الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 14th July,2003 العدد : 20

الأثنين 14 ,جمادى الاولى 1424

نقلة ثقافية
سعادة مدير التحرير للشؤون الثقافية بجريدة الجزيرة الغراء الأستاذ الفاضل إبراهيم بن عبدالرحمن التركي المحترم
أسعدتنا جريدة الجزيرة بهذا الملحق الثقافي الذي يصدر كل اثنين، وبهذا التنوع الفكري والثقافي الرائع..
وبهذه المناسبة فإني أزف إليكم البشرى على هذه النقلة الثقافية الفريدة في عالم الصحافة اليوم..
ويشرفني المشاركة إياكم في هذا الملحق متمنياً لكم دوام التوفيق.. ولإعجابي بمعالي الأديب الوزير الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر حفظه الله وما كتبه عنه أستاذنا الكاتب علوي طه الصافي الأسبوع الماضي، فقد أثار فيّ الكتابة عن هذا الرجل، لذا أحببت المشاركة بهذا المقال.
وزير الأدباء وأديب الوزراء
أدهشني ما خطته أنامل الكاتب المبدع علوي طه الصافي في ثقافية الجزيرة الاثنين الماضي 22/4/1424هـ العدد 17 عن ذكرياته الماتعة مع شخصية أدبية راقية بأدبها وخلقها وبعيدة عن أضواء التمجيد وسفسطات الإعلام رغم ما حظي به من مناصب وزارية عالية ومكانة اجتماعية مرموقة.
والأمر الذي بدا غريباً عليك يا أستاذ علوي، وانت من أنت في أدبك وخلقك، فكيف به بالنسبة إليّ، قد تظنه مذهلاً.. وسأروي لك بعضاً من جميل تواضعه كما رويت لنا، وسأمتعك بفيض أدبه كما أمتعتنا، والفرق الكبير بيني وبينك انك عاصرته وخالطته وجالسته وقابلته كثيراً، أما أنا فلم أقابله إلا مرة واحدة، لكن ذكرياتك معه أجبرتني على أن أروي موقف أديبنا القدير ووزيرنا الجليل الدكتور عبدالعزيز الخويطر معي..
كنت أسمع به وأنا طالب في المرحلة الثانوية وكان آنذاك وزيراً للمعارف، وإذا مرت سيرته مرت معه الجدية والحزم والاخلاص في العمل، أحببته منذ ذلك اليوم، ومازال ختم اسمه وسام عز على شهادتي الثانوية العامة، ثم أنست إلى كتاباته التراثية الطريفة واللطيفة في المجلة العربية، وإبداعاته الأدبية في صحيفة الجزيرة، ومؤلفاته النفيسة ودرره الفريدة التي تملأ الساحة الثقافية فكراً وأدباً وأسلوبا راقياً يسحرك لفظه ومعناه، قلم سيال متدفق، وذاكرة نادرة، وأدب جم، وخلق فاضل، حتى ارتقى بي الدهر فاتصلت بصديقه وخليله الأديب الكبير أحمد بن علي آل مبارك الذي روى لي بعضاً من سيرة أستاذنا الخويطر ندية طرية بلسانه الرقراق وأسلوبه العذب، وكنت كلما التقيت شيخنا القدير ألححت عليه في السؤال عن شخص الدكتور الخويطر.. لا أعرف لماذا؟ سوى الاعجاب به.
فحدثني الشيخ أحمد عن تواضعه وأدبه وخلقه ورزانته وصدقه واخلاصه ووفائه وحبه لوطنه، وحدثني عن إبداعه الأدبي ورصانة قلمه ومتانة أسلوبه، وزادني من حديثه عن الدكتور الخويطر عن حسن تعامله مع الصغير والكبير، مع من يعرفه ومن لا يعرفه، وكان يسهب في الحديث عن ذكرياته معه وهما في مصر أيام الدراسة، أيام مكابدة الأيام والليالي، ومما قاله عنه: "كان الخويطر جدياً في حياته، لطيفاً في تعامله، دمثاً في خلقه، أنيقاً في ملبسه، رقيق الخاطر، عذب اللسان، محباً، عطوفاً، وقافاً عند حدود الله، وكان نهماً في القراءة والاطلاع، سريع الفهم، قوي الشخصية، عنده قدرة فائقة على التحليل والتعليق الأدبي المميز، له أسلوب فريد يختلف عن الآخرين، يصوغ ألفاظه كما يصوغ الحائك خيوطه الذهبية، يتمتع بحافظة وذاكرة نادرتين"، حتى زادني عشقاً للقائه والارتواء من معينه الأدبي الصافي، لكن أنى لمثلي ان التقيه وهو الوزير الأديب فربما كان ذاك مستحيلاً كما ظن ذاك أديبنا علوي الصافي.
ولكني بعد أن ألفت كتابي عن والدنا الشيخ أحمد بن علي آل مبارك أردت ان يقدم للكتاب رجل يوازي الشيخ أحمد في المكانة الأدبية والاجتماعية من جهة، ومن جهة أخرى يكون له مع الشيخ أحمد صداقة ومحبة ومودة يكشف في مقدمته شيئاً مما خفي علي من حياة الشيخ، فلم تقع ذاكرتي إلا على شخص الدكتور الخويطر الكريم النبيل، رغم مئات الأصدقاء والأحباب للشيخ أحمد.
ولكن كيف السبيل إليه، وهو كثير الأعباء والأشغال وهل سيوافق على مرادي أم لا؟ هذه الأفكار كانت تجول في خاطري، لكن تواضعه وحسن تعامله كان يرن في أذني أكثر، فعزمت على مهاتفته في منزله، وفعلاً هاتفته لكني لم أجده، وحتى لا أقلقه أرسلت إليه فاكساً أطلب فيه تقديم كتابي عن والدنا الشيخ الأديب أحمد آل مبارك تاركاً في ذيله رقم هاتفي.
وبعد أقل من ساعة يأتيني من شخصه النبيل اتصال أخوي رقيق حانٍ يخاطبني بقوله أهلاً أخي معك عبدالعزيز الخويطر دون تعالي الألقاب أو تعاظم الكنى، فاهتز كياني كله من الداخل إنه الوزير الأديب، وكنت وقتها أقود سيارتي مساء متوجهاً من الأحساء إلى الرياض، فأوقفت السيارة جانباً وانصت لحديثه وهو يقول: "لقد قرأت رسالتك ووفاءك لأخي الشيخ القدير أحمد آل مبارك، وأنا على استعداد لما تريد من تقديم الكتاب، وأرجو ان تترك لي نسخة خطية من الكتاب لدى بوابة منزلي، واعتذر إليك أخي العزيز أشد الاعتذار رغم شوقي للقائك لارتباطي هذا الأسبوع"، فقبلت عذره لأني لا أملك إلا هذا أمام هذا الأدب الجم.
وفي صبيحة اليوم التالي لتلك المكالمة يأتيني اتصال آخر منه يطمئن فيه على وصولي بسلام ويكرر فيه أسفه واعتذاره لعدم مقابلتي، اخجلني أدبه وتواضعه الذي لم أشهد مثله طوال حياتي، ولكن هذا هو أدب وزيرنا الذي نجهله.
تركت النسخة الخطية كما طلب مني وبعد أسبوع يهاتفني حفظه الله ليقول لي لقد انهيت مقدمة الكتاب وأرجو ان تسامحني ان لم أوفق فيما تريد رغم اني ضيقت عليه الوقت حين طلبت منه سرعة كتابتها في أقل من أسبوعين لاستعجالي في طباعة الكتاب لكنه أنهاها بعد أسبوع هذا هو "التنظيم" في حياة أديبنا الوزير الدكتور عبدالعزيز الخويطر الذي لا يعرف الضيق وهو ما أشار إليه الكاتب علوي الصافي ثم قال لي حفظه الله : هل تود ان أرسلها إليك بالفاكس أو بالبريد أو نلتقي في خميسية الشيخ حمد الجاسر؟ فوافقت على لقائه في الخميسية، وبعد أسبوع التقيته فيها وهي أول مرة أقابله وجهاً لوجه أحسست بالهيبة والوقار والاجلال لشخصه الكريم فصافحته وعرفته بنفسي فما كان منه إلا ان قام من كرسيه وأعطاني المقدمة والنسخة الخطية تواضع لم يسبق إليه وقد راجع النسخة الخطية كاملة وصحح أخطاءها إملائيا ونحوياً ولغوياً، بل وما جاء فيها من معلومات بقلمه وخط يده الكريمة، فأصبحت تلك النسخة من أنفس النسخ لديّ جاعلاً إياها في مقدمة محتويات مكتبتي، ورغم كثرة مشاغله إلا انه كتب مقدمة هي قطعة أدبية نثرية راقية، ولوحة فنية فريدة، نسج مطرز بأجمل الألفاظ، وأرق العبارات، وأعذب الذكريات.
هذا هو وزيرنا الأديب، أدب النفس وأدب التواضع وأدب الحب والوفاء، وما أتمناه من بعض الأدباء المتغطرسين المتعالين ب"دال العظمة"، أو أنصاف المتأدبين المغرورين ان يتعلموا منه هذه المعاني السامية، وان يتذكروا ان من تواضع لله رفعه.
وبهذه المناسبة يسرني ان أزف التهنئة لحكومتنا الرشيدة الغالية ولأبناء هذا الوطن المجيد على تجديد الثقة الملكية لهذا الوزير الأديب الألمعي الفريد.
كما أشكر أخي الأستاذ الكاتب علوي طه الصافي الذي أثار في نفسي متعة الكتابة عن هذا الرجل.. وأخيراً أود من أدبائنا المخلصين الغيورين على أدب هذا الوطن الغالي ان يلتفتوا إلى جيل الأدباء الرواد الكبار الذين أعطوا لوطنهم الكثير والكثير ان يوفوهم حقهم وان ينصفوهم في وسائل الإعلام صوتاً وصورة وقلماً وإبداعاً، وان يدونوا ذكرياتهم ومواقفهم، كما أرجو من الباحثين والدارسين من أبناء هذا الوطن الأوفياء ان ينتهزوا فرصة تسجيل رسائلهم العلمية في هؤلاء القادة، قادة الفكر والثقافة قبل فوات الأوان.
+++++++++++++++++++++++++++
خالد الجريان
الأحساء / ص.ب 11152 الرمز 31982

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
وراقيات
مداخلات
المحررون
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved