الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 13th November,2006 العدد : 176

الأثنين 22 ,شوال 1427

وجوه وزوايا
الصّحاب!
أحمد الدويحي

الأستاذ محمد ابن أحمد الشدي، تعرض هذا الرجل لنقد خلال السنوات الماضية، نقد وصل أحياناً لحد التجريح والقسوة، له وللقطاع الذي كان يشغله، كيف لا والرجل لسنوات بعيدة، شغل رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، وأعترف أني أحد هؤلاء الذين دأبوا خلال السنوات الأخيرة، والمنتمين إلى حقول فنية وأدبية، متنوعة في التشكيل والمسرح والشعر والسرد، سن أقلامهم في وجه الرجل والمكان الذي يشغله، ولأول مرة نرى بعض العاملين في فروع الجمعية ذاتها، يقدمون على نقد أداء جمعية الثقافة، وكنت أرصد كغيري عطاءها لكل الأجناس الأدبية والفنية، فنجيز لأنفسنا التنفيس عن واقع متعثر، لا نرى منه فائدة الصالح الفعل الثقافي.
وأجزم بأن سنوات عدة مرت، كانت جماعة السرد تلتقي في نادي القصة، والرجل يحضر أكثر فعالياتها، ويلاطف كتابها بكلمات مودة، ولم يحدث مطلقاً أن فرض أمسية معينة إلا مرة واحدة، كانت لناشر كتاب في جريدة، وقد جاءت بعد حجب رواية (الفردوس اليباب) للزميلة ليلى الجهني من السوق السعودية، ونعرف ما تلاها من ردود فعل ثقافية محلية، ليست في صالح الرواية المحلية، وهي تحقق انتشاراً طيباً اليوم في المدن والمعارض العربية، وشهد الرجل الحوار على حدته، ولم يكن (أبو عبدالعزيز) يستنكف أو يتخذ موقفاً من منتقديه، وإن كنت أجهل ذلك في الأجناس الأدبية والفنية الأخرى.
تذكرت الرجل، وحضر في ذاكرتي بقوة، وسمعت الحناجر تدعو له، ورأيت صورته في أصوات، حضرت حفل جمعية الثقافة والفنون الأخير، كان مجلس إدارة جمعية الثقافة والفنون، قد دعت إليه قطاعات واسعة من المثقفين والفنانين، للمعايدة والتعرف على همومهم عن قرب، وقراءة مستقبل الفعل الثقافي في بلادنا.
ظل النقد في مكانه، وبقيت أخلاق وطيبة، وحسن تعامل الشدي في مكانها، فقد ذهب المنصب، وسيتبعه بلا شك ذهاب أشياء كثيرة، أحسب أن الأستاذ الشدي كان ينتظرها ويتوقعها.
عمل الرجل سنوات طويلة في جهاز غير ثقافي يعنى بالثقافة، فأخذ عليه شخصنة الثقافة، وخرجت مطبوعات الجمعية وفعالياتها، بلا خروج عن هذا الفهم المحدود والخاطئ للثقافة، ولأن الثقافة في حقيقة الأمر لا ينتجها الموظفون.
وجوه عدة قديمة وجديدة، جاءت لحضور حفل جمعية الثقافة والفنون، ولتقرأ وتشارك في رسم ملامح حركة ثقافية وفنية مستقبلية، وكلمات تخرج من هنا وهناك، كلها تتوسم في مجلس إدارة الجمعية السعودية للثقافة والفنون الجديد، لخلق واقع ثقافي شامل لا يصادر أحداً، ولا يماري من ليس له صلة بالثقافة والأدب، وهو أولى وجوه التحولات، وقد صارت الجمعية وكذا الأندية الأدبية، جزءاً من جهاز وزارة للثقافة والإعلام، فقد تتغير التوجهات وطبيعة العطاءات، ويزاد الإصدار والإنتاج وتفتح النوافذ أكثر، والتركيز على توطئة مناخ مستقبلي، يسمح بالانتخاب لهذه المؤسسات الثقافية.
وجوه متنوعة من كل الأجناس الأدبية والفنية، تأتي إلى مقر الجمعية لأول مرة، ومن المناسب القول إن الجمعية بالذات، لم تكن تعاني الفقر من المقرات، فقد عمل الشدي في جزء من شخصنة الثقافة، تأمين مقرات تجتمع بها كل الأجناس الثقافية على حدة، وتظل إمكانية التواصل متوافرة، ويعرف الجميع أن هناك أرضاً مخصصة مباني للنادي الأدبي في الرياض وجمعية الثقافة والفنون من سنوات، أخشى أن تطالها يد العقاريين النشطة، ونحن من سنوات بعيدة، نسمع بها دون أن نرى في الواقع شيئاً يفرح الروح، قطاعات واسعة من المنتسبين إلى حقلي الثقافة والفنون والإعلام، تبنى لها المدن المستقلة في بعض البلدان، فليس كثير أن يكون لمثقفي العاصمة وفنانيها، مكان يجدوا أنفسهم فيه مع نظرائهم، وليكون عنواناً دائماً للحركة والنشاط.
وغني عن القول إن بعض الأندية، وقد صار في عدد أعضائها من تتوافر فيه صفات التحرير الثقافي لمطبوعات تلك الأندية. وشهدت تحول مطبوعاتها لتأخذ شيئاً من الجدية، وخدمة الحركة الأدبية، فعسى أن تجد مطبوعات الجمعية ذات الورق المصقول الفاخر، أحداً ينتشلها من الغياب الذي تعيشه، ويطالها كشكل حضاري ثقافة الانتخاب التي نحلم أن يصار إليها.
أوه.. هل قلت ثقافة الانتخاب؟
وجه عبدالحكيم قاسم يداهمني في الحال، قاص وروائي مصري رحمه الله، أجزم أن كثيرين لا يعرفون هذا الاسم الجميل والمهم في عالم السرد، لأنه بعيد عن الأضواء ومراكز الضوء في الإعلام وخارجه، وقليلون جداً يعرفون قيمة هذا المبدع المهم، أذكر منهم ممن أعرف فايز آبا وصالح الأشقر، وبالذات روايته المهمة (يوميات الإنسان السبعة)، ورواياته ومجاميعه القصصية، ولا أعرف كاتباً في العالم العربي، يسم مجاميعه القصصية بديون، بدلاً من مجموعة غير المبدع عبدالحكيم قاسم، لفرط عنايته بلغته وعالمه الإبداعي، وأعرف أن الصديق محمد جبر الحربي، عرف هذا المبدع كما عرفته عن قرب، وكتب عنه قصيدة من الشعر اسمها الإنسان، رأسه في يدي، ولا أذكر الآن عجزه.
أذكر الآن عجزي فقط، ووجه عبدالحكيم وقد عاد من الغرب بعد عشرات السنين، كانت كالجبال تعلم وتثقف وتحضر وكتب، بعيداً عن صراعات الوطن ومن يسلبوه، وحينما عاد دخل في لعبة الانتخابات في الوطن، ونسي أنه ما زال بذاكرة الغرب، فأصيب بجلطة وسقط.. سقط.. مات.
شكراً أستاذ الشدي، ومرحباً أعضاء جمعية الثقافة والفنون الجدد، مرحباً بوعود ونوافذ جديدة، يحملها الأعضاء الجدد لتجاوز مرحلة، ستبقى من ركام حياتنا الثقافية، مرحباً بوعود تثري حقول الفكر الثقافة والفن، عالم من الحيوية والنشاط تلف أمكنة الثقافة وزمانها، مرحباً بهموم تطل على عالم الثقافة والفن الفسيح.


aldwi7y1000@yahoo.com

الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
تشكيل
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved