الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 13th November,2006 العدد : 176

الأثنين 22 ,شوال 1427

ميادة زعزوع في ديوانها الجديد
(وأتوه في رجل شرقي) شعر يفصح عن هم أنثى
*مطالعات عبدالحفيظ الشمري:
تعتني الشاعرة ميادة زعزوع بالعلاقة الانسانية المعبرة.. تلك التي تصفها دائماً بأنها الوعاء الذي يجمع المشاعر المتآلفة والمتنافرة بشكل عجيب، فلا تخلو أي قصيدة من قصائد الديوان الجديد (وأتوه في رجل شرقي) من هذا الشعور بالتعالق بين الانسان وما حوله. عنوان الديوان يفصح عن ذاته، إذ نرى الشاعرة ميادة زعزوع قد عنيت في شرح تفاصيل علاقة المرأة بالرجل ذلك الهم الذي يشغل الأنثى دائماً منذ أمد، لتأتي فاتحة الديوان بعد عنوانه محملة بهواجس المستحيل المتفاقم:
رجال يصطادون لغتي في حس عكر
يقلون لقلمي المنكسر: كن
فينادي النثر مثل النور
(الديوان ص7)
جل القصائد في ديوان (ميادة) تسير في اتجاه واحد يظهر أن حواء مهزومة، أو زجاجة مكسورة كما في قصيدة (وهم) أو (سبع وريقات من تقويم مهترئ) إلا أن هذا الشعور بالتباين في المشاعر بين المرأة والرجل لا يلغي جمال وروعة المرأة حينما تنادي بمودة على كل من يقيم وزنا للحب، إذ ترى القلب وقد فاض بمشاعر الوجد رغم المعاناة، فلم تعد الهزيمة العاطفية مؤثرة طالما أن القلب يسكنه الحب.
فلا يأس تشعر به، ولا ألم يواجهك حينما تقرأ قصائد الديوان؛ لأن الشاعرة فيما يبدو نجحت في استظهار حالة المرأة بوجهيها الضعيف والقوي، فالضعف يكمن في بحث عن حب لم يعد ممكناً في هذا الزمن إلا عند ما ندر من البشر، وأما القوة فإنها تكمن فيما تصوغه الشاعرة من رؤى حالمة ومؤثرة تسكن الوجدان بفرح عارم.
بين الخطوة الاولى في الديوان والخطوة الأخيرة تقبع حقيقة الجمال الذي عنيت به الشاعرة.. تلك الصور الخيالية المفترضة للحياة الهانئة التي يدركها الشاعر عادة دون غيره من البشر، ناهيك أن (ميادة) وظفت نصوصها لصالح البياض، والعفاف، والشفافية التي تسكن جنة الروح التي يتعشقها الجميع.
لغة الديوان تخرج بالكامل عن عمود الشعر وقافيته، إلا أن شعرية المفردة، وشاعرية الفكرة هي من تقيم صلاتها القوية، لنراها وقد أبدعت في رسم ذلك الواقع الممكن لعلاقاتنا ببعض، فلم تترك الشاعرة ميادة زعزوع نبرة حزنها، وحسرتها على مآل هذه العلاقة بيننا إلى هذا الحد الذي بتنا فيه اقرب إلى الجمادات.
في قصيدة (هذيان آخر الليل) يظهر الحلم أكثر دفئاً في العلاقة، لأن الواقع يقسو عادة على البسطاء العفويين الذين يفكرون في الحياة على نحو لطيف، وشفيف، في وقت باتت فيه الحياة على هيئة مجالدة يومية، الغلبة فيها لمن يمتلك المادة، أو لمن رصيده يزخر بالارقام، وهذا ما يرفضه المبدع الحقيقي في كل زمان ومكان. علاقات القصائد تتشابك بعضها مع بعض، لتسير في نظام واحد اختطته الشاعرة لها، لتتوج مشاعرها في قصيدة (وأتوه في رجل شرقي)... تلك التي حملت اسم الديوان، فتكون لحظة اللقاء معبرة، وأكثر وجدانية حينما تصف برد المرافئ لحظة ان يغشاها الحنين، لتتعطش روح الانسان إلى الحلم الذي يبعد الواقع وأعباءه، لتنغرس في الوجدان محاولات كثيرة للمرأة في سياق علاقتها مع ما حولها، لاسيما حينما تكون ذات طابع عاطفي على نحو ما أوردته في قصيدتها التي حملت عنواناً إفصاحياً كاملاً يعمد إلى الرغبة المطلقة في لقاء الرجل المثال في تكويننا الانساني المعروف سلفاً ذلك الذي وصفته بأنه (السيد) الذي تعشقه المرأة، وتميل إليه حتى وإن كان قاسياً، أو ذا طبائع قوية، فهي تفصح شعراً عن فحوى العلاقة الممكنة بين الرجل والمرأة على أساس قوي من العاطفة التي لابد لأي إنسان منها.
في ديوان الشاعرة ميادة زعزوع رؤية جهورية نحو الاشياء، لأن الشعر كعادته لا يقبل ان تكون الحياة بوجهين، أو برؤيتين إنما الصدق هو الأولى في بناء مشهد الشعرية الكامل.. ذلك المليء بالحس الجميل، والنبض الهادئ، والرؤية الصادقة وهذا ما عبرت عنه الشاعرة في جميع قصائد الديوان.
إشارة:
وأتوه في رجل شرقي (ديوان)
ميادة زعزوع
دار المفردات الرياض 1427هـ 2006م
يقع الديوان في نحو (98 صفحة) من القطع المتوسط
الفنانة سارة الفهد صممت غلاف الديوان
الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
تشكيل
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved