الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 15th March,2004 العدد : 50

الأثنين 24 ,محرم 1425

استدعاء التاريخ.. مكاشفة لعنكبوتية المؤامرة
4/2
سهام القحطاني
(مفتتح): (إن دراسة التاريخ تتيح لنا إمكانية التنبؤ بالمستقبل, فالتاريخ يعيد نفسه لأن هؤلاء الذين يقفون وراء حركة الثورة العالمية لا يغيرون خططهم الطويلة المدى بل يحورون في سياساتهم لتلائم الظروف المعاصرة ويعدلون في خططهم للحصول على أكبر قدر ممكن من الفائدة من تقدم العلوم الحديثة) أحجار على رقعة الشطرنج وليام غاي كار.
يظل المفهوم مفتاحاً للخطاب المعرفي المدرك للدلالة الخاصة, ونحن لا ننكر أن المفاهيم من آليات الإبراز الهامة في مجال التنظير المعرفي والتصارع التقويمي, كونها تمثل أدوات فهم تواصلاً للحوار وتبياناً لحدود مواقفنا من الأشياء, كما أنها تمثل معياراً تمايزياً للتصنيف بعد تشحينها بالطاقة الأيديولوجية المخصوصة, والمفهوم يتشكل وفق طريقة ممارستنا لاستدعائه, واختلاف طرائق استحضار هذا الاستدعاء هي غالباً ما تشكل سجلات جدليتنا نحو المضامين المتقاطعة للمفاهيم واختلاف زوايا الرؤى ومساحات التصور, وهذا يعني غالباً إن تحقق إعاقة لفهم الغايات والمقاصد وتوسيع لإشكالية الكلمة المفقودة, ونحن عندما نتعاطى مع جدلية حوار الحضارات, علينا أن نكوًن مدركات مفهومية دقيقة لكل من مفاهيم, الحضارة, الدين, الحوار, الصراع, التاريخ, الهوية, المؤامرة والتمركز, حتى نصوغ نسيجاً تخاطبياً صحيحاً, لأن نسج تلك المفاهيم ضمن سياقات مغالطة لدلالاتها هو ما يكسًح ثوابت بنية المعطى القار والقيمة المطلقة والتعامل معه بفرضية عكسية لدوره وبالتالي انحراف تفكيرنا عما ينبغي أن يكون, على العموم ليس الهدف من القول السابق تحليلا لدور المفاهيم في تشكيل الخطاب المعرفي, فهذا مبحث يطول تناوله, وإن كان سياقي له من باب التذكير لأهمية اهتمامنا بدور المفاهيم في سياقات الحديث عن حوار الحضارات.
الحقيقة عندما فكرت أن أكتب عن موضوع التاريخ, لميلي الشخصي نحو فلسفة التاريخ هذا العلم الذي أكن له مكانة مخصوصة في نفسي, وفي البدء انطلق موضوع هذه الحلقات من فكرة أحادية, هي كيف نتخلص من سلطوية التاريخ الذي يعيق بناء المنجز الحضاري, وهذا لا يعني بالتأكيد محاربة التاريخ كموروث, إلا أنني وجدت الفكرة رغما عني تتفرع لاتجاهات مختلفة, احترت في ترتيب أولوياتها في المعطي, لكني قررت أن أبدأ من نظرية المؤامرة, التي ينكرها الكثير من مثقفي بني يعرب, ونظرية المؤامرة, الوجه الآخر لبروتوكولات حكماء صهيون ونظرية صدام الحضارات ونظرية نهاية التاريخ ثم نهاية الإنسان والشروحات التي قامت عليها, جميعها حلقات مسلسلة لغايات واحدة وان اختلفت ألوان زيّها وصياغاته لكنها تظل ذات غاية واحدة: توحيد سلطة السيطرة على العالم.
والقارئ المتمعن لضمنيات كتب أمثال: بروتوكولات صهيون وأحجار على رقعة الشطرنج, وضباب احمر يعلو أمريكا لوليام كار, ونهاية التاريخ والرجل الأخير, ثم نظرية نهاية الإنسان لفرانسيس فوكوياما الذي اعتمد في تكوينها على نظرية سيكولوجية غريبة, وصدام الحضارات لهنتنجتون, سيستنتج, أن العالم الغربي يسعى لوحدوية خارج أنظمة الحضارات العريقة التي تذكره بعصور ظلامه السوداء, إن إيماننا بفرضية هنتنجتون بصراع الحضارات هو أمر موقن, لكن الفرضية الأخرى التي علينا أن نبحث عنها, من وراءنشأة هذا الصراع وتغذيته ولماذا, يقول وليام كار في كتابه أحجار على رقعة الشطرنج الذي افتتحت بعبارة منه موضوعي هذا: إن (المخطط الذي رسمه (آدم وايزهاويت) مجدد بروتوكولات صهيون مابين عام (1770 1776) والذي يقوم على تدمير جميع الحكومات والأديان الموجودة, ويتم الوصول إلى هذا الهدف عن طريق تقسيم الشعوب إلى معسكرات متنابذة تتصارع إلى الأبد حول عدد من المشاكل التي تتوالد دونما توقف: اقتصادية وسياسية وعنصرية واجتماعية وغيرها, ويقتضي المخطط تسليح هذه المعسكرات بعد خلقها, ثم يجري تدبير (حادث) في كل فترة يكون من شأنه أن تنقض هذه المعسكرات على بعضها البعض فتضعف نفسها محطمة الحكومات الوطنية والمؤسسات الدينية, وفي عام 1776 نظم وايزهاويت جماعة النورانيين لوضع المؤامرة موضع التنفيذ, مدعياً أن هدفه الوصول إلى حكومة عالمية واحدة) إنه الهدف المشترك لكل نظرية, فصدام الحضارات تسعى إلى العبور نحو إحياء الإمبراطورية الرومانية القديمة لتجويز شرعية حروب صليبية جديدة للسيطرة على العالم تحت شعار العولمة, ونهاية التاريخ تسعى إلى نشر الديمقراطية الليبرالية, (ربما كنا نشهد نهاية التاريخ بما هو: نقطة النهاية للتطور الأيديولوجي للبشرية وتعميم الليبرالية الديمقراطية الغربية على مستوى العالم كشكل نهائي للحكومة الإنسانية.. ولكن الديمقراطية الليبرالية الشاملة قد انتصرت) كما يقول فوكوياما في نهاية التاريخ. فلا شيء يخبأ في (محكمة التاريخ الأشد شراسة..), لكن علينا ان نتعلم مهارة الاكتشاف, ومن العبث الإيمان المطلق أن مستقبليات الأمم أقدار مكتوبة الحتمية فقط كما نعتقد نحن المسلمين, بل هي منتوج دراسات وخطط واستراتيجيات امتدت لقرون طويلة من الزحف نحو المقصود هي التي حاكت خطط ومواقف المؤامرة ضد الجويم من أبناء البشرية, وأعرض بعضاً من مخططات نظرية المؤامرة, لاثبات مقولة هيجل ( لا أحد يتعلم من التاريخ):
ينبه روتشيلد أحد مؤسسي استراتيجيات نظرية المؤامرة, (إلىضرورة الالتزام بمخطط مجهودات قرون طويلة من العمل, ويقول: إن أكثر الناس يميل إلى الشر أكثر من الخير فالوسيلة المثلى للحصول على أطيب النتائج في الحكم هي استعمال العنف والإرهاب, كما فضل حكم الإرهاب لأنه أوفر الطرق تكاليفا وأشدها فعالية لنشر الذعر في أفئدة الجماهير إنها حرب الشوارع كما يسميها, وبالتالي إخضاعها بالسرعة اللازمة.. أما هدف المؤامرة الأكبر كما يقول.. إنشاء احتكارات عالمية ضخمة تدعمها ثرواتنا.. تصل إلى درجة من السلطان والهيمنة مما يؤدي إلى انهيار ثروات الجويم والحكومات.. أما فيما يتعلق بطغاة الجويم يقول: وبعد استعادة النظام والشرعية نقوم بإعدام المجرمين.. الذين كانوا أدواتنا في حكم الإرهاب والفزع, فنظهر كمنقذين ومخلصين للجموع المضطهدة, ويحدث ذلك في الوقت الذي نهدف إلى السيطرة المطلقة من الجويم.. ومن مبادئ النظرية, الطغيان المطلق هوالسبيل الوحيد لبناء الحضارة... ليس هناك في العالم مكان لما يسمى بالحرية والمساواة والإخاء.. وبعد حصولنا على السيطرة المطلقة سنمحو اسم الله من معجم الحياة) هذا هو الصراع الحقيقي بين حضارتين, سياسياً ودينياً وثقافياً, إن نبرة الصوت هي هي وان اختلفت اللغة عند كل من روتشيلد ووايزهاويت، وليون بلوم وراسبوتين وصولاً الى هنتنجتون وفوكوياما انهم جميعاً منظرون لفلسفة المؤامرة التي تتخذ لها زياً كل حقبة لإضفاء مسحة العلمية على أفكارها الأصولية, ويقول كار في خاتمة كتابه (إن الأمم المتحدة ليست إلا حصان طروادة لأصحاب المؤامرة العالمية وما هي إلا رأس الحربة للحركة الثورية العالمية).
إننا قبل دخولنا معترك صراع أو حوار الحضارات علينا ان نتعلم أولاً كيف نقرأ التاريخ أيها السادة.


(بتصرف)

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
منابر
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved