قصة قصيرة إصرار نورة بنت سعد الأحمري
|
ترتفع حدة التوتر.. فجهاز القلب يُخرجها خطوطاً مستقيمة لا حراك فيها.. تتكاثر الأصوات.. أوكسجين.. أوكسجين.. انخفاض في معدل ضغط الدم.. اصفرار.. زُرقة تصبغ أوردتها فتتحول الأطراف إلى قطع من ثلج.. استسلام للمغادرة، توهان الإدراك.. ثم غياب تام وسط تمتمة أشهد أن لا إله إلا الله.. محلول يضاف لتلك الإبرة التي ما زالت مستقرة في ساعدها الأيمن.. يتواصل الخط من ذلك الجهاز ليعلن أن الجنين عازم في مواصلة طريقه نحو المغادرة.
مشارط في حالة تأهُّب لترقص رقصة الموت على جسد متهالك.. مقصات ترقب الأوامر.. ملاقط تقف على قدم وساق من أجل المساعدة.. تتواصل إشارات جهاز القلب معلنةً موت الجنين.. بعد أن سأم الانتظار من خروجه للحياة فأعلن الاحتجاج على قيودها ليغادر بسلام قبل وصوله بأيام..
الطبيب في حيرة من أمره، كيف استطاع هذا الجنين حسم الموقف وآثر المغادرة وهو الذي كان مرتقباً.. يتدارك تلك الحيرة ليفجرها أن وضع الجنين مقلوب ولا بد من عملية لإخراجه.. فيزداد تأزُّم الموقف، موت وانقلاب، وكأن الجنين يُدير ظهره للحياة غير آسف.. الكل في موقعه، إبرة هنا.. ومشرط هناك يمارس عبثه الدقيق.. ودماء تُلطِّخ مفارش بيضاء.. وإصرار من الجنين في رفضه للحياة؛ فقد كان حبله السري ملتفًّا عليه وكأنه يحكم بالإعدام قبل الأوان..
ترتجف يد الطبيب وهو يرى حال هذا الجنين المسكين.. ينظر الطبيب إلى المُساعِدة طالباً مقصاً ليقطع حبل الحياة..
وتبقى تلك المشارط والمقصات والخيوط في صمت للحداد على نهاية قبل البداية..
ليرفع الجنين فتتناوله المُساعِدة بعد أن صمت جهاز القلب عن إطلاق إنذاره المتكرِّر لتسقط بعض القطرات من الدماء لتشكل كلمة وداع.
Noora463@hotmail.com
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|