الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 13th November,2006 العدد : 176

الأثنين 22 ,شوال 1427

حول كتاب (الوأد عند العرب)
قراءة على قراءات..! «1-4»
مرزوق بن تنباك

اعتدت عندما أطرح عملاًَ للقراء مهما كان موضوعه أن أعومه في سوق الفكر والأدب ليأخذ مكانه بين القراء بعيداً عن أي غطاء أو دعم من المؤلف. وكنت أستفيد من آراء النقاد الذين يتناولون العمل بالنقد والتقويم، وآخذ ببعض الآراء وأعدل على ضوئها ما أراه يحتاج إلى تعديل، ويسعفني الرأي الآخر في إدراك الضعف الذي قد يقع فيه كل مؤلف مهما احتاط للأمر ولا سيما عندما يكون موضوع الكتاب مثيراً للجدل والاعتراض. وكتاب (الوأد عند العرب بين الوهم والحقيقة) له هذه الصفة وقد تناوله عدد كبير من النقاد.
قوم رأوا فيه عملاً متميزاً وجديداً أضاف معرفة وأثار قضية تستحق النقاش وهؤلاء هم الأكثر وأنا أشكرهم على ما أفاضوا به على الكتاب ومؤلفه من ثناء وما عرضوا من آراء.
وآخرون وقفوا منه موقف الرفض القاطع للكتاب وما جاء فيه فكرة وموضوعاً وسوغوا موقفهم بما ورثوه من معارف رأوا أن مناقشتها فوق قدرة تصورهم وجاءوا بما يستطيعون من حجج وأنا أحترم تلك الآراء، ولهم أن يفعلوا ذلك ولم أرد الرد على آرائهم لأنهم لم يتركوا مجالاً لمناقشة الرأي الآخر.
وقوم مثل هؤلاء موقفاً ودونهم علماً وقدرة على عرض آرائهم ولا يستطيعون صبراً على ما جاء في الكتاب فسلكوا طريقاً يرونه أقرب لهم وأسهل عليهم ولهم خبرة ودربة في الركض إلى الجهات الرسمية ورفع الشكاوي الشخصية وهؤلاء نعذرهم فقد عملوا ما يستطيعون و(لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا).
أما الفريق الأخير فكانت له رؤيته الناقدة وقدرته العلمية التي تناول فيها موضوع الكتاب وقال رأيه في منهج علمي سليم ومناقشة تبحث القضية المعروضة من أطرافها وهؤلاء هم موضع اهتمام المؤلف وتقدير ما عرضوا من آراء ومحاورتهم ومناقشة آرائهم البناءة واجب معرفي وموقف علمي رصين ولا سيما عندما يشعر أن هناك ما يجب توضيحه مما يظن أنه يحتاج إلى توضيح، وأخي الأستاذ محمد العامر الفتحي من هؤلاء وقد عرض للكتاب في حلقات متتابعات نشرت في المجلة الثقافية في (الجزيرة) وجاء في بعضها ما أوجب الرد للتوضيح وليس للاعتراض وأنا أشكره على ما جاء به وأدعوه إلى قراءات الأطروحات التي تعرض لها الكتاب وعرض المزيد مما يعن له. وقد سعدت مثل غيري بما سطره في ملحق الجزيرة الثقافي.
نشرت الحلقة الأولى في 9 جمادى الأولى 1427هـ 5 حزيران 2006م.
وأعرف أن الرد على هذا الكتاب سيكون رداً مفيداً إذا كان مدعماً بالأدلة والنصوص التي لم يهتدِ إليها المؤلف أو لم يوردها لأنها ضد نظريته ومعارضة لرأيه، وصاحب الرأي أعمى عمَّا لا يوافق هواه ولا يسعف مبتغاه، والمؤلف مثل الناس له أهواؤه وأخطاؤه، وله رأيه الذي عرضه وحاول الدفاع عنه والجدل دونه بكل ما أوتي من حجة، وقد تناول الكتاب قبل أخي الفتحي عدداً من كبار الأساتذة والنقاد عارض بعضهم رأي المؤلف ووافقه آخرون لما جاء في الكتاب من طرحٍ غير مسبوق، ولم يحدث أن تعرض أحد لمناقشة هذه القضية كما يقول المؤلف نفسه، وهي قضية تمس إحدى القضايا التي تعد من المسلمات عند المسلمين العرب وغيرهم، وفي التراث العربي والإسلامي.
والمؤلف وضع في حسبانه هذه القضية ولهذا كان دفاعه عن نظريته وحججه التي أوردها في كتابه تحمل معنى الثقة من جانب، والتحدي من جانبٍ آخر، وهو مدرك لخطورة ما أقدم عليه ومتوقع لما يواجه كتابه من رفض لنظريته ونقض لها واعتراض عليها، ولهذا السبب نجده أثناء عرضه لرأيه يفترض بعض ما أثاره نقاده قبل أن يثيروه، ويجيب عنه ويحاور في كتابه بأسلوب مقنع وحجج قوية شهد له بحسن عرضها حتى الذين يتصدون للكتاب فكرة وموضوعاً.
لهذا كله قلت ليس لهذه الحجج والبراهين التي أوردها المؤلف إلا باحث متمكن من التراث، فأسرعت للحلقة الأولى من مقالاته الأربع فإذا هو يبدأ بداية الخبير العالم بلغة سلسة جميلة، وعرض شيق رفيع، يعطي المؤلف حقه وينصف من نفسه عندما يعلن أنه لا يعترض على الاجتهاد ولا يوصد أبواب البحث إذ يقول: (ومع تسليم كل ذي عقلٍ بأهمية البحث في آلاف الموروثات التي اعتدنا على أن نضع رقابنا في قيدها ومساءلة التراث ما جاء به.. في غير إذعان إلا للمقدس...) ثم أخذ يوطئ لما سوف يقدمه للقارئ وما سوف يحرج المؤلف به من حجج وآراء، وبدأ يذكر ما ذكر المؤلف نفسه عن المفسرين ويعيد ما قال صاحب الكتاب، ويأخذ مقتطفات من النصوص التي أوردها المؤلف عن ضعف الاعتماد على رأي المفسرين فيعيدها، ولكنه لا يأتي بجديد ولا يضيف شيئاً إلا ما جاء في الكتاب وهو مع دفاعه عن الآراء التي عرضها المفسرون في معنى الآية كثير التهديد بأنه سيأتي بما ينقض ما يقول الكتاب، فيسرنا وعده وننتظر اتمامه ولكنه لا يأتي بشيءٍ ذي معنى حتى يصل إلى الآية التي عرضها الكتاب التي تنص على شرط مبايعة النساء للنبي: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (12) سورة الممتحنة. هنا يزعم أنه سيأتي بدليلين ثابتين كما يقول: (الأول نقلي وهو حديث شريف ينقض هذا الادعاء تماماً.. ويثبت أن الرجال قد طلب منهم أن يبايعوا على ألا يقتلوا أولادهم).
الدليل النقلي: ثم يقول: (أود أن أذكر الدكتور بدليلين ثابتين)، ثم يورد الحديث الذي رواه عبادة بن الصامت: (بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف فمن وفى فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا وإن شاء عاقبه، فبايعناه).
لكنني هنا مثل أخي الفتحي لا أذعن إلا للمقدس ولا يدفعني موقفي مما عرض الكتاب بقبول ما يقال عنه إلا بدليل أقوى مما جاء به، ولهذا ما أحببت لأخي أن يقع هذا الموقع في فهم القرآن فما جاء في الحديث الذي أورده هو معنى القرآن الذي ورد في الآية السابقة وبغض النظر عن سند الحديث وعلله وموقف علماء الحديث من أحاديث الآحاد، وهو لا شك يعرف ذلك ويعرف حكمها مهما بلغت من الصحة في السند فهي ظنية الثبوت، لكن ليس هذا موضوع الغرابة إنما الموضوع المستغرب أن يحاول الأستاذ محمد عامر الفتحي أن يجعل الحديث مهما كانت درجته مُسْتَدْرِكاً على القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ومصححاً له ما غفل عنه أو نقص منه أو نُسِيَ فيه، ومعاذ الله أن نظن بأخينا هذا الظن ونعيذه بالله أن يكون قد خطر ذلك في نفسه ولكنه حب الاعتراض والبحث عن الجدل الذي يوقع صاحبه في مثل هذه المواقع، وهو ما دفعه إلى هذا الخطأ غير المقصود. فالقرآن الكريم هو الحجة الدامغة فهل ترى أن القرآن ينص على شرط من شروط بيعة الإسلام الكبرى للنساء نصاً صريحاً مُحَدّدِاً هذه الشروط ومبيناً لها وبالتفصيل ثم ينسى أن ينص على شرط بيعة الرجال أو يهمل ذلك أو يغفله حتى يأتي معناه بحديث من أحاديث الآحاد.
إن القرآن أيها العزيز عندما يأتي بأحكام تشمل الجنسين النساء والرجال وحكمهما فيها واحد لا يتردد من نصها على كل جنس، وانظر إلى قوله تعالى:(قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ*وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) (الآيتان 30، 31 سورة النور)، وقال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (71) سورة التوبة، وقال سبحانه: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) (36) سورة الأحزاب. اكتفي بهذه الآيات الكريمات التي جمعت الأحكام للرجال والنساء وسمَّت كلا منهما باسمه لأن الحكم يتعلق بالجنسين فنصت عليهما وذكرتهما ولم تهمل أحدهما ولو شئت لأوردت لك عشرات الآيات التي تجمع الجنسين مثل ما سبق ولأوردت لك عشرات الآيات التي تذكر كل جنس ذكراً أو أنثى بما يخصه دون ذكر الجنس الآخر مثل الآية موضع الشاهد.
وأنت أخي العزيز في هذا الاعتراض كمن يداوي الزكام فيسبب الجذام عفا الله عنك، فالقرآن الذي ذكر نصاً صريحاً وشروطاً محددة في بيعة الإسلام الكبرى للنساء يوم الفتح الأكبر، لا يمكن أن يهمل شروط بيعة الإسلام الكبرى للرجال حتى يأتي حديث من أحاديث الآحاد يستدرك على القرآن ذلك ويظهره للناس ويبينه، لأن القرآن أغفله هذا دليلك النقلي ولعل الأمر أصبح لك واضحاً وللقراء الكرام كذلك.
الدليل العقلي: فتقول والثاني الدليل العقلي: (فلو كان الوأد مقتصراً على الآتين من علاقة غير شرعية لما رضي أحد من العرب أن يفتدي صعصعة بن ناجية أو زيد بن عمرو بن نفيل ابنته... ولانتفت تماماً فكرة الاستنقاذ من أصلها).
أظنك ياأستاذ محمد الفتحي لم تقرأ الكتاب فصاحبه ينكر إنكاراً مطلقاً أن الاستنقاذ الذي تشير إليه حدث عند العرب، فإنقاذ صعصعة بن ناجية للموءودات وإنقاذ زيد بن عمرو بن نفيل لهن لم يحدث فضلاً عن أن يرضى أحد من العرب كما تقول بإنقاذ ابنته من قبل صعصعة أو زيد بن عمرو بن نفيل أو غيرهما، وهو يدير كتابه كله على إنكار الاستنقاذ فهو يقول:" إنه لم يحدث أن أحداً من العرب وأد ابنته بالطريقة التي تذكرها لنا الآثار، ويقول في بعض ردوده على من اعترض على كتابه بعد النشر بالنص: (إن ثبت أن بنتاً واحدة وئدت في كل تاريخ العرب الجاهلي وليس أربعمئة بنت فالكتاب وما فيه باطل).
هذا نص مؤلف الكتاب وكنَّا نود أن تقبل التحدي وأن تورد حالة واحدة عند العرب في الجاهلية تثبت أن هناك من وأد ابنته! دعك من الاستنقاذ الذي تشير إليه والمؤلف ينكره من أساسه.
ويظهر أنك تقرأ مماحكات المؤلف المتحدية وتظنه يقصدها، فالمؤلف يورد احتمالات جدلية توهم القارئ المتسرع كما توهمت أنه يقرُّ أن أحداً من العرب رضي أو قبل من صعصعة أو زيد بن عمرو بن نفيل إنقاذ ابنته وهذا لم يحدث في رأي المؤلف إذن حجتك العقلية ليست في مكانها.
وكنَّا معك في رأيك الذي تقول فيه: (أريد أن أذكركم أولاً أن الدكتور خالف هنا ما قرره قبل خمس صفحات فقط من هذا الكلام، إذا قال في موضع متقدم:(والقرآن كما نعلم يفسر على ظاهره ما لم يكن هناك صارف يصرف عنه، فأي صارف وجده الدكتور صرف الآية الكريمة عن ظاهرها، وسمح له بالتأويل).
لقد جعلتنا نعود مرة أخرى إلى الكتاب الذي وددنا منك أن تكفينا مؤونة العودة إليه حتى نجد ما تقول صحيحاً يزيل ما في نفوسنا مما أحدثه هذا الكتاب، وإذا بك تزيدنا حيرة فيما تورد، فصاحب الكتاب أورد في صفحة 158: (والقرآن كما نعلم يفسر على ظاهره ما لم يكن هناك صارف يصرف عنه، وظاهر الآية وسياقها والنصوص الشاهدة لها من القرآن تدل على أن المراد بالموءودة هي النفس وليس الجنس) انتهى كلام المؤلف.
أما الآية التي توردها أنت وهي يدسه في التراب وأوردها المؤلف وفسرها بالإخفاء ضمن قوله تعالى: (أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ) (59) سورة النحل.
فالمؤلف لم يصرف الآية عن معناها وهو شدة الإخفاء وليس القتل.
وارجع إلى كل معاجم اللغة ستجد أن المادة تعني الإخفاء ولا تعني القتل البتة ثم إن المؤلف في هذه الآية استشهد برأي مفسر أدار تفسيره معتمداً على لغة العرب ومعرباً للقرآن وهو أبو حيان الأندلسي الذي أشار إلى أن من معاني هذه الآية يدسه شدة الإخفاء للبنت حيث لا يعلم بها أحد وهذا نص الكتاب عن أبي حيان: (وقيل دسها إخفاؤها عن الناس حتى لا تعرف كالمدسوس في التراب) كلام أبي حيان من تفسيره البحر المحيط.
فالآية هنا لم تصرف عن معناها المباشر وهو الإخفاء وإنما يصرفها عن معناها من زعم أنها تعني القتل أو الوأد لأن المعنى المباشر الظاهر للدس هو الإخفاء وليس الدفن أو القتل كما تريد أن تقول أنت للقراء.
ثم سنختم الحديث عن ملاحظاتنا على الحلقة الأولى من (نحو قراءة متزنة للنقد العربي الحديث). التي سطرها قلم أخينا الأستاذ محمد العامر الفتحي بآخر ما ختم به تلك الحلقة وهو الحديث (من ستر مؤمناً كمن أحيا موءودة من قبرها).
وإيراد هذا الحديث يدل على أن الأستاذ محمد لم يقرأ الكتاب بتمعن وإلا لوجد أن المؤلف قال في الصفحة 154 ما ننقله بكامله بالحرف الواحد: (وفي سنن أبي داود حديث نصه (من رأى عورة فسترها كمن أحيا موءودة) وهو نص شاهد آخر على أن المراد هي النفس التي يؤجر محييها، ومعناه واضح أيضاً، وتفسيره لا يحتاج إلى تأويل، وهو أمر سهل الفهم لمن ألقى السمع؛ وهو أن الإسلام لا يميز في الأجر بين إحياء الذكر وإحياء الأنثى.
ولا يُفْهَمُ الحديث بنصه هذا، على أنه يعني الأنثى دون الذكر والأمر سهل البيان، وهو أن الحديث يحث على عمل يؤجر عليه فاعله في الإسلام والوأد لو صح عادة جاهلية انقطعت بنزول القرآن، وتحريمه القتل لكل نفس إلا بحقها. فيكون الحديث هنا لا معنى له لأنه لا توجد موءودة يحييها ويطلب أجرها المسلم الذي وجه إليه الكلام يحثه على الإحسان إلى الناس وستر عوراتهم، لينال الأجر بذلك.
هذه جملة طويلة نقلناها نصاً من الكتاب: فقد أورد المؤلف الحديث مستشهداً به، وأوردته أنت مضيفاً للمؤلف فائدة أخرى وحجة له أقوى فقد ذكرت نص الحديث (من ستر مؤمناً كان كمن أحيا موءودة من قبرها). إذ نصصت في روايتك على صفة المستور عليه وهو المؤمن.
إذن الحديث موجه للمسلمين المؤمنين فأين يجد المؤمن الساتر الأجر مع انقطاع الوأد في الإسلام.
أما القبر الذي لم يورده المؤلف وأوردته أنت فهو دليل للمؤلف الذي يزعم أن الموءودة هي النفس والحديث شاهد له وليس لك، لأن النفس هي المقصودة هنا في الإسلام إذ يستحيل شرعاً وعقلاً أن يطالب المؤمن بعمل عمل انقطع بعد الإسلام.
ولا توجد موءودة بمعنى البنت يحييها ليكسب أجرها فهل ترى الحديث يطلب المستحيل لكسب الأجر، والنفس توضع في القبر ولا تُلقى في العراء. إن كنتُ قد فهمتُ ما أردتَ.
وما أراد المؤلف واضح الدلالة ولنا مع الحلقة الثانية من حلقات مناقشة أخينا محمد العامر الفتحي حديث.
الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
تشكيل
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved