الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 14th June,2004 العدد : 63

الأثنين 26 ,ربيع الثاني 1425

شاعر مكة علي أبو العلا
أ. د. محمد خضر عريف

عرفت الأديب الكبير الأستاذ علي أبو العلا وأنا لمَّا أزل بعدُ طفلاً صغيراً حين كنت أسكن مع أسرتي بجبل الكعبة في مكة المكرمة، زادها الله تكريما وتعظيماً. وكان الأديب الكيبر يسكن بالقرب منا في (طلعة الحفاير) على ما أذكر، وتشببت وأنا أعرف أن هذا البيت الشامخ بطلعة الحفاير هو لأديب كبير وموظف بالإمارة اسمه علي أبو العلا.
وبعد انضمامي لقسم اللغة العربية وآدابها بفرع جامعة الملك عبدالعزيز بمكة المكرمة في مطلع التسعينيات الهجرية (السبعينيات الميلادية) بدأت أقرأ النتاج الشعري لعدد من شعراء المملكة عموماً، ومكة المكرمة خصوصاً، ومنهم علي أبو العلا، واطلعت على دواوينه، ومنها: (بكاء الزهر) و(سطور فوق السحاب) فيما بعد. ووجدتني أمام شاعر فحل عملاق، وفخرت بانتمائي إلى البلد الأمين.
سافرت بعدها في بعثة لتحضير الماجستير والدكتوراه في الولايات المتحدة الأمريكية، ولعله في عام 1400 أو 1401هـ علمت بقرار تأسيس جامعة أم القرى بمكة المكرمة بأمر من جلالة الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله.
وسمعت أن جلالته قد تأثر بقصيدة ألقاها الشاعر الكبير علي أبو العلا في حفل كبير بمكة المكرمة، التمس فيها من جلالته تأسيس جامعة بأم القرى باسم أهالي مكة المكرمة، لذلك كله تمنيت أن ألقى هذا الشاعر الكبير بعد عودتي من البعثة. وقد كان لي ما تمنيت، إذ قبل عقد من الزمان أو يزيد أو ينقص قليلاً تأسس صالون أبو العلا الأدبي بمكة المكرمة في شارع عميد أسرتنا الشيخ عبدالله عريف رحمه الله، وتحول اسم الصالون من بعد إلى منتدى أبو العلا الأدبي. ويكاد سروري عظيماً وأنا أتلقى اتصالاً هاتفياً من العم علي شفاه الله يدعوني لحضور إحدى أمسيات المنتدى. ولم أتردد إطلاقاً في تلبية الدعوة الكريمة، وقدمت إلى منتداه البهيج لأسعد بلقياه الذي تمنيته منذ ثلاثين سنة.
ونشأت صداقة وأخوة ومحبة في الله بيني وبين الأديب الكبير استمرت وزادت خلال السنين حتى وقتنا هذا، وما دعاني مرة للمنتدى إلا ولبيت الدعوة، وشاركت مراراً في نشاطاته محاضراً أو ملقياً لبعض قصائدي المتواضعة. ولقيت في منتداه عديد الأدباء الكبار الذين رحل عن عالمنا كثير منهم، وفي مقدمتهم الفريق يحيى المعلمي، والأستاذ حسين عرب، وآخرون.
وحضرت عنده محاضرات لا أنساها على مدى الدهر، كمحاضرة لمعالي الأستاذ أحمد زكي يماني عن النشاط الاقتصادي في مكة المكرمة قبل الإسلام، ولقاء ضم الأمينين: أمين العاصمة المقدسة معالي الدكتور خالد نحاس، وأمين محافظة جدة معالي المهندس عبدالله بن يحيى المعلمي بعيد تعيينهما، وتحدث كل منهما عن خططه وطموحاته، ناهيك عن أمسيات شعرية كثيرة شاركت في بعضها مع الشاعر الكبير الأستاذ يحيى توفيق والدكتور بهاء عزّي والدكتور عبدالله باشراحيل، وسواهم.
كما سافرتُ مع العم علي شفاه الله لنشارك في احتفالية جائزة شاعر مكة محمد حسن فقي التي تنظمها مؤسسة يماني الثقافية الخيرية ويرعاها معالي الأستاذ أحمد زكي يماني وفقه الله في القاهرة، وقد شارك العم علي في الأمسيات الشعرية التي تقام ضمن فعاليات الاحتفالية. وكان لقائي معه في القاهرة فرصة ليحدثني عن ذكرياته الرائعة، سواء ما اتصل منها باهتماماته الأدبية والفكرية، أو عمله في خدمة ضيوف الرحمن على مدى نصف قرن أو يزيد حين كان يقدم إلى مصر على الدوام للاتصال بالحجاج. فإضافة إلى كل أعماله التي تبوأها وبرز فيها كان ولا يزال مطوفاً مخلصاً حريصاً على هذه المهنة الشريفة التي يضطلع بها كثير من الأسر الكريمة بمكة.
وقد علمتُ مؤخراً بمرض العم علي شفاه الله، وما زلت أدعو له بالشفاء العاجل. وكانت آخر مرة لقيته فيها في مجلس علم بدار السيد عبدالله مذعق بجدة، ثم شرفت بالمشاركة في الاحتفال بتسمية أحد شوارع مدينة جدة باسمه بحضور معالي أمين محافظة جدة المهندس عبدالله بن يحيى المعلمي، ضمن احتفالية بتسمية شارع باسمه وآخر باسم الشيخ عبدالرحمن فقيه.
معلوم أن الأستاذ علي أبو العلا عمل رئيساً لبلدية جدة عامي 1383 و1384هـ، ثم انتقل للعمل في إمارة مكة المكرمة بوظيفة مستشار إداري، ثم رفع إلى وظيفة مدير الشؤون الإدارية العامة بالإمارة وسكرتير لجنة الحج العليا ومدير عام الحقوق، وأخيراً وكيل مساعد لإمارة منطقة مكة المكرمة. وهو وجه اجتماعي مرموق وعضو في عدد من الجمعيات والمجالس، فهو عضو في المجلس البلدي وعضو في الجمعية الخيرية بمكة المكرمة وعضو في جمعية صندوق البر بمكة المكرمة وعضو في لجنة مساعدة السجناء المعسرين بمكة المكرمة ورئيس الهيئة العليا للطوائف بوزارة الحج.
وإن أردنا الحديث عن شاعرية علي أبو العلا فلا بد من أن نذكر أن شاعريته ظهرت في صباه حين كان يشارك بشعره في المسامرات الأدبية بمدرسة تحضير البعثات بمكة المكرمة، كما شارك بآرائه في كتابة المقالات الصحفية التي نشرها في الصحف السعودية آنذاك، كما نشر الكثير من شعره الذي شارك به المناسبات، بالإضافة إلى شعره في التأملات والموضوعات الأخرى، واتسم جميعه بالقوة والرصانة والالتزام بعمود الشعر العربي.
وأول ديوان شعري طبعه هو ديوان (بكاء الزهر). وقد فسر هذه التسمية الرومانسية شعراً فقال:
يقولون: كيف بكاء الزهر
وهل دمعه كدموع البشر؟
وهل للبنات عيون ترى
وفيها جمال وفيها حور؟
فقلت: أجل للزهور عيون
تبث شعاعاً بشتى الصور
ومن دمعها قطرات الندى
ترف مع الفجر تحت الشجر
فلا تعجبوا إن جعلت قريضي
وديوان شعري (بكاء الزهر)
وفي شعر أبو العلا ارتباط بأرض المقدسات التي ولد فيها ونشأ وترعرع، فلما يزل يتحدث عن تلك البلدة الطيبة مكة المكرمة ويتغنى بها في شعره. ومن ذلك قصيدته (مكة رحاب الوحي) التي نُشرت في عدد من الصحف، ومما جاء فيها:
مكة يا قبلة الأرض وحسبي
أن بنى الله كياني من ثراها
مكة يا منزل آساد الشرى
أخضعوا الآفاق وانقادت ذراها
تربها كالمسك عطراً وعبيراً
وأمان الله قد عمَّ حماها
ومن إصدارات علي أبو العلا: (من الزوايا والتاريخ)، وديوان (بكاء الزهر)، وديوان (سطور فوق السحاب).
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved