الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 13th September,2004 العدد : 76

الأثنين 28 ,رجب 1425

الغربال
أ.د. عبدالله بن محمد أبو داهش
قال الشاعر:
لقد دفن الأقوام أروع لم تكن
بمدفونة طول الزمان فضائله
سقى جدثا هالت عليه ترابه
أكفهم ظل الغمام ووابله
ففيه سحاب يرفع المحل سيبه
وبحر نداه استغرق البر ساحله
يمر على الوادي فتثني رماله
عليه وبالنادي فتبكي أرامله
سما نعشه فوق الرقاب وطالما
سرى جوده فوق السحاب ونائله
أفاض عيون الناس حتى كأنما
عيونهم مما تفيض أنامله(1)
قلت: أحسن هذا الشاعر في هذه الأبيات، فالممدوح قمين بهذا الثناء، إذ يصدر عن هذه المعاني بمكارمها المختلفة، وحسن الخلق وتمامه، والرسول صلى الله عليه وسلم، يقول: «إنما بعثت متمماً لمكارم الأخلاق..» أو كما قال عليه السلام.
قرر الشاعر في بيته الأول تمام دفن هذا الممدوح الذي لم تدفن فضائله، ومضى في بيته الثاني فدعا بالسقيا على قبره الرمز ذي المكارم، وزاد بخيال بعيد يستوعب هذه المكانة، فقال:
ففيه سحاب يرفع المحل سيبه
وبحر نداه استغرق البر ساحله
ألا ترى وقع الألفاظ في دلالاتها، ومدى حسن توجيهها، مثل ألفاظ:يرفع، استغرق، يمر، فتثني، فتبكي، والمحصلة تمام المكارم، وألم الفوات وعظيم الحزن، حمل نعشه على الرقاب، فسما عليها، ولكنه في حقيقته المعنوية أكبر من ذلك، إذ علا صيته من قبل فطاول السحاب، وتجاوزها، وعندئذ فاضت عيون الخلق، فهي كثيرة البكاء حزينة شأن جوده الفياض!

(1) زيادة، «نيل الوطر» 1/413.
* أستاذ ورئيس تحرير مجلة جامعة الملك خالد أبها

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved