أعمال (الملك عبد العزيز) المعمارية.. في (مكة المكرمة)
حمّاد بن حامد السالمي
|
* إلى جانب الآثار الإسلامية والنبوية المعمارية الكثيرة، التي تزخر بها العاصمة المقدسة، أو تلك الآثار الأخرى في المدن والبلدات حولها، مثل الطائف، التي حل فيها صلوات الله وسلامه عليه وآله وصحبه أربع مرات، وهي في مجملها مرتبطة بسيرته النبوية الشريفة، منذ بدء البعثة المنقذة، إلى أن توفاه الله، ثم ما تلا ذلك من تعمير عبر القرون التي تلت. إلى جانب هذا كله فإن مدن منطقة مكة كافة، شهدت إنشاءات معمارية مهمة في عهد الملك عبد العزيز رحمه الله، وهي آثار معمارية بارزة في تاريخ الدولة السعودية، وفي تاريخ هذه المنطقة التي فيها الكعبة المشرفة، وفيها بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة.
* هذه الآثار المعمارية التي تُعدُّ من دعائم النهضة في منطلق تكوين هذه الدولة الفتية، لفتت إليها أنظار الباحثين الجادين من أبناء المملكة. فهذا واحد منهم قد تصدى لها بالدرس قبل الدرس، وبالبحث قبل الحرث، فها هو الأستاذ الدكتور (ناصر بن علي الحارثي) يقدم للمكتبة العربية المعاصرة آخر أعماله البحثية الكثيرة، المتمثل في كتابه الموسوم ب(أعمال الملك عبد العزيز المعمارية في منطقة مكة المكرمة) في السنوات بين (1343-1373ه - 1924-1953م).
* صدر الكتاب في العام الفارط 1426هـ، عن (دارة الملك عبد العزيز) بالرياض، على نفقة أمير منطقة مكة المكرمة، الأمير (عبد المجيد بن عبد العزيز)، وجاء في مجلد كبير، ومقاس كبير أيضاً، في 412 صفحة، وورق فاخر صقيل.
* ودارة الملك عبد العزيز التي حملت على عاتقها بعث تاريخ المملكة من جديد، واستنهاضه واستنطاقه على نطاق واسع، لم تفتها ظاهرة عناية الملك عبد العزيز - رحمه الله- بمنطقة مكة المكرمة، وانتشار العمران فيها في كثير من المجالات الدينية والاجتماعية والاقتصادية. فالدارة تعبر عن هذه الرؤية في تقديمها للكتاب حيث تقول: تعد أعمال الملك عبد العزيز المعمارية في منطقة مكة المكرمة من الأعمال المهمة، التي تحتاج إلى دراسات وبحوث مستفيضة، وقد قام هذا الكتاب بتسجيل نماذج عديدة من هذه الأعمال في منطقة مكة وبقاعها الطاهرة، بداية بالبيت الحرام، شاملة الكعبة المشرفة وبئر زمزم، إلى جانب المشاعر المقدسة الأخرى، متجاوزة ذلك إلى تسجيل أعماله الكريمة في كل من الطائف وجدة والموية وعشيرة ورابغ والقنفذة، متنوعة بين المساجد والعيون والآبار والأسبلة والسدود والموانئ، وتحلية المياه المالحة، وشق الطرق، وإنشاء المطارات، وبناء مدن الحج، والمستشفيات، والأسواق والمجازر.
* لقد عدّ المؤلف كتابه هذا في المقدمة التي كتبها؛ سجلاً علمياً، يوثق معظم أعمال الملك عبد العزيز المعمارية في منطقة مكة. وما ذهب إليه في هذا الخصوص؛ حقيقة ماثلة؛ في المضمون العام لمحتوى الكتاب، فهذه محتويات هذا المجلد الكبير، تتوزع على خمسة فصول رئيسية، مسبوقة بمقدمة للدارة صاحبة الإصدار، ومقدمة أخرى للمؤلف، ثم خاتمة وقائمة بالمصادر والمراجع، وكشافين ومحتويات.
* عرض الفصل الأول من الكتاب، لأعمال الإصلاح والترميم والتجديد والإنشاء في بيوت الله، وتناول خمسة مظاهر هي: الكعبة المشرفة، والمسجد الحرام، وبئر زمزم، وأعلام حدود مكة المكرمة، والمساجد.
* واحتلت المرافق المالية الفصل الثاني من الكتاب، الذي توزع على أحد عشر مبحثاً في العيون والآبار والسدود والبرك والأحواض، والخزانات والصهاريج، والبازانات، والأسبلة والموارد والمناهل، والكنداسة، ثم الشبكات المائية، والصرف الصحي.
* ثم جاء الفصل الثالث؛ في طرق المواصلات، وتطرق إلى ما ظهر في عهد المؤسس - رحمه الله- من تعمير وإصلاح؛ في الطرق البرية والموانئ، والمطارات، والسكك الحديدية.
* ونتوقف في الفصل الرابع؛ عند سبعة مباحث مهمة، تتناول المباني الصحية والإدارية، والصناعية، والعسكرية، والخيرية، والمكتبات، والقصور والاستراحات.
* أما الفصل الخامس والأخير، فقد جعله المؤلف (فنياً تحليلياً).. بمعنى.. أنه تناول في كل ما تقدم من مظاهر الإعمار في عهد الملك عبد العزيز رحمه الله؛ مواد البناء والعناصر المعمارية والزخرفية، وأساليب تنفيذ الكتابات والزخارف، وقد طغى على هذه الحقبة، التأثر بالفن الإسلامي القديم، الذي تبنته حضارة الدولة العثمانية ثم التركية، وخاصة في منطقة الحجاز، من رواشين، وشُرَف، وزخرفات ونقوش فنية، وطرَّات شعرية وحكمية، تعلو البوابات في العادة.
* لقد درج المؤلف مثلما عودنا في بقية بحوثه ودراساته؛ على إيراد وصوف دقيقة للأمكنة، تجعل من يقرأ له يرى ما يقرأ رأي العين، واهتم بتفريغ ما يعن له من نقوش وخطو ط ورسوم، وتفسيرها بطرق علمية موثوقة. ويستعين بالصورة الفوتغرافية، والكروكيات الهندسية، وقد تجلى هذا في كتابه الأخير، وفي كل مبحث أو فقرة من مبحث، حتى ظهرت الصورة والرسمة، من المكونات البارزة للبحث.
* أخيراً.. فقد جاء هذا السفر شافياً كافياً، إلا من خلوه من ترجمة ولو مختصرة تعرف بصاحبه، مع أنه أشهر من علم، ومن ذكر لسجله الحافل بالبحوث العلمية؛ والدراسات التاريخية والأثرية، الذي ناهز عددها الستين بحثاً وكتاباً، فقد كتب (موسوعة آثار الطائف) في ثلاثة أجزاء. وكتب (رسالة في عمارة العينين)، و(المعجم الأثري لمكة)، و(المعجم الأثري للطائف)، و(موسوعة آثار مكة).. إلى غير ذلك من الكتب التي تتطلب أعمالاً ميدانية، ومراجعات مكتبية، لا يقوى عليها إلا من أتاه الله العلم والعزم والصبر. فتحية للباحث الفاضل، وتحية لدارة الملك عبد العزيز.
(*) نائب رئيس نادي الطائف الأدبي
assahm@maktb.com
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
