الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 15th March,2004 العدد : 50

الأثنين 24 ,محرم 1425

واقع الفن التشكيلي المحلي (18)
نتيجة لوجوده البارز
الصحافة تعطي للفن التشكيلي مساحة مشرّفة للنقد والتحليل والمتابعة الإخبارية
لم تكن الفنون التشكيلية في بدايتها مادة صحفية تستحق النشر أو المتابعة إلا في حدود الخبر ولم يكن هناك من النشاط ما يحفز ويقنع رؤساء التحرير أو مسئولي الصفحات الثقافية أو الفنية في الصحف بإفراد مساحات كبيرة لهذا الفن إلا في مرحلة لاحقة يمكن أن نحددها في بداية السبعينات وهي الفترة التي ازدهرت فيها المعارض التشكيلية ومن هنا أخذت بعض الصحف في اقتطاع مساحات عند الحاجة لا يتعدى الطرح فيها استعراض خبر افتتاح معرض ما مع تبهيره بآراء وانطباعات الشخصية المفتتحة للمعرض أو بالحديث مع الفنان عن تجربته، وهكذا، ومن حسن حظ الفن التشكيلي أن أشرف أو رأس أقسام الفنون في بعض الصحف في السبعينات الميلادية التسعينات الهجرية صحفيون لهم ميول تشكيلية ومنهم فنانون أيضاً نذكرمنهم على سبيل المثال الفنان سمير الدهام الذي أسهم بشكل كبير في إثراء الساحة التشكيلية بالكثير من المقالات والتحليلات والتغطيات الإخبارية وتقديم العديد من الفنانين للساحة كانت تلك المواضيع في بعض الأحيان وبما يفرد لها من صفحات في أحيان كثيرة تأتي على حساب مواضيع فنية ذات أهمية كبيرة في مجال المسرح أو الطرب أو التلفزيون والسينما إلا أن الزميل سمير الدهام ومن خلال ترؤسه لقسم الفن في جريدة الجزيرة استطاع من خلالها أن يعطي لهذا الفن نصيبه من بين بقية الفنون شاركه الطرح والمساهمة عبر الجزيرة المسائية الزميل عبدالرحيم الميرابي وهو أحد المتخصصين في مجال الفنون التشكيلية، كما لا ننسى دور زملاء آخرين منهم من قطع مسافة طويلة في هذا المضمار مثل عبدالرحمن الشاعر في جريدة الرياض ويحمل نفس التخصص التشكيلي في الفترة التي أشرنا إليها في السبعينات الميلادية قدم من خلال صفحة كاملة تصدر أسبوعياً ألهبها بالتحليلات والقضايا والمتابعة والتقارير عن الفنون التشكيلية كان ومازال أثرها باقياً يمثله الكثير من الفنانين الذين قدمهم الشاعر للساحة مع اعتذارنا عن عدم ذكر الكثير من الزملاء الصحفيين ممن كان لهم صوت مسموع وصدى جميل لخدمتهم لهذا الفن قد لا تسمح المساحة لذكرهم مع انهم غير متخصصين في المجال الا انهم سعوا لدعم فنانيه ومبدعيه.
أهم مراحل الصحافة التشكيلية
تبعت المرحلة السابقة مرحلة أكثر تخصصاً وأكثر تخصيصاً للمساحات التي تهتم بالفنون التشكيلية عبر صفحات لا يداخلها أو يشارك ما يطرح فيها أي مواضيع أخرى غير الفنون التشكيلية تصدر أسبوعيا في كل من جريدة الجزيرة وجريدة اليوم وجريدة الندوة والمدينة وعكاظ منها ما كُتب له الاستمرار ومنها ما توقف وهنا نذكر ما ورد على لسان الزميل الفنان عبدالجباراليحيا بأنه أشرف على صفحة تشكيلية بجريدة المدينة في أوائل السبعينات ما يعني أسبقيته في الوجود مع أننا مازلنا نجهل الفترة التي دامت فيها تلك الصفحة أو ماهيتها مع حرصنا على توثيقها وتأكيدنا على أن إبداع الفنان عبدالجبار في اللوحة والقلم ما زالا موجودين في الساحة كإحدى قاماتها الإبداعية.
نعود للصفحات المعروفة والموثقة ومنها ما ظهر في صفحات جريدة الجزيرة يعدها الفنان محمد المنيف وفي جريدة اليوم ويعدها الفنان عبدالرحمن السليمان باعتبارهن أول صفحات يحررها متخصصون في الفنون التشكيلية لهم مساهمات كفانين رواد في الساحة التشكيلية وحضور محلي ودولي تبعتها جريدة المدينة لاحقاً بصفحات يعدها ويشرف عليها الزميل خيرالله زربان المتخصص والمتمكن من قدرته في صناعة الصفحة الصحفية والتنوع فيها والقدرة على جذب القارىء من خلال طرحه وتحليلاته ونقده.
النقد والكتابات
الانطباعية والأدبية
استمر تدفق المادة التحريرية في تلك الصفحات وفي صفحات أخرى غير متخصصة إلا أن تلك الصفحات وبما قام به المشرفون عليها من تحرك ديناميكي تجاه صناعة الصفحات بحس صحفي وأسلوب متوازن يجمع الخبر بغيره من قنوات الطرح الصحفي نقداً وتحليلاً وكتابة التقارير ومتابعة جديد الساحة ودعمها بالرأي ومنها اجتذابهم لأقلام فنانين تشكيليين كانت وفقوا باستكتابهم وتقديمهم واكتشاف الكثير منهم كانت غالبية مقالات الكثير منهم تستحق التقدير والاحترام بما لها من أثر كبير على الساحة وعلى التعريف بهذا الفن للقارىء المتخصص أو المثقف أو العامة منها أقلام لكتّاب تشكيليين محليين ومنها لكتّاب عرب لكل منها وهجه وقراؤه ومتابعوه منهم من استمر ومنهم من تراجع مقتنعاً بالمقولة (رحم الله امرأً عرف قدر نفسه) تنوعت المشارب وتنوعت التوجهات عند اصحاب تلك الأقلام منهم من يكتب لتسجيل حضور ومنهم من يعي دوره التاريخي ومنهم من وجد الكتابة سبيلاً لتحقيق مصالح، كما أن منهم من ركب صهوة النقد مع أنه لا يحمل أي مقومات للنقد ومنهم الناقد الحقيقي مع ما اتهم به بأنه حاقد من قبل من اخفق في اصطياد أهوائهم، مع أن هناك نقاداً لا يمكن تجاهلهم نترك هنا كيفية اكتشافهم لمن لديه القدرة ولديه الفراسة لمعرفة الفرق بين هذا وذاك، كما لتلك الأقلام تنوع في الطرح منها الانطباعي الأدبي والطرح الأدبي وهم غالبية الأقلام باستثناء من لا يعلم ما يكتب ويلوي ذراع الجملة والعبارة دون أدنى مرجعية ثقافية أو تاريخية أو معرفة لما يراد قوله.
تلك الأقلام ما أعطيت لهم من فرص إلا أن منهم من جاء وغادر دون أن يبقي شيئاً يذكر للفن التشكيلي ومنهم من أثار زوابع وعواصف نتاج جهل في الأسلوب أو عدم فهم لأهمية المساحة التي اتيحت له فأساء مستخدموها للساحة اكثر مما خدموها معتبرين ان ما يقومون به ضرباً من ضروب النقد والإثارة والجذب ثم تحقيق الهدف مع أن ما اتضح لاحقاً أن أهدافهم تدور في حدود مصالحهم أو لتحقيق انتصارات ضد الآخرين مستغلين جسور الصحافة للوصول إلى مبتغاهم بالمهاترات والإثارة التي اعتبروها أساليب صحفية ناجحة في زمن مختلف عما عهدوا نتيجة خلو وفاضهم من اي وعي بكل ما يتعلق بالجوانب الفنية والتقنية والتاريخية ودون ارتباط او علاقة بالبحث والمقارنة الحقة بين ما يتعرضون إليه كمنتج وبين ما يحملونه من مشاعر معاكسة متناسين في غمرتها تسليط الضوء اللازم للعمل والإبداع والسعي لصنع سبل الوصول إلى فهمه، أما الجانب الآخر فهو وجود أقلام لا تملك البعد الثقافي المواكب للحركة السريعة فتلجأ إلى إخفاء عجزها بالإشارة لكل ما يدفع بمن استهدفوه إلى الإحباط والتراجع عبر عبارات وجمل يستشهدون فيها باسماء وأعمال مستوردة الصنع للتدليل على مكتسبهم الثقافي مع أن مثل هذا الأسلوب لم يعد مؤثراً أو مضيفاً للدهشة والاعتراف في عصر سهل فيه الوصول إلى كل جديد في العالم.
أقلام المجاملة تهدم دون وعي
مرت بالساحة التشكيلية العديد من الأقلام لكتاب ومحللين ونقاد تشكيليين كما يصف البعض منهم نفسه من الأشقاء العرب، وحينما أتحدث عن هذا الجانب فإنني أعني ما أقوله وأعني ما وصلت به الحال نتيجة ما قدمه الكثير من أصحابها منها ما غلف بالمجاملة ومنها ما عني هدفه مسبقاً، محتفظين بكل الاحترام والتقدير للأقلام الصادقة التي وضعت الفن والإبداع أمام ناظريها متجاهلة أي أغراض أخرى.
تلك الأقلام ليست وليدة اليوم بقدرما كانت تسير بخط ٍمتوازٍ مع بدايات الحركة التشكيلية المحلية الخالية من الأقلام الوطنية أومن قلة الأقلام الأخرى الصادقة الأمينة فوجدوا فيها أصحابها فرصة لإبراز قدرات مجهولة الأصل والولادة كونهم غير معروفين في بلدانهم وليس لهم أي مساهمات أو أدوار في فنونهم التشكيلية لا نقداً ولا ممارسة إبداعية عبر اللوحة حتى أصبح صوتهم الأبرز والأكثر تردداً ولفتاً للأعين والآذان مع ما اتاحه لهم مشرفو الصفحات الثقافية والفنية من فرص بما وجدوه فيهم من وسيلة لتحريك الساكن ولإثارة البلبلة وجذب القراء دون علم بما ستنتهي إليه تلك الجعجعة حيث وضع فيها أصحاب تلك الأقلام من لا يستحق في موقع المستحق وقربوا من لديه ما يطعم الفم وتخجل منه العين ويسيل له لعاب الكلمات والعبارات فأصبحت كلماتهم واجهات لمسيرة لم يكتمل لها النمو لمن خدع بمعسول تنظيرهم انتهت بهم إلى تشوه في الشكل والمضمون ليتتابع هذا الواقع ويتلقفه الكثير ممن أصبحوا رواداً في الساحة ولم يكتشفوا زيف المديح إلا بعد مرحلة طويلة من الاستسلام لسحر أولئك وبلاغتهم في صنع العبارات المنمقة.
فمن تلك الأقلام من صفق للمستويات المتدنية جاعلين منها فناً عظيماً عالمي المستوى والمنافسة بينما هي أقرب للفن الساذج مرسخين فيهم القناعة والإيمان القاطع بأنهم الأفضل لتدفع للمنافسة على الصدارة مع ما هم عليه من تراجع نتيجة الضبابية الملونة التي شكلها أولئك النقاد كما يدعون بين هؤلاء الفنانين وبين كل جديد في عالم فنونهم حتى انتهت ببقائهم في الخلف وعلى مسافة بعيدة مما يحدث لهذا الفن من قفزات متأنية مدروسة عرف أصحابها متى وكيف يتعاملون مع ما يكتب أو يُقال.
أما الفئة الأخرى فهي من أشاد وأشار بالإيجابية المعتمة لكل فن دخيل تعامل معه وعمل به أفراد يعدون على أصابع اليدين في الساحة المحلية لمجرد ملامستهم الاتجاهات القاصرة التي لا تحمل أي مضامين أو تؤكد على تحقيق الرسالة المناطة بالمبدع تجاه مجتمعه على أنها فنون معاصرة مع إنها مجردة من كل ما يمت لمنابع الموروث أو الهوية للمجتمع الأصيل الذي يسعى الآخرون لطمسها في وقت تتكاتف الجهود المختلفة للمؤسسات الثقافية وبدعم رسمي لتوثيقها واستلهامها تلك الفئة غير المنتمية لثقافتنا والباحثة عمن يتلقف غثاءها الطافح بما يفسد الذوق، تلك الفئة من الفنانين وفنهم المزيف وجدوا من هؤلاء النقاد كما يصفون أنفسهم التصفيق لهم وحملهم على الأكتاف عبر الأقلام أو في الندوات أو اللقاءات التشكيلية على مرأى ومسمع من أعداد كثيرة من الفنانين البعض منهم الصامت لعدم قناعتهم بما يدور مع أن السكوت علامة الرضا والبعض الآخر لا يعلم ما يدور أم القلة القليلة فهم من المؤيدين لمثل هذ الطفح الجلدي على وجه الفن التشكيلي إذاً فالأقلام وما اتيح لها من فرص كانت وما زالت تحمل الكثير من المتناقضات إلا أن الأمر أصبح واضحاً وأصبح لدى الفنانين المعرفة الوافية بمن يسعى لخدمة فنهم وبين من يتسلق عليه وبين من يتكسب منه.
الصحافة الأكثر حضوراً وتفاعلاً
تبقى الصحافة الأبرز في خدمة الفن التشكيلي وتبقى كل كلمة وجملة تكتب في هذا النهر المتدفق من الحضور الإعلامي مكسباً للفن التشكيلي ويتبقى القول إننا في حاجة ماسة للنقد ولكشف العيوب وللتصدي لأي توجه يساء فيه لرسالة الفن ودور الفنان في بناء حضارة أمته وعلينا أن نستفيد من كل مساحة تتاح لطرح الرأي والنقد لنكون أكثر تفاعلاً مع إبداعنا لا أن نتوقف عند حدود لخبر الصحفي وتلميع المناسبات التشكيلية مع ما ينطوي تحتها من تدنٍ في العطاء فقد تخطينا مرحلة الإعداد وتشكيل القاعدة وأصبحنا أمام مرحلة أكبر وأهم يمثلها إنجازات تشكيلية متوازية ومتتابعة تعود فيها المعارض الشخصية إلى سابق عهدها وتثري الصحافة بما ينكشف منها تحت الأضواء بثقة الفنانين المعهودة. والحقيقة أن علينا أن نشير هنا للجهود الكبيرة التي تبذل من قبل المشرفين على الصفحات التشكيلية وعلى الزملاء الآخرين ممن يقدمون الفرص ويفردون المساحات لأي تظاهرة أو معرض أو مناسبة تشكيلية عبر التغطيات وإذا كان هناك مطلب نمثل به المعنيين بالفن التشكيلي والحريصين عليه فهو في ألا يضع المحرر نفسه ناقداً أو محللاً لمعرض إذا لم يكن ممتلكاً أدواتها، فالأمر ليس كما يراه البعض والشواهد كثيرة منها أن هناك من رؤساء الأقسام الفنية أو المشرفين على الصفحات الفنية من يتعاطف مع فنان أو فنانة لمجرد إعجابه بعمل من الأعمال المعروضة في معرض جماعي أو فردي أو نتيجة دعوة يتلقاها من أحدهم ليضع الفنان أو الفنانة في غير موقعها الحقيقي ،فالكلمة رسالة بل يمكن أن تتحول إلى قبضة وربما اسمه الغرور قد لا يشفى منه صاحبه.
أخيراً
أود الإشارة أو التذكير ببعض من اثروا الساحة التشكيلية بأقلامهم منذ أن أخذ هذا الفن موقعه الحقيقي في ثقافة الوطن وحقق التميز والحضور في مختلف المناسبات المحلية والدولية فمن هذه الأسماء الفنان الراحل محمد السليم والفنان عبدالعزيز عاشور والفنان هاشم قنديل والفنان أحمد منشي والفنان الدكتور عبدالحليم رضوي والفنان عبدالجبار اليحيا والأستاذ محمد الخربوش والفنان الدكتور محمد الرصيص والفنان عبدالعزيز الحماد كما لا أنسى الناقدة والكاتبة لولوة العماري والفنان عبود سلمان من سوريا والفنان سمير ظريف من مصر وهم من الأسماء المعروفة بكثافة طرحها والاعتدال فيه مع الاعتذار لمن لم ترد أسماؤهم كما أود أن اختتم هذه الاطلالة بتقدير الأحبة ورؤساء التحرير في الصحف التي أفردت مساحة أسبوعية لهذا الفن والأولى أن أشكر الأستاذ خالد المالك الذي قدم الكثير لهذا الفن ومنه هذه الصفحات التي كلفني بها كصفحة متخصصة في الجريدة وبداية عام 1403هـ وحتى يومنا هذا الذي تألقت فيه الفنون التشكيلية بنظامها لموقعها الصحيح في مجلة الثقافة الرحم المشترك لإبداعات مشتركة.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
منابر
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved