Culture Magazine Monday  14/05/2007 G Issue 198
مراجعات
الأثنين 27 ,ربيع الثاني 1428   العدد  198
 

استراحة داخل صومعة الفكر
سعد البواردي

 

 

قصائد في ذاكرة الوطن

عبد الله الحميد

160 صفحة من القطع الكبير

(2-2)

أما شاعرنا عبيد مدني فمقطوعته انطباعية زاخرة بالوفاء للقيادة والزعامة التي نقلت شعبها من عصر البداوة إلى حاضرة التحضر:

بدت المعالم في شفير الوادي

فاستوفز الركب الشعاع البادي

حيث الجلالة في أجل صفاتها

موصولة الإسناد بالإسناد

حيث الحمية والبطولة والقوى

محفوفة بكماتها الآساد

حيث العروبة مشمخر مجدها

في طارق من عزها وتلاد

بل حيث عاهل يعرب وإمامها

ورئيسها في الأرض والإرعاد

ومن عبيد مدني إلى الشاعر الكبير علي أحمد باكثير وفي نفس المناسبة الوطنية:

قل للعروبة وهي باكية

تداري الدموع وتشتكي البرحا

قومي امسحي عينيك وانتثلي

هذي الجزيرة تعقد الصلحا

وامضي إلى عبدالعزيز يزل

عنك السقام ويضمد القرحا

ابنة الحزينة إن مضيت له

أضحيت هانئة به فرحا

أمل العروبة في قضيتها

بين الرياض يجول والبطحا

يعني ب(البطحاء) أبطح مكة المشرفة.

كل من هؤلاء الشعراء رصد بريشته حركة التغيير في هذا الوطن.. صاغها برؤيته وأسلوبه الخاص.. إلا أن القاسم المشترك الأعظم واحد.. هو هذا الوطن.. وبناة هذا الوطن.. وحماة هذا الوطن.

(أنت الرياض) لشاعرنا د. غازي القصيبي أختار منها هذه الأبيات الموحية بدلالاتها وشفافيتها:

أحبك حبي عيون الرياض

يغالب فيها الحنين الحياء

أحبك حبي جبين الرياض

تظل تلفعه الكبرياء

أحبك حبي دروب الرياض

عناء الرياض.. صغار الرياض

لم يذر شيئاً في الرياض إلا وغنى له.. حتى العناء ينسيه الغناء في الرياض لأنه مؤشر حركة.. ونبض حياة.. ومن شاعرنا القصيبي إلى شاعرتنا فاطمة القرني، وهي تمطر شعراً في مقطوعتها مطر.. والرياض تفرح بالمطر وتغني له.

سلاماً فيافي نجد ما عاند الحيا

ثراك وما جرعت من لوعة الفقد

سلاماً وإن أعلنت حربي وإن تكن

أغاني مرجوعاً صداها بلا ردّ

يقولون تهمي نجد من لي بقطرة؟

أفيضا على الخالين لفحاً على خدي

أصداً لمن غنتك عمراً من الهوى؟

أغدراً بمن قاسمتها صادق العهد؟

سلي النخل، هزي الجذع, ألف حكاية

طواها الأسى تنهل تدرين ما عندي

فاطمة أبدعت في صورها.. في تساؤلاتها وفي إجابتها.. كانت موفقة.. حين يبرز في مخيلتي اسم شاعرنا الراحل محمد حسن فقي يتراءى لي نبع متوهج متموج تتداعى أمامه السدود لأن تياره يخترق السدود بجسارة وجدارة، في أدبياته جاءت أبياته معانقة لليوم الوطني.

هو يوم بداية التوحيد فيه تمت على يد الصنديد

منذ ما شب للعرب الشهم فكان العميد وابن العميد

ظاهروه فجاءهم بقديم مستفز.. وجاءهم بجديد

وحد الشمل بعدما انفرط الشمل وكدنا نضيع بالتجديد

ابن عبدالعزيز تنضح ذكراه بعرف يفوق عرف الورود

أما شاعرنا د. محمد بن سعد بن حسين فله خاطرة شعرية تستوعب الولاء كله لقادة وريادة هذا الوطن:

صور البطولة فوق بابك تنطق

ويحدث التاريخ وهو مصدق

يروي أحاديث البطولة وهي في

سفر الزمان حقيقة تتألق

أنت الإمام وأنت رائد أمة

تهوى الوفاء وللمروءة تعشق

يصغي إليها الدهر فهي ضميره

دين ودنيا والإله موفق

تحتاج من فكر الإمام فترتوي

ويهزها للمجد شوق معرق

شاعر وطني آخر هو الأستاذ محمد بن سعد الدبل الذي عانق فجر الرياض حماساً وإحساساً:

أذن الفجر واحتراب العوالي

يبدئ الليل كرّها ويعيد

كم تنحى يخاطب المجد سراً

ألمعيا نماه مجد تليد

وهجير الزمان ذكرى زمان

يبتليه عبدالعزيز الحفيد

قال: يستلهم الحياة ثناء

ومضاء يكنه التسهيد

إن مني نجد المروءات؟ هل لي

في سماء الرياض فجر جديد؟

وقد كان الفجر الجديد في رياضنا الجميلة.. ومن فجر رياضنا إلى الوطن الأشمل حيث شاعرنا محمد سعد العجلان:

يا أيها الوطن المزروع في حدقي

يا موطن المجد والأعراف والألق

فيك الهدى شعّ نوراً يستضاء به

فأشرقت في الدنا قدسية العبق

جاء البشير بها علماً ومنفعة

تقول: اقرأ وهذي سورة العلق

شمخت في عالم الأهواء يا وطني

فكنت كالكون مهوى كل معتنق

إليك تهفو قلوب المسلمين فما

يشيح عنك بوجه الحب غير شقي

أبيات تشع حباً.. وتهيم قلباً.. وتنضح جمالاً.. منها يسلمنا المطاف إلى قطاف شاعرنا محمد العباسي البغدادي:

قم فألق عن الجفون كراها

واركب الجيد واستفز سراها

واطلب الأمن من نبال مهاها

واحترس من قوام قيد ظباها

وترنم من الغرام بسعدى

وتزود برشفة من شفاها

بأبي غادة تميس دلالا..

أنا مغرى بها.. ومن قتلاها

تتهادى بين العراق ونجد

وزرود بين ريم نقاها

أبيات رائعة.. وتوصيف شاعري أخاذ.. ملاحظة: الشطر الأخير من الأبيات المختارة ناقص، وأحسبه هكذا: وزرود ما بين ريم نقاها.

ولشيخنا الراحل محمد بن عثيمين قصيدة تحدث فيها عن مآثر الملك عبد العزيز، منها قوله:

عبد العزيز الذي نالت به شرفا

بنو نزار وعزت منه قحطان

ملك تجسد في أثناء بردته

غيث وليث وإعطاء وحرمان

خبيئة الله في ذا الوقت أظهرها

وللمهيمن في تأخيرها شان

ودعوة وجبت للمسلمين به

أما ترى عمّهم أمن وإيمان

فجئت بالسيف والقرآن معتزما

تمضي بسيفك ما أمضاه قرآن

ومن راحل إلى راحل.. ومن شيخ إلى شيخ نقف معاً على خاطرة محمد متولي الشعراوي الشعرية:

هنيئاً فهذا اليوم عيدك يا علم

صفا لك وجه الدهر وابتسم الحكم

وكنت هلالاً كم يكافح في الدجى

فجاءك فهد في توقده تم

أقام بأرض الطهر دين سمائها

ولم يجتذبه قطر ما قنن الوهم

كذلك هدي الله من ها هنا بدا

ومن ها هنا أيضاً بتطبيقه يسمو

فقدتك يا صقر العروبة إنما

وجدتك في أبناء كلهمو عصم

أبيات الشعراوي قالها بمناسبة عيد العلم.. ومن عيد علم إلى علم أبطال مع الشاعر محمود شوقي الأيوبي:

لغير سجايا العرب لم تخضع القنا

ولا عاود الأفكار إلا هوى المغنى

صبوت إلى غيل الضراغم صبوة

تشاطرني وهنا فتورثني الحزنا

إذا صرخت حرب القردم وشمرت

وجدت الذي لم يعرف العيّ والأبنا

هو القائد الجرد اللاهب في الوغى

عليها كماة يحسنون به ظنا

هو الملك الحامي تراث جدوده

من العُرب لم تعرف شبيهاً به خدنا

(قرن التوحيد والبناء) عنوان وطنية الشاعر د. ناصر عبد العزيز العرفج:

قرن من الدهر شعث من صحائفه

من قمة المجد أشكال وألوان

هبت على أرضنا ريح مدمرة

قد أعقبت فرقة وانهار بنيان

جهل وسلب وأمراض ومسغبة

عاشت بلا قيمة يعلو لها شان

عبد العزيز شبيه الغيث مقدمه

أعطى النماء وأضحى الشكل يزدان

بوركت يا دولة بالدين قد حكمت

والعدل ديدنها والتوحيد عنوان

الشطر الأخير مهزوز يحتاج إلى تثبيت في بنائه الشعري.. يمكن استقامته بهذه الصيغة: والعدل ديدنه والشرع عنوانُ.

وأخيراً مع آخر الشعراء - إن جازت لي هذه التسمية - مع الإمام يحيى حميد الدين:

صدرت للوئام زفرة

تؤم الرياض تستضيء صداها

هي تدعو إلى الوفاق

وتستنصر منا حمية تهواها

وتنادي يا للشهامة والغيرة

أين الحفاظ؟ أين ناها؟

لمليك متوج من نزار

أعجبته ربيعة في ذراها

ورأته شيبانها علم الاجلال

بسطامها وقطب رحاها

عند هذا الحدّ ننتهي مع شاعرنا الصديق عبد الله الحميد في كتابه (قصائد في ذاكرة الوطن) الذي جمع فيه وأوعى قصائد حب للوطن.. ولقيادة الوطن.. قالها شعراء قدماء ومحدثون.. ولمناسبات متعددة.. وبأساليب طرح متعددة.. استعرضتها مجرد استعراض من خلال هذه الحلقة للتعريف بها.. دون أن أحملها ما لا تحتمل من وجهة الفنية الشعرية.. فالمناسبة مناسبة عرض لهذه المعطيات الشعرية التي تزخر بالحب.. والانتماء والثقة بمستقبل مشرق لهذا الوطن.. دعامته قيادة حكيمة.. وشعب وفي يثق.. ويتشوق.. ويعشق جماليات الحياة.. وحركتها دون تباطؤ يجمع فيه بين الأصالة والمعاصرة المتجددة دائماً المتوهجة دائماً، ولأنها مناسبة حب وانتماء ورصد لملامح من هذا الحب والانتماء لوطن نحبه تراباً وتاريخاً وتراثاً ومستقبلاً، كما أحببناه ماضياً وحاضراً، فإنني أستأذن صديقي الحميد المشاركة بأبيات ثلاثة حاولت أن أضيف إليها رابعاً فأعيتني الحيلة وفشلت.. تقول أبياتها:

أحبك يا أرضي ولست بخيرها

ففي غيرك الأنهار والخصب والفن

ولكنك الأبهى فأنت حبيبتي

وأنت لي التاريخ والأهل والوطن

ومن يعشق التاريخ أهلاً وموطناً

يبح ربيع الأرض لو أنه الثمن

هذا بعض مما جمعه شاعرنا الحميد من نماذج لشعراء قدامى ومحدثين عن الوطن وفاء له.. وفي شعرنا المعاصر الكثير الكثير من الوطنيات المشرقة والمعبرة عن

حبها والتصاقها به، فهل يجمعها الحميد في كتاب قادم؟ هذا ما أرجوه.

***

لإبداء الرأي حول هذه المراجعة، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب «5621» ثم أرسلها إلى الكود 82244

الرياض ص. ب 231185 الرمز 11321 فاكس 2053338


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة