الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 12th July,2004 العدد : 67

الأثنين 24 ,جمادى الاولى 1425

ثقافتنا العربية دون سيناريو
كتب الأستاذ عبدالحفيظ الشمري في العدد (61) من المجلة الثقافية مقالا تحدث فيه عن العازفين للمجلة الثقافية والعازفين عنها.. ثم في العدد (62) تساءل عن الرواية هل هي تاريخ أم سيرة؟ وأنا هنا أمثل نفسي كقارىء عادي فقط لا غير..
سوف أجيب عن سؤاله: الرواية هل هي تاريخ أم سيرة.. لأقول له إن ليست كل رواية بالضرورة يجب أن تكون تاريخاً أو سيرة.. وأضرب لكم المثل هنا بروايات إحسان عبدالقدوس.. ورواية أحلام مستغانمي: عابر سرير (!؟) ومما يؤسف له أن ثقافتنا العربية قد عقمت عن أن تنجب لنا روائيين مثل فيكتور هوجو، وشارلز ديكنز، وشكسبير في روائعهم المشهورة.
استعمل الأستاذ الشمري مفردة واحدة لتدل على الشيء ونقيضه في نفس الوقت.. ولا ادري لماذا تجاهل المتلقي.. مع أنه الرقم الصعب في المعادلة.. وبما أنه فضّل استعمال مفردة العزف.. وهي مفردة موسيقية.. فلا بد للعازف من نوتة موسيقية لها أحكام وقواعد معروفة.. ولا يفوتني أن أشير هنا إلى أن الفرقة المتجانسة.. بقيادة مايسترو متمكن هي أساس نجاح العمل.. وقد تم الاتفاق على أن الأعمال الموسيقية الراقية هي جزء من الثقافة.. بعكس الأعمال الهابطة.
سوف أنتقل بكم الآن إلى مباريات كرة القدم.. ولعلكم توافقوني على أن حضور المباريات في الملعب يختلف كلياً عن مشاهدتها على شاشة التلفاز.. لأن الشحن النفسي والإثارة الموجودة في الملعب لا يمكنها أن تنتقل عبر شاشة التلفاز.. ولذلك يعمد المعلق المتمرس إلى خلق جو مصطنع من الشحن النفسي والإثارة لجذب المشاهد إلى الشاشة الصغيرة.. أما الفعاليات الثقافية في العالم العربي عموماً فتفتقد إلى الحرارة و (الأكشن).. في المشهد الثقافي نفسه.. ولذلك يجد أكثر المعلقين مراسا صعوبة في افتعال جو مصطنع للإثارة والشحن النفسي.. عند نقل هذه الفعاليات عبر وسائل الإعلام المختلفة.. لأن العمل الثقافي العربي يفتقد أصلا إلى سيناريو محدد أو نوتة موسيقية معروفة.. كيف؟ هذا ما سوف أجيب عنه في الجزء التالي من هذا المقال..
الأندية الأدبية إلى أين؟
اعتب على سعادة الدكتور ناصر بن علي بشية.. سكرتير نادي الباحة الأدبي على تعريضه بجامعة الملك عبدالعزيز.. والذي أعرفه أن لكل مدرسة مناهجها الخاصة بها.. وتستمد منها شخصيتها الاعتبارية.. وشخصيا تتلمذت على مدرسين مصريين.. بجانب شيوخنا الأفاضل.. ومع ذلك يمكنني اقول إن تلك مرحلة تجاوزتها منذ زمن طويل.. فلا يمكن لأحد الجلوس إلى الأبد على مقاعد الدراسة.. عندما يقول لنا سعادة المدرس: فاهمين (؟) نهز رأسنا ببلاده ونقول: فاهمين (!)
الشكوى من أداء الأندية الأدبية لا تقتصر على فئة المثقفين وحدهم.. بل يمتد إلى مستوى الجماهير.. والثقافة العالمية تستهدف خلق قاعدة جماهيرية عريضة.. وهي ما اصطلحنا على تسميتها بالسواد (!؟).. وتكمن المشكلة في لغة خطابنا الثقافي نفسه.. وقد قيل إن النخبة المثقفة في العالم العربي تخاطب نفسها بنفسها.. فيما يشبه عملية تلميع الذات.. ومن هنا ظهر مفهوم الأبراج العاجية.. التي تتجاهل المتلقي.. وهذا الأخير أوجد لنفسه مجالاً منفصلاً.. يعزله عن ثقافة الأديرة والكهنوت..
عندما ظهر عنوان: انتهى الدرس يا تشارلي.. استبدلت النخبة (المثقفة العربية) كلمة تشارلي بكلمة: غبي.. ومثلها: إنه زمن الاقتصاد يا أخي.. استبدلوا كلمة أخي بأخرى شنيعة.. سوف أثبتها هنا: إنه زمن الاقتصاد أيها الأحمق.. ولأني أنتمي إلى جماعة الحمقى.. فقد تابعت الطرح لأتعلم من النخبة شيئاً عن أبجديات علم الاقتصاد.. و (لكن) سعادته تحدث عن كل شيء ما عدا الاقتصاد (!) فتمنيت لو أن (سعادته) ترجم لنا المقال.. بدلا من تعريب العنوان.. ومن هنا نرى أن طبقة النخبة العربية تعامل (السواد) كما لو كانوا أغبياء أو حمقى ولا شيء غير ذلك؟
حسناً: أوافق سعادة الدكتور ناصر على أن النخبوية الثقافية يجب أن لا يحتكرها معلمو الصبيان والأكاديميون.. وفي ظل تقاعس المثقفين العرب.. وأنديتنا الأدبية عن بلورة مفهوم محدد للثقافة: هل هي وظيفة أم مهنة؟ أو لعلها مجرد هواية مثل فرق الحواري.. أو جمع الطوابع(..) ولا أدري ما المانع من أن يمتهن أي شخص مهنة تمنعه من ذل تسول لقمة العيش.. ما دمنا لم نتفق على طريقة مقبولة لحفظ كرامة المبدع أو الأديب وصولا إلى المثقف.. وهذا الأخير أيضا لم نتفق على معنى محدد لهويته.. أسوة بالسباك والطباخ.. وصولا إلى بائع الطواقي الذي ينتمي أصلاً إلى طبقة السواد.
ميزات أم امتيازات؟
يعتبر حب الظهور سلوكا بشرياً عاماً.. وتختلف وسائل الأفراد والمجتمعات في تحقيق هذه الغاية.. بحسب الاستعدادات النفسية.. ومنزلة المجتمع في السلم الحضاري.. كمن يبني قصراً في قرية.. أو بعدد زوجاته في الريف.. أما المجتمع المدني (النامي) فيفاخر فيه الفرد بمنصبه الوظيفي.. أو سيارته اللكزس (مثلاً).. وفي المجتمعات الراقية يفاخر الفرد بقدراته ومهاراته الفردية الذاتية.. وإسهاماته في خدمة المجتمع.
سوف أضرب لكم المثل هنا ببيل غيتس مؤسس شركة ميكروسوفت.. ومع أنه يحتل المرتبة الأولى بين أثرياء العالم.. إلا أنه لم يستسلم لإغراءات الثراء.. ولا يزال يطور برامجه.. ليحتفظ بالريادة في خدمة الحضارة البشرية (..) وعلى الله قصد السبيل.


عبدالرحيم بخاري
حرر في 2441425هـ

الصفحة الرئيسة
فضاءات
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved