الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 14th November,2005 العدد : 129

الأثنين 12 ,شوال 1426

قصة قصيرة
راشد.. وحجز
محمد عطا الله العنزي - حائل
وقف حائراً ومندهشاً! ينتظر الخروج من زجاجة الملل يعيش صراعاً ذاتياً قاتلاً ترتسم على محياه علامات القلق والشكن بل تجد على جبينه أطياف الحزن الداخلي قابعة لا فرق عنده بين السعادة والبؤس لا فرق عنده بين إشراق يوم.. وانطفاء، وغروب يوم آخر أصبحت حياته على مفترق طرق يتشبث بأي شيء لعله يخرج من دوامة (التفكير) الجاثمة على رأسه منذ زمن لا يدري أين يذهب؟ ولا في أي اتجاه يولي مدبراً؟.. أصبحت الجهات عنده خمساً، هذه حياة (راشد) منذ أن استلم وثيقة التخرج، التي أصبحت كالكابوس المفزع له، يتمنى أن السنة الدراسية لم تنته بعد لكي لا يقع بهذا المأزق الخطير، نعم مأزق ما زال يؤرق (راشد) وهو تحديد (المصير)، معدل (كئيب)، مستقبل مظلم بعد أن أوصدت جميع الأبواب في وجهه بسبب المعدل التراكمي.. الذي جعل الهموم تتراكم عليه وكأنها سكين تغرس في جسده النحيل.
قرر (راشد) مغادرة منطقته التي يعيش بها إلى منطقة تحتضن بصدر حنون معدله الثمانين، هذا المعدل البائس قرر السفر إلى منطقة الرياض، حيث الجامعات لعله يجد متنفسا ومقعدا دراسيا ربما حياة أفضل.
بعد صلاة العصر.. خرج راشد من منزله متوجهاً إلى الخطوط الجوية القريبة من ذلك البرج القابع وسط المدينة!
وبينما هو في الطريق بدأ يحدث نفسه!! (ارجع يا راشد).. مالك ومال السوالف هذه) ما انت أول ولا آخر واحد ترفضه الكلية، وبعدين من وين لك قيمة التذكرة ووين راح تسكن.
وعند وصوله إلى مكان الخطوط بدأت أطرافه ترتجف والعرق يتصبب من وجهه، تشجع راشد ودخل مبنى الخطوط المكتظ بالناس!! جلس مباشرة على أول كرسي قابله.. التفت يمينه وإذا بشخص من الجنسية الهندية بجانبه يلف بين يديه ورقة صغيرة لونها أخضر ووسط هذه الورقة رقم (55).. سأله راشد ما هذه الورقة قال: له الهندي (هذه صديق رقم دور أنا) وأشار بيده إلى موقع هذه الأوراق.. نظر راشد وإذا بشخص يأخذ رقماً من الموقع ذهب مسرعاً إلى مكان الأوراق ووقف متردداً.. وإذا بشخص يقول (عفواً) وش عندك (قال راشد) أبي رقما، وبكل لطف أعطاه رقما، عاد راشد إلى كرسيه بجانب الهندي قال: له الهندي كم رقم صديق قال: راشد رقمي (77) بدأ الهندي يهز رأسه!! تعجب راشد وقال: له ليش صديق قال: الهندي يجي بعد صلاة المغرب وقت ما فيه كفي.. أصيب راشد بكلماته تلك بإحباط وحسرة، وبدأ راشد يردد بيتا شعريا شهيرا يقول:
(كل ما دقيت بأرض وتد.. من ردات الحظ وافتني حصاه) فعلاً أذن لصلاة المغرب.. خرج راشد من مبنى الخطوط إلى مسجد قريب وبعد انتهاء الصلاة خرج راشد من المسجد ووقف أمام مبنى الخطوط ينتظر أن يفتح الباب وأثناء انتظاره وقف بجانبه رجل يحمل جريدة (عكاظ) وبدا الرجل متململاً ونظر إلى ساعته وهو يقول والله كأننا نطلبهم الجنة.. أصابت راشد هذه الكلمات بالصدمة وقال راشد: في نفسه يا ربي وش هالحالة الظاهر ما راح أحجز الليلة.. فتح باب الخطوط وبدأ التزاحم على الكراسي جلس راشد آخر الصفوف وبجانبه صاحب الجريدة.
قال: لراشد وين مسافر؟.. قال: راشد إلى الرياض أريد التسجيل بالجامعة.. ضحك الرجل وقال: بدري الناس سجلت وانتهى كل شيء، لكن هذا ما يمنع أنك تروح.. يقولون بكره آخر موعد للمنتظرين أصحاب المعدلات المنخفضة!!.. فرح راشد وأصبح لديه أمل غداً بالتسجيل بإحدى الجامعات.
وإذا بموظف الخطوط يضغط على جرس لاستقبال مواطن جديد تكررت هذه الفعلة حتى وصل الدور إلى الرقم (77) فإذا براشد يقفز مسرعاً..
قال: موظف الخطوط نعم.. بكل برود واستفزاز
قال: راشد الله يطول عمرك أبي حجزا للرياض
قال: موظف الخطوط لحظة (أسف انتظر..).
قال: راشد تكفى حاول؟
قال: موظف الخطوط بكل انزعاج (الرحلة) (فل) لا يوجد مكان
بدأ راشد يتودد إلى موظف الخطوط وفي داخله صراع بين الركوب والتسجيل بالجامعة.
بدأ يلقب الموظف بالكابتن تكفى يا كابتن والله محتاج أطلع اليوم علشان أسجل بالجامعة وتعرف بكره آخر يوم بالتسجيل.
قال: موظف الخطوط (بكل استفزاز) وش رأيك تركب على جناح الطائرة أنا مالي ومال جامعتك أسف!!
اغرورقت عيون راشد بالدموع.. وعاد يتوسل للموظف ويقول: تكفى يا كابتن ترى بكره مسألة حياة أو موت
قال: له الموظف.. بكره (انتظار) والظاهر ما راح تطلع لأن الرحلة عليها ضغط
قال: راشد انتظار يا خوي الجامعة بكره للمنتظرين
قال: موظف الخطوط (وش أسوي لك..!)
خرج راشد من مبنى الخطوط وهو يردد بكل ألم: كل شيء في حياتي: انتظار.. انتظار.. كحجز الخطوط.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved