الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 14th July,2003 العدد : 20

الأثنين 14 ,جمادى الاولى 1424

مطالعات
"مشرع برحيق الذهول" للشاعر الزيد:
الديوان الجديد للزيد يكتظ بصور إنسانية مضيئة ومعبرة
عبدالحفيظ الشمري

الشاعر عبدالله بن عبدالرحمن الزيد خامة شعرية متميزة استطاع ومنذ قصائده الأولى أن يقدم المتميز والمبهر حتى لفت الانتباه ليتحدث النقاد والدارسون عن وجوه كثيرة في شعرية الزيد..حيث تمثلت هذه الشهادات في لغة الابتكار وقضية الإنسان وسلامة اللغة الشعرية وقوة البيان والاحتكام إلى الشعرية في وصف ما يراه من تحولات في البناء الشعري.
اضافة إلى منعطفات ومنعرجات كثيرة جعلت من قصائد الشاعر عبدالله الزيد مادة للحوار وحكاية ابداعية لا تنتهي.
حديثنا هذا الاسبوع ومن خلال "مطالعات" سيكون حول ديوان الشاعر الجديد.
والذي جاء بعنوان "مشرع برحيف الذهول.. يهطل الوجد بالمستحيل.." وهذا الديوان واحد من ثلاثة أصدرها الشاعر الزيد هذا العام..
يقع الديوان في نحو (60 صفحة) من القطع المتوسط واشتمل على ثماني قصائد هي: اعترافات مثالي لا يقدر مما كسب على شيء" "حوارية الفارس الموتور من قلب الشروط" و"الضبعان ينفذ فترته الأخيرة" و "إيقاع المرحلة" و"مشرع برحيق الذهول يهطل الوجد بالمستحيل" "تالله لن أبرحها" و"مشهد من حضور المضي" و"مشهد واعتبار".
قصائد الديوان تكتظ بالصور الإنسانية المعبرة.. تلك التي يلتقطها الشاعر من مفردة الحياة اليومية المعاندة:
"عدنا لضيق الوهن
نتلقى حكايات من قاسمونا بشارتنا
غارقون بمسخ الشجن
نتأمل مثل صفيق الشعارات ما لا نجيد"
(الديوان ص 8)
ما الذي يقوله الشاعر عن الإنسان..؟
تتفاعل خطابات الشعر والانسانية لدى الشاعر عبدالله الزيد حتى تشكل هذه العلاقة بعداً تأثيرياً خالصاً؛ فهم الإنسان لدى الشاعر فوق جميع الهموم حتى لكأنك ترى "الضبعان" قد أطل من شرفة القصيدة الموسومة باسمه ليصنع للقارئ رغبة في اقتفاء تفاصيل هذه القصة الإنسانية المعبرة.. تلك التي تواثبت على لسان شاعرنا.
في القصيدة معاناة غير معاناة "الضبعان"
تتمثل في شجن الشاعر الزيد حينما يسترسل في وصف حياة المعاندة لجملة من الشعراء الذين عبروا الحياة بكل وجل مهرولين نحو الموت فهاهم الشابي ودنقل والسياب والحجي:
"حدثوني عن الذات
في "حمد" الواكفات
الذي ضاح
بين جحيم الشعور
ووقص الجحود
وغاب عن العقل دهراً
وعاد إلى الموت
بعد صقيع المشافي
وصمت المحاجر.."

(الديوان ص 30)

رحلة الشاعر .. مكابدة بائنة..
يصوغ الشاعر عبدالله الزيد لحنه الشعري على أنغام نشيد الحياة.. ذلك الذي لا يبعث إلا الشجن المترامي في كل انحاء النفس البشرية.
قصائد الديوان هي توصيف لرحلة الشاعر.. تلك التي تختلط دائماً مع هيئة سرد ممكنة لتجد لكل قصيدة بعدا واضحا في حكاية ما يسردها "الزيد" شعراً خالصاً لكن الحكاية تأخذ بعدها الايحائي كما في قصيدة "ايقاع المرحلة" حيث تحمل خطاباً افصاحياً تدرك فيه حالة هؤلاء الذين "يتلوون من لظى الحزن والصمت" حتى تأخذ قصتهم هيئة العتب المر لكل من يستشعرون به بقايا الوفاء لحالة النفس التي ترتفع وتسمو كلما أوغل الأذى في معاندتها.
للشاعر الزيد فطرية متناهية في سبر أغوار الذات التي تنزع دائماً إلى أهدافها النبيلة حتى كأنك ترى هؤلاء الذين عناهم "الشاعر" وهم يصافحونك بكل بهاء وكبرياء لتطبع على جباههم قبلة المودة التي يسافر إليها الزيد دائماً.. ولا يكل النزوع نحوها كلما داهمته الهواجس واضناه الألم العصري.
رحيق الذهول.. بوابة الديوان..
في القصيدة التي حملت اسم الديوان عنواناً سخياً تم توشيته بمفردات تذهب إلى بناء العلاقة القوية بين الإنسان ومن حوله "مشرع برحيق الذهول.. يهطل الوجد بالمستحيل"، فالقصيدة بناء روحي هائل يصوغ فيه الشاعر الزيد خطابه الإنساني نحو من يحب:
"أيهذا الجميل
الجميل
الجميل.. مورق ريق من دمي.."
فهو ينادي ويصطفي حالة الإنسان حينما تتزاحم أرواح الحياة المعاندة .. تلك التي لا تثير إلا مزيدا من الشجن والألم الذي برع الشاعر في تصويره على نحو هذه القصيدة التي يستهلها بنداء جمالي آسر.
بوابة الديوان قصيدة يرى فيها القارئ أحبته دوماً .. هؤلاء الذين يمرون على اعتاب الذكريات فقط:
"قل أما من مجيء
يبادره بالضياء الوصول"
نعم.. هي رحلة الشاعر في فضاء الروح حينما تستمطر عذب اللقاء .. أو حتى تشفق وتحن تلك الذكريات التي تتراكض مثل الدخان .. فلا يكف الشاعر الزيد عن سبك قصيدته الفاتنة، ليشد القارئ نحو الضياء الذي ينبثق من أمله في عودة الصفاء، والهدوء.. بل إن كلمة "الوعد" تأخذ شكل اللازمة الضرورية في النص لتجعل منه منطلقاً استشرافياً لما يرومه الشاعر خلف كلمات القصيدة..
وحدة الشعر هي ما يجعل الشاعر في هذا الجو السابح.. فمن يستطيع الوصول إلى المبتغى هو مارد يقهر.. فالشاعر يعرض الحالة ويشخص الألم لكنه قليل الحيلة أمام العلاج.. لعل "الوعد" الذي يطلقه الزيد بين جملة وأخرى حري بأن يعيد للعالم صوابه ويثيب المهووس إلى رشده.. نحن مع الشاعر في كل ما يقول لأنه الأصدق.. فالزيد وبما عرف عنه حري بأن نتجاذب معه روعة الإنسان المسكون بجمال الشعر ودهشة المفردة الشاعرة:
"أقل الحظ بالأغنيات
ويقفلني الحظ بالمر
والمستحيل..
فأنشد بدء السبيل
واعرف أني أقول..
أقول وأغرق فيما أقول"
+++++++++++++++++++++++++++
(الديوان ص 45)
* شاعر
+++++++++++++++++++++++++++
إشارة:
* مشرع برحيق الذهول (ديوان شعر).
* عبدالله عبدالرحمن الزيد.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
وراقيات
مداخلات
المحررون
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved