الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 13th November,2006 العدد : 176

الأثنين 22 ,شوال 1427

الشاعر السنبلة
علوي طه الصافي

الصديق علي أحمد النعمي هو شاعر ليس كالشعراء، إنه يمتلك ناصية الشعر في أي وقت، في أي مكان، هو يتميز بالقدرة على العطاء الذي لا ينضب ولا يتأثر بما ومن حوله، ولهذا تجد أن له أكثر من عشرة دواوين تحتوي على مختلف أغراض الشعر، ما عدا الهجاء، فهو لا يهجو ولا أذكر أنه هجا إنساناً، وإن كان يبدي تبرُّماً من الحياة أحياناً فهذا لا يدخل في غرض الهجاء، ولهذا تجده صديق مَن تعرَّف إليه، ولا أذكر أن له أعداء؛ لأنه لا يتقن لغة الهراء، وإذا كنت قد تكلمت عنه ولم أتكلم عن شعره فهذا لأني عرفته إنساناً خلوقاً كالسنبلة في مزارع الجنوب، وقد أطلقت عليه هذا الاسم لأنه الشاعر السنبلة، ويتميز بأنه طويل النَّفَس في شعره؛ فالقصيدة عنده تتكون من أربعين بيتاً أو أكثر، وله شعر المناسبات، وشعر الإخوانيات، وشعر اجتماعي، وشعر يتعلق ببيئة الجنوب، فإذا أردت أن تعرف الجنوب وجباله وسهوله ووديانه وأشجاره فأنت تستطيع أن تتعرف على كل ذلك من خلال قراءاتك لشعر النعمي، والبيئة عنده ليست تضاريس أو حجارة أو شجراً، إنها مشاعر وشعور، وإنها نفثات نفس وانبثاقات ذهنية، ويتميز بأن له صوتاً دائم الحضور لا يغيب وإن كان قليل النشر في المجلات والصحف، ذلك لأنه يطبع شعره في دواوين، وقد تعرفت إليه حين كان في (الرياض)، ولو بقي في (الرياض) لكان نجماً من نجوم الأدب والشعر وكان له التأثير الواقعي، لكن سفره إلى قريته أبعده عن أضواء المدينة وأنوارها، فقليل من الناس من يعرفه باستثناء المحبين والذين رافقوه فترة من الزمن وخبروا طبيعته وطبعه.
وهو إلى جانب ذلك لا يميل إلى المماحكة، ولا إلى المنازعة والجدل، إنه رجل مسالم وسليم القلب والطوية، وإذا جلست معه لا تسمع منه إلا طيب الكلام؛ لأنه حسن المعشر، ويزداد حبك له إذا عاشرته وقربت إليه كثيراً، لكنه يحب البادية وأهلها وقراها وسنابل الحقل والحنطة وثمر الشجر والأمطار؛ لهذا عاد إلى قريته (حرجة ضمد) بعد أن عاش فترة في مدينة الرياض في هدوء وسكينة. هو يكتب القصيدة الكلاسيكية أو القصيدة البيت أو القصيدة الخليجية أكثر مما يكتب قصيدة التفعيلة؛ لأنه يجد نفسه فيها ويشعر أنها قادرة على نقل شعوره ومشاعره، ولهذا تجد أغلب شعره إن لم يكن كله نظمه على القصيدة التقليدية، ولم يهتم كثيراً بشعر التفعيلة ليقال إنه شاعر حديث، وهو يكتب بسهولة ودون عناء، وتحسُّ في قصيدته أنه يخاطبك شخصياً ويخاطب الآخرين ويخاطب الوطن؛ فقد غنَّى للوطن وغنَّى للوادي وغنَّى للسهل وغنَّى للقرية الجنوبية وغنَّى للعرب والعروبة، ولم ينسَ القضايا الإسلامية وقضايا المسلمين، واكتتب شعراً في القضايا الوطنية العربية؛ فهو يهتم بالذاتية كما يهتم بالوطن العربي والإسلامي، وقد كتبتُ عنه دراسة سوف تنشر في الجزء الثاني من كتابي (هؤلاء مرُّوا على جسر حياتي) استطعت من خلالها محاولة الوصول إلى أعماق أعماقه وكشف اهتماماته ومأثوراته. ولهذا أشكر (المجلة الثقافية) وربَّانها الصديق العزيز إبراهيم التركي وزملاءه بمناسبة فتح ملف خاص به؛ فهو يستحق ذلك؛ لأنه لم يبحث عن الشهرة، ولم تبحث عنه الشهرة. وأشكر الإخوان أنهم استنُّوا هذه القاعدة في تكريم الأدباء والشعراء في مختلف مناطق المملكة ومحافظاتها؛ لأننا دأبنا في الوطن العربي على تكريم النابهين بعد مماتهم، ولهذا تأتي (المجلة الثقافية) لتخالف هذه القاعدة وتكرّم هؤلاء النابهين وهم أحياء، وأرجو أن تنقلوا تحياتي للأخ العزيز الصديق الشاعر السنبلة علي النعمي.
الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
تشكيل
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved