الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 14th March,2005 العدد : 97

الأثنين 4 ,صفر 1426

التشكل الثنائي في نص نسائي
*محمد المنصور الشقحاء
وأنا أتجول بين رفوف الكتب وأدراج المجلات في ركن الصحف داخل سوق تجاري اعتدت التسوق منه صباح كل يوم خميس لقربه من منزلي، لفت نظري مجموعة كتب تقاربت في الحجم، وتشابهت في الطباعة والإخراج أخذت الأول وتذكرت وأنا أقرأ اسم الكاتب أني أعرفها، وقد تحدثت عنها عندما أهداني زميل في العمل نسخة من كتابها الأول يطلب مني الاطلاع على نتاج ابنته في مجال القصة القصيرة، كان الزميل الأستاذ عبداللطيف الخزامي وكانت المجموعة القصصية بعنوان (النائمون تحت الرماد)(1) للقاصة نوف عبداللطيف الخزامي من إصدارات وهج للحياة والإعلام، وقلت في مقال أدرجته في كتابي الصادر عن نادي أبها الأدبي بعنوان كلمات حتى نصل (2) (وتملك الكاتبة من خلال هذه النصوص القدرة على الإبداع القصصي وفق شرطه الذي حدده النقد الأدبي من خلال لغة سليمة، وقضايا تشغل بال الجميع، وهذا يعني ان وسائلها من خلال تواريخ النصوص في تطور) جاء الكتاب الثاني للقاصة نوف الخزامي بعنوان (اعترافات فتاة) (3) الجزء الأول المشهد الأول يتلخص في هجر أب لمنزله وانكسار طفلة داخل هذا المنزل يربكه إقدام الأب على الزواج بأخرى، ويأتي المشهد الثاني من عناية هذه الطفلة بأختها الصغرى والبحث عن البراءة والنقاء من خلالها، ويتصاعد النص من خلال المشاهد المتمددة على صفحات المجموعة بحوار يؤكد صراعا أزليا تعيشه منازلنا محاوره الجدة (أم الزوج) الأم (الزوجة) الابنة (الحفيدة) وموقف الأب (الرجل) من كل ما حوله.
اللافت للنظر في إصدارات وهج الحياة للإعلام هذه كلها أقلام نسوية ولمجموعة من الكاتبات صغيرات السن كما نجده في مجموعة (صراع مع الموج)(4) للقاصة عائشة توفيق القصير التي قدمها الدكتور ناصر بن سعد الرشيد قائلاً: (إن القاصة عائشة بنت توفيق القصير مشروع قصصي واعد، ولقد تحتاج إلى مزيد من الصقل والتجربة من خلال القراءة القصصية المبدعة، ولا شك أنها إن ثابرت ووثقت بخطاها ستصل إن شاء الله وتصبح قاصة يشار إليها بالبنان) ص9 والمجموعة قصاصات دونت فيها الكاتبة مشاهد تحدث أمامها وتسمعها بلسان جيلها، كما أشارت إليه في مدخلها للقصص تحت عنوان باب لنعرف ان القاصة في التاسعة عشرة من العمر (تكاثرت المحاولات الكتابية، وتضاعف عدد القصص، فاقترح والداي وبعض الصديقات والاخوة المحررون في مجلة حياة للفتيات أن أجمعها وأطبعها في كتاب قبل أن أتجاوز سن التاسعة عشرة، وأخوض مرحلة جديدة من التفكير والاهتمام الأدبي قد تباعد بيني وبين محاولاتي السابقة والجمهور الذي كانت تستقطبه بالذات)ص 11 .
وهذه المجموعة الطفلة تضم أربعة عشر نصاً تركض في سراديب الصراع القائم بين التلاميذ والمعلم وتفسير الأشياء للحفاظ على النجاح نشاهد ذلك في قصة (وتهاوت الأقنعة) وفي قصة (آهة تحت الماء) لترتفع صرخة التقدم وملامح أخرى في ثنائية النص النسوي نجدها في مجموعة القاصة هديل الحضيف (ظلالهم لا تتبعهم) (5) وكما هي الإصدارات الثلاثة السابقة تأتي هذه المجموعة في سياق إصدارات وهج الحياة للإعلام لكاتبة مساحة الوعي بما حولها أكبر، وهذا نجده في النص الأول في المجموعة (وحدي والليل كنا نرقب جرحك إذ يتسع، وينزف ببذخ الوسادة التي هجرتها أرقا) ص12 وفي مكان آخر من المجموعة تقول (أتذكرين؟ يوم كانت عينيك تلتهم الأسماء، بينما يداك تتوهان بين صفحات الجرائد بحثاً عن اسمك) ص57 الزمان والفضاء متلازمين بحيث يصعب إيجاد شخصية لها زمن دون فضاء، والفضاء عند القاصة هو الذي شكل الشخوص بخلاف أثر الزمان في كتابات نوف الخزامي وعائشة القصير ومع أن الفضاء يأتي متخيلاً فهو في هذه النصوص تسجيل واقعي جاء التأثيث حسب الأبعاد المكونة للشخصيات.
وندلف للإصدارين الآخرين من النصوص النسائية التي عنت بها دار وهج الحياة للإعلام التي تضم نصوصا قصصية تم نشرها عبر مجلة حياة يقول الأستاذ عبدالله أبو سارة (مجموعة فضاءات حالمة (6) مجموعة قصصية، مغتسلة بقطرات الندى، صاغتها نفوس وثابة وأقلام واعدة، وقد نشرت على صفحات مجلة حياة من قبل، وقد ارتأينا جمعها وإصدارها في مغلف لطيف يسهل اقتناؤه وحمله سفرا وحضرا) تشتمل هذه المجموعة على إحدى عشرة قصة لتسع قاصات هن ناريمان عبدالإله العالم 2 آلاء بنت سعود الزومان دلال سامي بثينة العيسى مريم بنت سليمان العبيد 2 تغريد العنزي منى المديهش (7) غادة بنت عبدالله نادية أحمد الشهري وهي في طرحها العام بوح نسوي تتحرك فيه الأشياء في اعتماد كامل على السارد عبر فضاءات مجازية ورموز إيحائية خدمت النص، وإن كانت تحمل دلالات معينة تتحرك وفق سياقات اجتماعية عامة، وتأتي المجموعة الثانية (باتجاه الشمس)(8) تحمل ثلاث عشرة قصة توزعت كالتالي نواف القديمي 4 لمياء عبدالرحمن 3 عبير العتيق نورة عبدالعزيز نوف مشاري هند بنت عبدالرحمن هند السويلم دلال سامي في هذه المجموعة نجد صوتا ذكوريا مخترقاً حاجز النسوية المسيطر على الفضاء القصصي محاوراً بناء النص ودلالته في (معرفة تركيب الحبكة الخاصة بالقصة المترتبة زمنياً تمكن الكاتب الناشئ من اختيار الأجزاء المناسبة من القصة ليتم عرضها في المشاهد الكبيرة) وهذا نجده في النصوص التي بين يدينا، وفي مآتم استعراضه في المجموعات الست التي تقارب تاريخ نشرها في مجلة حياة وعبر إصدار خاص ان إيجاد شخصية لافتة للنظر في قصة تبنى من خلال الصفات التي يتخيلها الكاتب، ومن هنا نجد نجاح بعض الكاتبات في خلق الشخصية المؤثرة في جمل تعبر عن المعنى ببساطة فتلقينا النصوص كما يحلو لنا من خلال إشارات مختلفة المصادر تسرد علينا بشيء من السذاجة مشاهد الحلم دون تعليق تاركة لمخيلتنا تكوين صورة تحمل ملامح الكاتبات فهن حاضرات على الرغم من محاولة التستر خلف تضاريس الزمن بما تحمل النصوص عينات من الصور المكونة من الفعل ورد الفعل بحثاً عن النموذج وفق تساؤلات تفرض نفسها تلتقي بدرجات متفاوتة مع إرث أدبي يحمل ترسبات اجتماعية تنتمي إلى واقعية انمحت معالمها حتى يكون نصاً إبداعياً جديدا تتعانق مع الكلاسيكية التي تتبنى العبقرية وفق قواعد فنية تصقل بالموهبة، ويأتي التشكل الثنائي واضحاً عند الكاتبات، فالقاصة نوف عبدالطيف الخزامي في مجموعتها الأولى (النائمون تحت الرماد) وبوضوح في قصة الحذاء وعند القاصة هديل الحضيف في مجموعتها (ظلالهم لا تتبعهم) في قصة رسالة للريح ومع القاصة عائشة توفيق القصير في قصة وتهاوت الأقنعة هذا التشكل الثنائي عند هذه الكوكبة من القاصات الواعدات يتجاوز السائد الاجتماعي والخصوصية النسوية المعتمرة خوذة الحريم في نسيج تجاوز الحجب من خلال خطاب اتخذ شكلا واحدا يتنوع فيه البناء تختلف مكوناته الصوتية تسمو درجات ويهبط درجات من قصة لأخرى ومن كاتبة لكاتبة يجسد الثراء اللغوي، وان اللفظ يلعب دوراً فاعلا في سياق النص عبر وصف متتال يضاف لبناء القصص بعيداً عن التحليل وفق عناصر محددة، وإن كان جسم النصوص مبنيا على عنصر توافقي بين الكاتبات نلمحه داخل لغة القص والمضامين التي تركض عبر مساراتها كل كاتبة، في نهاية هذه المداخلة.. القصة القصيرة خضعت للدراسة والتصنيف وجرى الاحتفاء بنصوص على حساب أخرى تتشكل فنياً وناضجة تجعل منها نصوصاً أدبية ممتعة، وهذا ما وجدته في بعض قصص هذه الإصدارات مما يرسم معالم نص نسائي تطابقي كامل الشخصية.
M7med2000@yahoo.com
1 النائمون تحت الرماد قصص قصيرة نوف عبداللطيف الخزامي 2003م الناشر وهج الحياة للإعلام بالرياض ص114.
2 يرجع لمقال هاجس المرآة في مجموعة (النائمون تحت الرماد) ص 66 من كتاب كلمات حتى نصل من إصدارات نادي أبها الأدبي 2004م.
3 اعترافات فتاة قصص قصيرة نوف عبداللطيف الخزامي 2004م ص98.
4 صراع مع الموج قصص قصيرة عائشة توفيق القصير 2003م ص 136.
5 ظلالهم لا تتبعهم قصص قصيرة هديل الحضيف 2004م ص 96.
6 فضاءات حالمة قصص قصيرة مجموعة كاتبات 2004م ص 96.
7 قصة الراحل ضمن مجموعة القاصة جمرات تأكل العتمة الصادرة عن النادي الأدبي بالرياض عام 1423هـ ينظر مقال جمرات تأكل العتمة ودلالات المرآة ص 70 كتاب كلمات حتى نصل.
8 باتجاه الشمس قصص قصيرة مجموعة كتاب 2004م ص 96.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved