الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 13th March,2006 العدد : 144

الأثنين 13 ,صفر 1427

كم الساعة!

* محمد بن أحمد الشدي
لقد اقتربت الساعة التي تعود فيها الأشياء إلى طبائعها الأولى. تعود النجوم إلى مواقعها، الفصول إلى ألوانها، القبائل إلى مضاربها، والطيور إلى أوطانها، الأنهار إلى منابعها، الأشجار إلى قاماتها، الأسماء إلى مسمّياتها، الخيول إلى أنسابها، والحياة إلى عذوبتها - إلا خلدة - بنت عدنان تلك المعشوقة التي تاهت في الصحراء - لقد اقتربت الساعة التي: فلابد من الانتظار! أو هكذا يرى!!
- قلت هذا لجدتي - رحمها الله - في ضحي أحد الأيام وهي كومة من الجلد والعظم، على سجادة صلاتها، فالتفتت إليّ مرعوبة مما سمعت ووضعت راحة يدها الجافة على رأسي ويدها الأخرى تضرب بها على رأسها المتعب وصوت حليها النحاسية تهسهس! {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}.. حتى انتهت {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} حتى انتهت. ثم قالت بصوت واهن: اسم الله عليك.! أنت يا وليدي وش قلت؟!
- نظرت إليها برضى واشفاق مقدراً لها خوفها عليّ من أن يكون قد مسّني الجن أو لبستني القرينة، وقبل أن أجد الكلمة الطيبة التي تهدئ من ذعرها دخل جدّي فجأة إلى (الحوى) وسط بيته في مزرعة آل حسن - وعلى وجهه ما يوحي بالضيق والارتباك. وقال هامساً:
- (ما هذا الكلام) الفارغ يا الحميدي اللي سمعته من قبل قليل أنا والشيبان في المشراق؟! لا تكون نسيت أن (الطاقة) المفتوحة في الجدار تصب كلامك في الشارع؟!
- الله يهديك يا جدّي.. أولاً هذا الذي أقوله ليس بكلام فارغ ولا خرابيط! ثانياً ما عليك منهم الجيران ما في (الذرة) أحد!. ولا يعرفون مثل هذه الأفكار!
قال جدي بحدة. وقد تحوّل لون وجهه من الصفرة إلى الحمرة:
- إلا خرابيط وألف خرابيط. ثم أولئك يا وليدي مثل ما أنت تخبرهم آذان وعيون لصاحب المزرعة التي أنت تأكل من خيراتها ولو سمعوا وعقلوا ما تقول عنه ومزرعته، فقل على سمعتك ورزقك السلام.
- يا جدّي. المسألة وما فيها.... (قاطعني جدي وهو يتقدّم نحوي ويهز أصبعه السبابة في وجهي) قائلاً:
- بلا مسألة بلا مسفلة.. اسمع يا سعد. يا ولد الدائم طولتها عاد إنطم ولا تجادلني! أنا أقول كف عن ذي السوالف اللي ترميها هنا وهناك، أما يكفي أنك بلا شغل ولا مشغلة عاطل. ترى حذّرتك من أول. وأحذّرك ها الحين من أي كلام يجيب لك ولنا مشاكل مع هالرجال الطيّب. خلك في عشك لاحد ينشك ولا تلعب مع الذيب! ولا يلاعبك!
- لم أجد أمامي سوى المسارعة لإطفاء غضب جدّي العود، فقلت بصوت خفيض:
- سم يا بوي. أمرك سمح، وما يصير إلا اللي تبيه. بس كم الساعة يا بوي؟!
- استدار جدي وخرج من المجلس دون أن أعرف أن كان هدأ من غضبه أم لا .. مع أنني كنت واثقاً من أنه يؤمن بكل كلمة قلتها .. ولكنه لايريد أبداً أن يفقدني , كما فقد أبي في معركة كنزان !!
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
قضايا
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved