الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 14th July,2003 العدد : 20

الأثنين 14 ,جمادى الاولى 1424

قصة قصيرة
المصروم
فهد المصبح
من فراغ الليل يأتي.. من عوج الحاضر.. وجوع الماضي.. خلفته نهارات رملها يكوي الجباه، وليال تجشؤها كبخر المزابل.. اخذ ينهب الخطا مستحليا الامل الكذوب.. وعين الشمس تتقي بالغيوم شبح الغروب.. يتأمل نخلة الامس البائسة، وعلى ساقها آثار مخلوق ثري.. من مكانه هذا رسم درب العبور.. ركب صهوة التصميم.. لم يرافقه احد الا كلبه الهزيل. عند البئر ارسل نظره في المهوى السحيق.. حاول ان يرى صورته.. كانت زرقة السماء، وغيمات صغيرة كغنم يحدوها كلبه الهزيل، وعواء ذئب يأتيه بالنذر، واليأس.. فوقه السماء، وتحته الموت، وهو ينبش بغصن جاف ارض الفيافي.. رجلاه تطأ وحلا جافا الا من الملوحة.. عندما وصل الى نهاية الطريق لم تقدر ساقاه على حمله فوقع على الارض.. جاءه كلبه الهزيل بدراجة مذبوحة بسهم معوج.. اخترق الجسم مرتين.. ايقن ان حياته لن تكون على الأرض.. والدته تهرول مولولة نحوه.. تخبره ان القوم اتوا ليأخذوه.. كانت تحثه على الهرب او الاختباء.. لم يعد في الدار ما يخشى عليه.. سوف تتبعه على بغلة ابيه المسنة، وستحاول ان تجلب له كل ممتلكاته التي يحبها.. قام.. نفض النوم من عينيه.. نظر في الدار.. في نفسه .. في امه.. تسلق درج السلم، ومن سطح داره وثب الى سطح الجار، ثم الى الذي يليه.. ظل على هذا الحال زمنا طويلا، حتى تهاوى الامل في العثور عليه.. من علو وثب الى بهو المسجد.. نزل على القوم وهم في الصلاة.. ارتبك الامام.. حاول البعض الهرب.. ظل واقفا حتى فرغوا.. بعدها كبّر، ودخل في صلاته، في اول ركعة انقض القوم عليه .. اشبعوه ضربا.. خر على الارض.. لم ينطق بكلمة .. لم تند عنه انة.. ظل وجهه قبالة السماء.. انتهى كل شيء .. اختفت تلك الغيمات.. تلاشت زرقة السماء.. كانت امه قد قطعت شوطا طويلا على البغلة الهرمة، لكنها لم تخرج .. كانت تدور بها لا غير.. وانقضى دهر لم يفكر فيه احد بمفارقة مكانه، وكل الالسن تتذكر بغير نطق ذلك الرجل الذي لقي مصيره على حصيرة المسجد دون ان ينطق بكلمة واحدة.
+++++++++++++++++++++++++++
* الدمام 1423هـ
+++++++++++++++++++++++++++
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
وراقيات
مداخلات
المحررون
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved