الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 14th March,2005 العدد : 97

الأثنين 4 ,صفر 1426

قصة قصيرة
مستشفى البَيْض
خضير الشريهي *
كنتُ وصاحباي نحلم أحلاماً نعجز عن وصفها أحياناً، نراهن على تحقيقها ونتناساها إن تجاوزت حدود بطوننا، أحلامنا وإن لم نحققها إلا أنّا نتلذذ رسمها على الشفاه دون أن يعرف الملل الطريق إليها.
* *
البَيْض.. آهٍ كيف يبدو؟ كيف نحصل عليه؟ ألا يحق لنا أن نشبع منه؟!.
* *
انغرست بيدي فنجان القهوة المكسور، فانطلقتُ إلى (المطبخ) وبكائي يصطدم بصدى الوحدة ويعود أكثر إلحاحاً على الانبعاث، حشوتُ الجرح النازف ب(القرنفل) المطحون، ثم اتجهت أطلب (الوناسة) عند صاحبَيّ.
أذهلهما الجرح وأعجبتهما صلابتي ودهائي، فأنا من عالج جرحه بمفرده، توجعا لوجعي، واستكبرا على أحزانهما. لكن صديقنا سلمان أفشل محاولات تسلل الفرح لنفوسنا حين كشف عن ساقه.
كان على دراجته ملكا يعانق الفرح، ويروض الحياة في لحظة حلّق فيها وابتعد عن شراهة البؤس المستتر خلف الواقع، كان كل شيء متضامناً معه ومع فرحه إلا (قطعة حديد) مرتكزة بجانب الطريق، باغتته وانقضتْ على ساقه النحيل، وكأنها طالب ثأر، مزقت اللحم، وتركت آثارها باقية إلى يومنا هذا.
طرح (مقبل) فكرة الذهاب للمستشفى، وشجعنا عليها.. وما دفعه لهذه الفكرة ليس علاجنا وإنما طمعاً بالبَيْض:
نذهب للمستشفى لكي تتعالجا، وأكون أنا مرافقاً لكما، وفي المستشفى سيقدمون لنا كل ما نشتهيه، سنشبع من البَيْض، فهو متوافر عندهم بكثرة لا تتخيلانها.
ما إن جاء مقبل على سيرة الأكل والبَيْض حتى توثبت الهمم، وامتطى كل منا دراجته، واتجهنا لمستشفى البَيْض.
لم تتجاوز أعمارنا العاشرة، وهذا ما أذهل الطبيب الذي رأى جراحنا، فقرر على الفور علاجنا، وأعطى الخيار لنا: مَنْ يكون الأول؟
بادرتُ: أنا، وكانت جنايتي على نفسي وعلى صديقي، فما إن غرس الطبيب إبرته بجلدي حتى انفجرتُ بالبكاء الذي زرع الرعب في نفوس المنتظرين لدورهم، فبادروا هم بالهروب، وخلفوني أكابد لعنة البَيْض، وإبرة الطبيب.
عرفنا فيما بعد أن المستشفى الذي قصدناه لم يكن إلا مستوصفاً لا يُنوّمُ المرضى فيه..
وجع: كبر البَيْض وأحلامنا، ولم نستطع اللحاق بهما حتى الآن.


* حائل

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved