الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 12th December,2005 العدد : 133

الأثنين 10 ,ذو القعدة 1426

هل يؤازر النقد الإبداع أم يقيده؟
المكرم مدير التحرير للشؤون الثقافية إبراهيم التركي
الإبداع مفردة رنانة ولفظة واسعة الانتشار والتعدد وهي كلمة ملازمة باسمها الفاعلي والحركي للفرد وبمسماها العلمي للمنجز وبمفادها المتجزئ للأبعاد شتى من كل المكونات الثقافية أو الرموز الفكرية إلى المتلقي والقارئ، وإن كان يفصل بينهما الحكم والرقيب وهو الناقد الشخصي والناقد الموضوعي منضوٍ ضمن عناوين وأصداء منتقاة أو تخصص وظيفي يقع على الماهية والجنس أو المفهوم والنص بعيد عن إشكالية المعنى أو القصد الواقعي الذي يريده كاتب النص - ممن يحاول التناص والتعامل مع وضوح أو رموز ذلك النص -. وكما يقال: النص ملك لصاحبه ولكن المفهوم للجميع بعد تحرره من سجون وقيود تمرحله من لدن الكاتب، وللقارئ حرية التعامل معه دون المساس بالنص ولا بما ينقص ضرورات بقائه وتفاعله، وذلك بتعدد القراءات والمقاصد فالنص في محل إجماع والتأويل محتمل - أي أنه قابل لأن يكون أولاً وثانياً وثالثاً.
وخصوصاً في أمور الظن والرأي المضاد وفيما أوقف لضعفه ولكنه لا يلقي حجية الخبر والاستفادة من الموضوع، بيد أنه لا يرقى إلى مصاف القطعية والقرينة وثابت الدلالة والقبول وهذا ما هو قائم في معظم التحاور والتفاهم حول أي إشكالية أو أمر لم يتذوقه القارئ أو المتلقي الطبيعي ولم تهضمه معدة فكرة بشيء من العصارات التراجحية والمساعدات القبولية بوحي من المعقول والمنقول. وكل هذا تعقيدات في فهم الخطاب المعاصر الموجه إلى فئات المجتمع بجميع ميوله واتجاهته وشرائحه وطبقاته، وهذا أيضاً مما يوقف المبدع بشخصه العلم والإبداع بموروثه وحضوره.. ونحن مازلنا في زجاجة الإبداع لم نستطع الخروج من عنقها وذلك ما يترجمه واقعنا الثقافي والمعرفي الذي يهمه الشخص لا الشخصية ومنه تولدت الانقسامات والتجزيئات والشللية والاثنية إلى ما هنالك من إقصاء وتهميش وإلقاء للآخر بالمثل وللآخر بما يخالفه جنساً وفكراً... فإن كان (أبو العلاء المعري)، رهين المحبسين وهو أحد المبدعين من الطراز الأول، فالمبدعون في عصرنا الحاضر رهينو عدة محابس تخندقوا داخلها وتواجدوا في طقوسها وعنابرها منها نفسية وإيديولوجية ومجتمعية وسلوكية بأساليب تقليدية وحضارية حديثة ومنها التأملية والتطلعات.. والضحية في هذا كله هو المبدع ذاته والثاني هو القارئ نفسه وبالتالي المشهد الثقافي برمته، وفي الأخير انحصار المستوى الفكري والثقافي في إطاره المحلي والداخلي دون الخروج به إلى آفاق إقليمية وخارجية ودولية.. وما نلاحظه هذه الأيام من إخفاقات وانتكاسات داخل الوسط الثقافي بتنوع أشكاله وتياراته يتيقن بأن هناك خطأ ما يستشري في مفاصل المؤسسات الفكرية والمناحي الثقافية ويهيمن على إنتاجها وقراراتها فأصبح الشخص - القلمي - هو القارئ والناقد والكاتب في وقت واحد فكأنه يدعو إلى موت المؤلف مجازاً وامتلاك إنتاجه فكراً بفهمه وذوقه.. وهذا مما أثر سلباً في عملية الإبداع وصناعة التميز والاحتراف، ومما جعل أكثر مبدعينا من رواد ومعاصرين يقفون على مشارف الحركة الثقافية الجديدة ويربتون على أكتاف المتأملين والطموحين بشيء من المجاملة والفوز المنظور له التكامل والرقي مع أدلجته وتعاطيه بما هو ثابت ومتين من التسلية والطارف لأصولية الفن والتخصص.. نظير ما نراه حالياً من تبعثر وتشتت في المفهوم والمقاصد الذي يحلو للبعض أن يجعله مؤطراً بالنقد، وأن يقيده بالأصالة والمحافظة، وأن ينتهي به إلى حيث التقاليد والعادات والذوق الإنساني والاجتماعي وقد يظن أن ذلك إبداع له منه وإنجاز متواضع منه له وقد يفسر أنه حراك نحو الأمام فيما يخدم المصلحة المشتركة في شكل من أشكال النقد المعاصر فقد ذكرت المجلة الخاصة بالحرس الوطني في عددها 371 بتاريخ 5 - 11 - 1425هـ ما كتبه د.محمد عبدالله يودي تحت عنوان (عودة شعراء المماليك - قراءة في الإصدار الشعري لنادي المنطقة الشرقية الأدبي) - ونقلته أيضاً ملحقة الأربعاء لصحيفة المدينة في تاريخها 20-2-1426هـ وكان نقداً يدخل في صميمه العديد من الأسئلة والاستفسارات وخصوصاً أنه موجه لألمع الرموز الإبداعية في المنطقة أمثال الكاتب خليل ابراهيم الفزيع الذي يطل على القراء من خلال جريدة اليوم وخصوصاً يومي السبت والأربعاء وكذلك رئيس النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية بالدمام عبدالرحمن عبدالكريم العبيد والذي ذكر في لقاء معه أجرته المجلة العربية في عددها 339 بتاريخ 30 ربيع الآخر 1426هـ: (إعراض المجتمع عن الأدب والأدباء يحبط المبدع ويؤثر فيه) والقلم المعروف في المجلة العربية الأستاذ محمد الجلواح.. وهناك شكل آخر وقراءة ثانية للنقد المعاصر بين قبوله ورفضه ما كان لافتاً من وجوه الاختلاف والتباين لمفهوم الحداثة وإشكالية التطبيق فهذا غير خاف عن الأنظار وكان أقرب مثال ما كتبه الاستاذ محمد صادق دياب في مقالة له بعنوان (حينما تصبح الحداثة مجرد حكاية) في الصفحة الأخيرة من ملحق صحيفة المدينة الأربعاء في عدده الموافق 21 محرم 1426هـ وثالثة الأثافي ما ذكره الكتاب من نقد مأمول له النجاح والبناء ومن نقد مظنون له الفشل والهدم وهو ما نحن في نهاره وليله من أصداء ردود الفعل لرواية (بنات الرياض) لرجاء الصانع ذات العمر الربيعي الذي لم يصل إلى العقد الثالث ورغم ذلك اكتسبت روايتها صفة القبول والرفض من لدن القراء والمعنيين بالشأن الثقافي وما زاد إعجاب المنظرين لذلك لكون الرواية تتسم بالجرأة والمزاحمة في السرد والطرح وقوة النص في إبراز أبطال الرواية بشكلها الفاعلي والحركي ولوجود المقدمة لكاتبها د.غازي القصيبي وأيضاً لحداثة الكاتبة سناً ومن الجنس الذي ظل غائباً و مختفياً وراء الإنتاج الذكوري. لقد كتب في هذا المجال كاتب يارا في صحيفة (الجزيرة) عبدالله بن بخيت في ثلاثة مواضع تقريباً بنات الرياض 10-10- 1426هـ عدد 12098 يوم السبت بنات الرياض 12-10-1426هـ عدد 12100 يوم الاثنين بنت الرياض ذهنية السبعينات الاثنين 19-10-1426هـ عدد 12107
وكذلك كتبت فاطمة العتيبي تحت عنوان (رفقاً برجاء الصانع) من خلال عمودها - نهارات أخرى في صحيفة الجزيرة ليوم السبت 24 - 10-1426هـ عدد 12112 وفي الملحقة الثقافية بتاريخ 19-10-1426هـ في العدد 130 بنات الرياض العمل الضجة لمحمد أبوحمراء وكذلك غواية البوح - قراءة في الجوانب الشكلية لرواية (بنات الرياض) د.صالح بن معيض الغامدي ذات العدد المذكور).
وذكرت أيضاً جريدة اليوم في صفحتها الأخيرة ليوم الجمعة 25-9- 1426هـ العدد 11823 تحت عنوان (بنات الرياض) رواية جاذبة لا يعسر هضمها، وكذلك استضافة الإعلامي تركي الدخيل في برنامجه المشهور (إضاءات) في قناة العربية بنات الرياض، متجسدين في كاتبها حسب ما ذكرته جريدة اليوم في عددها 11842 ليوم الأربعاء وإلى هنا وبعد ذكر ثلاثة أنماط من النقد المفروض أن يكون كسابقه في بداية التكوين الثقافي للنهضة الفكرية قبل نصف قرن تقريباً الذي أمدنا بنقاط الاختلاف ووجهات النظر أمثال العقاد ومناوئيه وقد صدر كتاب بهذا النحو لعامر العقاد معارك العقاد الأدبية، وبين الأنصاري والجاسر أو ما حفل به الموروث الأدبي من عصور غابرة كالعباسي والأموي.. وهل هذا التنظير من النقد المعاصر يقف جنباً إلى جنب مع الإبداع ويؤازره، أم يقيده ويسجنه فكل له رأيه واتجاهه فمهمة الكاتب صناعة النص وإيجاده وعلى القارئ فهمه واستيعابه وعلى الناقد بما حظي من أدوات وآليات أن يخضعه للموازنة والتصحيح على ضوء التخصص والتفنن بعيداً عن إشكالية النظرة الشمولية للجنس وللشخص والموضوع.


واصل عبدالله البوخضر - الأحساء

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved