الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 14th April,2003 العدد : 7

الأثنين 12 ,صفر 1424

بروق الواسطية
شعر/عبد الرحمن صالح العشماوي
فاتحة (1)
فديتُ الصَّدى والصوت واللَّحن والفما
فديتُ الذي أرخى الجفون وسلَّما
فدتيتكِ يا ريحانة سال في دمي
شذاها وغنىَّ عطرها وترنَّما
فديتُكِ حباً نابتاً في مشاعري
فديتُك فجراً في فؤادي تبسَّماً
فديتُكِ يغدو العيشُ كالشهد كلَّما
دنوتِ، ويغدو حين تنأين عَلْقَما
فاتحة (2)
تقول الحكايةُ: إن القمرْ
تدحرج فوق غصون الشجرْ
وإن عيون السهارى رأت
في وجوه النجوم الكدْر
وإنَّ «شدا»، ذلك الجبل الشَّهمُ..
كاد يميد من الغيظ..
ألقى إلى الأرض ألفي حَجَرْ
وإنَّ جدارَ الهدوء انكسرْ
وإنَّ الفتاة التي ابتهجت بالقميص المطرَّز فرتْ
وإن الفتى خشيةَ الموتِ، فرّ
إبحار:
تسائلني «الواسطيَّةُ»
من أين جئت إليَّ؟!
وكيف عبرت الطريق المزخرف بالذكرياتْ؟
وكيف تخلصت من قبضة الليل..
جاوزت بحر الظلام..
وكيف عبرت الحدود وأسلاكها الشائكاتْ؟
وكيف طويت السنين الطوالَ..
وحوَّلتها كتلاً من دخانٍ..
وأَسْرجَت في دربك الصافناتْ؟
فديتُكِ يا واسطيَّة عقد الزمن..
فديتُكِ..
ما أجمل الصَّوتَ ينثر عطر الحروف علينا
يمرُّ بها من طريق القُبَلْ
فديتُكِ
ما أجمل الصوتَ يملأ كلَّ الفراغاتِ حولي
وينسج ثوب الأملْ.
فديتكِ
ما أجمل الصوتَ يفتح بوَّابة الفجر..
يغسل بالنور أجفان قريتنا النائمة
ويكشف كلَّ الوجوه التي تتستَّر بالليل..
والظُلمةِ القاتمهْ
فديتُكِ هاتي يديك لنرسم للكون لحظته القادمهْ
جنونٌ هو الحبُّ.. هل ينكر العاشقون؟
وهل ينكرالشاعر الحرُّ معنى الجنون؟
جنونٌ.. وعيناكِ نافذتا لهفة أشرقت منهما شمس حبي..
وحولهما نبتت زَهَرات الفُتون
جنونٌ.. وتسكُب عيناكِ سحراً..
ويغرس شعري سؤالاً على شفتيهِ:
لمن ذلك السحر.. تلك الجفون؟؟
جنونٌ.. ويقسم شعري على ما رآه..
ويفهم ما قاله العارفون
جنونٌ.. وتصرخ بي «الواسطيَّةُ» والشوق في مقلتيها اشتعالك
أَرِق حبرك الآنَ..
في تُربةِ اللغة الشاعرهْ
أَرِق حبرك الآن عند جذوع الحروف العِطَاشِ..
لتمتدَّ أغصانُها عَبْرَ كلِّ الجهاتْ
تظل رأسُك في الهاجرة
أرِق حبرك الآن فوق رموشِ العيونِ المبللةِ الساهرهْ
أرِق.. حبرك الآن..
سيِّره نهراً يوقع خِصباً على دفتر الرَّوضة الذابلهْ
أدِر شعرك العربي الأصيل..
كؤوساً تُروِّى قلوب العطاش..
وترسم درب النجاة
لأمتك الغافلهْ
أرِق حبرك الآن..
حتى يمرَّ الربيع على وجه أحلامنا الراقدهْ
وحتى يحرِّك أنهارها الراكدة
وحتى يُغسِّلَ وجه التلال ويوقظ أطلالها الهامدهْ
وحتى يعيد شموخ الجبال التي..
أصبحت صخرةً جامدهْ
أَرِق حبرك الآن..
وابن لنا قلعة من حروفك..
تأوي إليها الرُّؤى الشَّاردهْ
وآمالُنا الواعدهْ
أضِئ في دروب الحيارى مصابيح حبٍّك..
في زمن اللذَّة العابرهْ
وفي زمن الشعر تندسُّ فيه السِّهامُ المصوَّبةُ الجائره
وفي زمن النظرةِ القاصره
لمن تترك اللَّوزَ فوق جبال السَّراةِ..
يهزُّ الغصون اشتياقاً
ويُلقي الى راحتيك الثمر؟
لمن تترك الغيم يشرح أسراره بلسان المطر؟!
لمن تترك «الشِّيحَ» و«البُنَّ» و«الموز»..
ترسم في وجه «ذي عَينَ» أَزهى الصُّوَرْ
سلامٌ عليكِ..
فديتُك يا واسطيَّة عقد الزمن..
فديتُكِ..
قلبي وروحي وعقلي مسامعُ تهفو اليكِ
بحبِّك أغلقت باب جراحي..
وأسرجت خيلَ القوافي..
وأمَّنتُ أحلامي الخائفهْ
أتيتُكِ.. أغسل جرحي بدمعي..
وأبني سدود وقاري أمام سيولِ الهوى الجارفهْ
أتيتُكِ..أبني لعينيكِ كوخاً من الشوق والعاطفهْ
أصدُّ به حملات الشتاء العنيف..
وأصرف عن وجهك العاصفهْ
أتيتُكِ..
أُلقي على الدَّربِ أضواء إيماني الكاشفه
فديتُكِ.. يا واسطيَّة عقد الزمن..
أحبُّكِ حُبَّ التقيَّ صلاةَ التهجُّد..
والناسُ في لهوهم سادرون
أحبكِ حُبَّ الزهور العطاشِ لغيث السَّماءِ..
وحُبَّ الشُّداةِ لما يُنشِدُون
أحبكِ.. أسعى إليكِ..
أحرِّك شوق المسافات نحوَك..
أعزف لحن الخُطَى فوق كلِّ الطرقْ
أمدُّ سلالم شوقي..
وأصعد نحو الأفقْ
أُقطِّر في راحتيكِ الشَّفق
وأحلُبُ ثَديَ المروءهْ..
حين تُمَدُّ عليكِ خيامُ الغَسَق
وأسمع «للقومويَّة» صوتاً..
يجسًّد في شفتيها الشَّبَق
ويُشعل في مقلتيها الأَرق
فلا ليلها امتدَّ حتى الصباحِ..
ولا البدر في راحتيها اتَّسق
ولا اتخذت منزلاً في السَّراة..
ولا ركبت طبقاً عن طبقْ
ولا عرفتْ شيخَنا والخزامى..
ولا شربتْ في المساءِ المَرَقْ
أعيذكِ أن تقرئي مقلتيها
وأن تمسحي بيديك العرق
فديتُك يا واسطيَّةَ عقد الزمن..
هي «القومويةُ» يبيضُّ في مقلتيها الظلامُ..
وتركب مَتنَ التَّذَبذُب في كلُّ ساح.. ويسوَدُّ في مقلتيها الصَّباح
وتحمرُّ في شفتيها الحروفُ..
وتبحثُ في كلِّ زاوية عن لقاحْ
تهبُّ عليها من الشرق والغربِ..
ألفُ رياحْ
فلا تسأليها عن الحبِّ: كيف يكون طَهُوراً..
ولا عن جمال الوشاحْ
سليها عن الحُمرَةِ القانيهْ
سليها عن اللذَّة الفانيهْ
سليها عن البحرِ كيف رآها على شاطىء الهاويهْ
فديتُكِ يا واسطيَّةَ عقد الزمنْ
هي «القومويَّة» تحمل في كفِّها الجمرَ..
تحلف بالله أن تُطفىء الجمرَ في مقلة الفجرِ..
تسَمُل عين الضياء
وأن تشعلَ النارَ في راحة الحبِّ..
تحرقَ ثوب النقاءْ
وتحلفُ بالله أنَّ «القوافلَ» سوف تسيرُ..
إلى «كاهن الحيِّ» عند المساءْ
وأنَّ «الطُّقوس» هناكَ.. ستفتح بوَّابةً للدِّماء
وأنَّ الرياحين سوف تصير رماداً..
وأنَّ الرمال ستشربُ دمع النساء
وأنَّ «المنخِّل» سوف يجندل ناقته..
عند اشراقه «الشاذليَّة»
هي «القوموية سوف تردِّد عند الضَّريحِ..
رُموزاً خفيَّه
وسوف تحرِّك أهدابها اللّولبيَّه
وترسم في وجهها صورةً للقضيَّه
وتفتح بوَّابة «القُرمُطيَّه»
فَديتُكِ يا واسطيَّةَ عقد الزمن..
هي «القومومية»..وَهمٌ يعشش في مقلتيها..
وفي شفتيها صياحُ غرابٍ وأصداءُ بوم
وفي قلبها لو علمتِ كهوفٌ من الحقدِ..
فيها الضَّغينةُ.. فيها السُّموم
هي «القومويَّة»..
تُطلق في ظلمةِ الليل صرختها الثائره
وسوف تدورُ على مثلها الدائرَه
فديتُكِ يا واسطيَّةَ عقد الزمن..
تعالي إليَّ اسكبي في عروقي دماً يتدفَّق نحو الفؤادْ
تعاليْ إليَّ.. فضاءً من الطُّهر أَسبَح فيهِ..
وشمسَ رَشاد
تعالي إليَّ تراتيل آيٍ من الذكرِ..
تمسح عن مقلتيَّ السُّهاد
فديتُكِ.. هذا طريقُ الضِّياءِ وهذي زهور اليقينْ
وهذه غصونُ «الكتاب المبينْ»
وهذا النسيمُ يزفُّ إلينا..
شذا «سيد المرسلينْ»
فديتُكِ.. هذا طريق النجاةِ ودرب اليقينْ
فلاَ رقَدتْ أعينُ العابثينْ
(1) ذي عين قرية جميلة تتميز بعينٍ ماءٍ تجري صافية منذ زمن بعيد.. القرية في منطقة الباحة
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
وراقيات
ذاكرة
مداخلات
المحررون

ارشيف الاعداد


موافق

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved