الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 13th November,2006 العدد : 176

الأثنين 22 ,شوال 1427

شاكر مصطفى يُصنف المتنبي من رُوَّاد الفِكر.. ثم يحوله إلى بُوقٍ دعائيٍّ رهيب!!
جاءت كُتبُ شاكر مصطفى في التاريخ قطعاً أدبية لا أجمل ولا أعذب. الشخصيات التاريخية تتحول بقلمه البارع، إلى شخوص يتحركون كأنهم على مسرح. مطلع مقالة الدكتورة صباح قباني المجلة الثقافية 169 وتاريخ 1181427هـ وانطلاقاً من مقالة الدكتورة صباح القباني، فإن تعقيبي سيكون مقصوراً على (تحولات) الدكتور شاكر مصطفى التي طبقها على الشاعر أبي الطيب المتنبي بصفته أحد الشخصيات التاريخية المتحركة.
التحول الأول
يقول الدكتور شاكر مصطفى رحمه الله في كتابه دولة بني العباس الجزء الثاني: (.. وكما بقي في ذاكرة البشرية أسماء عدد من أسياد الدنيا في فتراتها المختلفة، وأسماء عدد من رواد الفكر الإنساني وبناة الحضارة..
فقد بقي من عهد الدولة العباسية كدولة عظمى، أسماء: الرشيد، وابن سيناء، والرازي، والخوارزمي، والكندي، وابن الهيثم، والمتنبي، وهم من حصيلة ما قدم العرب بعد الرسالة المحمدية من خير إلى سوق الإنسانية) انتهى. فالدكتور شاكر مصطفى يصنف المتنبي في كتابه التاريخي من رواد الفكر الإنساني، ويعتمده من حصيلة ما قدم العرب بعد الرسالة المحمدية من خير إلى سوق الإنسانية.
ولكن الدكتور شاكر مصطفى (تحول)، وحوَّل المتنبي في تحولِه من رائد من رواد الفكر الإنساني، إلى بوقٍ دعائي رهيب، وكتب الدكتور شاكر مصطفى في بابه (خواطر) بجريدة القبس الكويتية 5325 وتاريخ 107 1407هـ (مسكين كافور الإخشيدي، نحن نجدد اسمه في موكب من الغربان واليوم، فهو قطعة من الليل، نجعل الاسم شيمة لماذا..؟ لأن شاعرنا الأثير المتنبي، هذا البوق الدعائي الرهيب، أطلق اصرفه كالكلاب تنبح وراءه عبر العصور، الواقع أن كافور المسكين، كان ضحية هذه الإذاعة المجلجلة التي شكلتها قوافي المتنبي عبر العصور، وكان كافور التاريخ مختلفاً عن هذا الكافور الذي خلقه شاعرنا المدلل من أحقاده) انتهى.
إن اللغة التي استخدمها الدكتور شاكر مصطفى في مطلع خواطره، تكاد تنحصر في: الكلاب، النباح، البوق الدعائي الرهيب، الحاقد، المدلل، الأثير، الإذاعة المجلجلة... الخ والسؤال: إذا انضمت هذه المقالة التحولية إلى كتب الدكتور التاريخية والأدبية، هل يعدها النقاد من القطع الأدبية الرفيعة التي تحوز عندهم على أفعل التفضيل لا (أجمل) ولا (أعذب)..؟! ثم أين هو الفكر العذب الرقيق..؟ وأين هي اللغة الحلوة الرشيقة.. التي كأنها السحر الحلال أو الشعر الحلال.. على حد تعبير الدكتورة الفاضلة..؟
التحول الثاني
بعد أربعة أشهر من نشر مقالة الدكتور شاكر مصطفى يوم 107 1407هـ التي هاجم فيها المتنبي، ووصفه بأنه بوق دعائي رهيب، أحرف قصائده تنبح كنباح الكلاب، (تحول) الدكتور شاكر مصطفى من الهجوم إلى المريح، ووصف المتنبي بأنه في الشعر، علمٌ مثل النجم اللامع في السماء، وله أثره الكبير في الفكر العربي الإسلامي، وفي الكيان الحضاري العربي!!
يقول في خواطره بجريدة القبس 5426 وتاريخ 25101407هـ: (ثمة إعلام كالنجوم تلمع في الفلسفة والعلم والفقه والشعر، ابن سيناء، الطبري، ابن رشد، الفارابي، ابن النفيس، ابن الهيثم، جابر بن حيان، جعفر الصادق، الشافعي، وكوكبة الشعراء.. جرير، أبو نواس، أبو تمام، المتنبي، المعري.. ولكل واحد من هؤلاء أثره الضخم في الفكر العربي الإسلامي، وفي الكيان الحضاري العربي) انتهى.
التحول الثالث
أما التحول الثالث فقد نجا منه المتنبي هذه المرة، وكان من نصيب أحد كتب الدكتور التي أصدرها، يقول الدكتور شاكر مصطفى في مقدمة كتابه التاريخي دولة بني العباس الجزء الأول الطبعة الأولى: (وما كان له أن يعرف أسنان المطبعة يعني كتاب دولة بني العباس لولا الرغبة أن يُلغي كتاباً سابقاً من مثله، صدر قبل خمس عشرة سنة وقد (تحولت) عن كثير مما جاء فيه من بحث ورأي) انتهى.
إن (التحولات) هي التناقضات، والدكتور شاكر مصطفى يعترف بالوقوع في موقف التناقضات. يقول في خواطره بجريدة القبس عدد 5350 وتاريخ 781407هـ (... موقف التناقض نحن نقع فيه، ألسنا نسميه بعين الرضا وعين السخط..؟ من ذا الذي يقف على جادة الصواب، وان وجهة نظره هي زاوية النظر الوحيدة..؟ من ذا الذي يستطيع أن يدعي أنه على صخرة الصواب؟) انتهى.
إن المواقف المتناقضة التي طبقها الدكتور شاكر مصطفى على الشاعر أبي الطيب المتنبي وعلى شعره، تارة بالمدح، وأخرى بالهجوم، لا يعول عليها في إصدار أحكام نقدية صحيحة، وقد أشرت إليها عام 1408هـ، بالمحلق الأدبي التي كانت تصدره جريدة الندوة بمكة المكرمة (أبو الطيب المتنبي.. بين هجوم العاطفة وتناقض الآراء)، رحم الله الدكتور شاكر مصطفى، فالتعقيب لا يقلل من مكانته وعلمه وأدبه، ذلك أن التعقيب مقصور على التحولات)، وللدكتور من الأعمال والمؤلفات المتميزة، ما يضعه في طليعة الأدباء والمؤرخين المعاصرين.


فاضل أحمد الحارثي

الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
تشكيل
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved