المناسبات أو جالس على كراسيها كذلك وهو مغادرها، ولعل هذا ما تنبأت به الصحف وتخشى قلمه، لأنه لا يكتب بالحرف فقط وإنما يصور ويكشف بالحقائق القصية التي يلتقطها عن بعد، سياسيا وأدبيا واجتماعيا، هكذا كان منذ أن كان في شارع باخشب.. أما لو كان قبل ذلك في شارع خدين لهذا يدعى (شارع با حطاب) أظنه لأحرق حتى حاويات الصحف بقلمه الملتهب، ولشكل في قلوب رؤساء التحرير هالة من الخوف اليسير من قلمه الحار حقيقة.. عفواً القلم الملتهب.. مستعيرا من (بانوراماه) المتوهجة كشهاب واحد لا يقبل التجزؤ.. ولعله من هنا نشأ الملف (الفوبياوي) من قلمه وليس عليه.
وصف لي مرة مكتبه الموجود بداره مرساه، ولكن لم اهتد إليه إلا بعد معاناة في ظهيرة قائظة ولعلِّي كنت عانيت أكثر لولا هواء الهاتف الذي جدد لي الوصف بأسلاك الشوق إلى لقائه.. وقد نزلت مكتبه ولم استقر بالجلوس حتى دخل في الموضوع مباشرة دون مقدمات بيروقراطية.
وقد صفعني ببعض تلك البانوراما الفكاهية التي أظنها تأتي منه سليقة بيضاء بشحمها ولحمها تماما (كالسليق باللحم): قال لي مبادرا ببديهته المعهودة في المقايضة بالرضا والتسليم من الطرفين.. يا عبدالله.. (أيعجز.. ألا ينثر كعادته قدرا يسيرا من المال وذلك لاخضرار أوراق شجر المجتمع.. وفي وسعه ذلك؟) قلت صح وما نقص مالك من صدقة. قال لي: لو جلس عبدالله أبكر على (باب العمرة) ألا يستطيع أن يساعد على إنقاذ الورق من اليبوسة؟ قلت: أهل مكة أدرى بشعابها.. وهم أقدر على تجفيف منابع استنجاد المناع وغيره.
ولعلِّي نسيت أن أستزيده ببعض الإشارات ذات الدلالة الواضحة بقولي: يا دكتور هناك رجل يشكو أسنانه.. فهل من وصفة..؟ أظنه لم ينس ولن ينسى كيف يصف كيف وقد تعدى مهنة الطب.. بالأدب والنقد الصريحين بلا عطب.
أراني مستعذبا حديث المناع مع أنه يمانع أحياناً ويكتفي بعرض صوره البانورامية المختزلة.
رجل كالمناع يحمل صفات كالتي قلت أولاً ألا نصنع له منبراً من خشب، وليس بالضرورة أن نشتري الخشب من (شارع با خشب) لنؤجج فيه الذكريات.. المهم منبر وبس وأن ينصب له في ناد كنادي جدة الأدبي طالما أن قلمه المجرور لا ينصب في الصحف، وليتحول حديث الساعة إلى الحديث عن الطب والأدب بصوره البانورامية الواضحة، بعيداً.. بعيداً عن السياسة.


عبدالله محمد أبكر جدة

الصفحة الرئيسة
فضاءات
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved