| ظَمأَى لِعَيْنَيْكِ يَا غَيْدَاءُ بَيْدَائِي |
| مَاتَ الغَمَامُ فَمَاتَتْ كُلُّ أَنْدَائِي |
| سَلَّتْ أَظَافرَهَا شَمْسُ الحَيَاة فَمَا |
| أَبْقَتْ برَاحلَتي زَادي وَلاَ مَائي |
| أَمْشِي وَفِي الرَّمْلِ حُمَّى وَالطَّرِيقُ يَدٌ |
| شَلاَّءُ تَرْسُفُ فِي قَيْدٍ وَإِغْمَاءِ |
| أَمْشِي وَوَهْجُ اللَّظَى يَمْتَصُّ مِنْ رِئَتِي |
| ثُمَالَةَ النَّفَسِ المَكْدُودِ بِالدَّاءِ |
| أَمْشي وَحَرُّ الظَّمَا يَغْتَالُ في شَفَتِي |
| رُوَاءَهَا وَيَهُدُّ الوَهْمُ أَعْضَائِي |
| أَمِنْ جَفَافِ الضَّنَى جَفَّتْ بِأَخْيِلَتِي |
| حُقُولُهَا وَتَلاَشَى ضَوْءُ أَنْوَائِي؟ |
| أَمْ أَنَّ صَبَّارَتِي مَلَّتْ مُرَافَقَتِي |
| مَنْ ذَا يُرافِقُ أَشْوَاكِي وَحَصْبَائِي؟! |
| يَا خِصْبَةَ الرُّوحِ، عَطْشَى مُهْجَتِي انْصَهَرَتْ |
| جبَالُ صَبْرِيَ في نيرَان رَمْضَائي |
| لاَ تَحْسَبِي حُمْرَةَ الخَدَّيْنِ مِنْ رَغَدِي |
| فَالنَّارُ مِنْ نَكَدِي تَقْتَاتُ أَحْشَائِي |
| سَبَى الخَرِيفُ اخْضِرَارِي وَالهَجِيرُ دَمِي |
| وَعَكَّرَتْ رِيحُ هَمِّي صَفْوَ أَجْوَائِي |
| أَكَادُ أَجْهَلُ لَوْنِي، وَجْهَ خَارِطَتِي |
| أَكَادُ أَنْسَى عَنَاوِينِي وَأَسْمَائِي |
| يَمَامَةً صِرْتُ ضّلَّتْ سِرْبَهَا، وَغَدَتْ |
| مَا بَيْنَ مَوْتَيْنِ صَيَّادٍ وَإِعْيَاءِ |
| صَدْيَانَ هَدَّ النَّوَى قَلْبِي وَأَجْنِحَتِي |
| رَهينُ ريحَيْنِ هَوْجَاءٍ وَنَكْبَاءِ |
| غَارَتْ عُروقِي، وَنَشَّ الجِذْرُ وَانْتَفَضَتْ |
| أَنَامِلِي وَارْتَمَتْ لِلْقَيْظِ صَحْرَائِي |
| فَعَلِّلِينِي، أُحِسُّ المَوْتَ يَهْمِسُ لِي |
| يَكيدُ لِي بَيْنَ إِرْهَابٍ وَإِغْرَاءِ |
| رُشِّي تُرَابِي لَعَلِّي حَينَ يَلْمَسُنِي |
| طَلُّ الهَوَى يَنْتَشِي حِسِّي وَأَهْوَائِي |
| عَلِّي إِذَا بَلَّلَتْ سُقْيَاكِ ذَاكِرَتِي |
| تَنْمُو حُرُوفِي وَيَحْيَا بَعْضُ أَشْلاَئِي |
| رُدِّي عَلَيَّ لِحَائِي، وَابْعَثِي وَرَقِي |
| وَحَرِّرِي مِنْ سُجُونِ الظِّلِّ أَفْيَائِي |
| وَذَكِّرينِي هَدِيلِي إِنَّها نَسيَتْ |
| هَدِيلَهَا فِي عَنَاءِ الدِّرْبِ وَرْقَائِي |
| هَيَّا انْفُخِي فِيَّ جَمْرَ الحَرْفِ وَاشْتَعِلِي |
| وَأَشْعِلِي فِي بَقَايَا الصَّمْتِ أَعْبَائِي |
| وَلَمْلِمِينِي، وَضُمِّي شِقْوَتِي فَلَقَدْ |
| تَبَعْثَرَتْ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ أَشْيَائِي!! |