الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 15th May,2006 العدد : 153

الأثنين 17 ,ربيع الثاني 1427

باسم الأطفال والناشئة
متى نقاضي دور النشر؟
* الثقافية - منى العصيمي:
لشدّ ما ابتهجت نفسي أن الوعي بدأ ينمو ويتسع ليشمل الاهتمام بالطفل فكراً وأدباً، هذا العضو الأكثر أثراً و تأثيراً في خريطة الوجود الإنساني؛ فهو بذرة اليوم وشجرة الغد التي لن تؤتي ثماراً جيدة ما لم تكن عوامل الرعاية جيدة، وهذا الطفل إذا ما أحسن إليه منذ نعومة أحلامه فإنه سيحسن المشاركة عن وعي بدوره القادم والمنتظر، وسيتضخم لديه الحسّ بالمسؤولية في ردّ الجميل لمجتمعه؛ لذا كانت بادرة مكتبة الملك عبد العزيز العامة في تنظيم لقاء عن النشر للطفل في محاولة منها لردم الهوة الحاصلة لدينا في إدراك الدور الفاعل للطفل وأهمية تشكيل ثقافته حتى قبل أن يكتمل نضجه العقلي. ولقد استرسلت كل من الضيفات الكريمات في سرد مشوار نجاحهن فمديرة دار المنى الأستاذة منى هنينغ ألقت ضوء حديثها على الترجمة للطفل واهتمام الغرب وبالأخص السويد بثقافة الطفل، بينما خصصت الأستاذة وفاء كامل مديرة دار النبتة حديثها عن التحديات التي واجهت وتواجه أدب الطفل متطرقة في حديثها إلى مراحل الطفولة واهتمامات كل مرحلة، بينما استوقفتني عبارة من حديث الأستاذة نبيهة محيدلي مديرة دار الحدائق في إشارتها إلى بعض التحديات التي واجهتها، ولم تفل من عزم صمودها، وهي قولهم لها عن سابق تجربة: (إنه كلما كان الكتاب سيئا بيع أكثر)، وما سردته الأستاذة نبيهة محيدلي بعد ذلك كان موضع اهتمام الجميع، لكني ظللت عالقة بين ثنايا هذه العبارة؛ فما جدوى أن نجاري ثقافة متهالكة هشة سائدة ونساهم في إشاعتها فحتى كتب الأطفال طالتها سياسة الجمهور يريد ذلك من المسؤول عن تمييع ثقافة كان يمكن أن تكون قوية وجادة وإحلال أخرى سيئة، لأجل من؟ ولماذا؟ من ذاك الذي يرتضي لنفسه أن يكون معول هدم لا بناء وينتهي أمله عند حفنة من المادة على حساب مجتمع كامل؟
ألا يحق لنا كعقول واعية أن نقاضي دار نشر ساهمت في ذوبان الثقافة الجادة وموتها بما تضخه من غث في المكتبات؟ إذا كنا فشلنا في إثبات مصداقية المقولة إن الجيد يفرض نفسه في عالم الكبار وليس بمقدورنا فعل شيء تجاه هذا الخلل في الذوق الفكري بزعم أنها حريات شخصية واختلافات وفروق طبيعية وليس بمقدورنا فعل شيء سوى أن نتنافس بمشابهة الشيطان مع فارق الخرس حتى لا نتهم بأننا نصادر الحرية الشخصية ونفرض ذائقتنا على المتلقي مع العلم بأن الأمر غير ذلك فالكثير من النقاد ومن يعول عليهم مهمة التثقيف للمجتمع يرتكبون جرم التأثير على ذائقة المتلقي بشكل غير مباشر بما ينشرونه من تبجيل وتطبيل وذكر للمحاسن ومواضع الإبداع لكتب حقيقتها غير ذلك.
أقول: إذا كنا لاعتبارات كثيرة غير قادرين على رفع دعوى قضائية على دور نشر أخلت بأمانة الكلمة أفلا نستطيع فعل ذلك للدور التي تهدم ذائقة الطفل وتمارس قرصنة هويته لتفرغ داخل رأسه الصغير هوية أخرى أبعد ما تكون عن واقعه؟ ستكون حينها الدعوى ذات مبرر كون الطفل لا يزال قاصراً حقيقة ومجازاً، وإن كان هناك قول آخر يحمل لنا بصيص أمل مفاده أن الطفل ناقد جيد لكن لا يحسن التعبير ومنتهى ما يمكنه فعله هو أن يلقي بالكتاب جانباً، لكن مع هذا لا يمكننا تجاهل حقيقة ثبتت ببرهان الفعل والنتيجة؛ فالكتاب السيئ هو المهيمن وما ينسحب على الكبار سيشمل الصغار أيضاً؛ فحين يتهافت الكبار للحصول على رواية رديئة لمجرد أن النقاد أو الآخرين اقتنوها ورأوا فيها كذا وكذا من المحاسن واللطائف، فماذا سننتظر من الطفل حين يقال له اقتنِ هذا الكتاب إنه الأكثر مبيعاً؟ هل سيدرك خدعة التسويق قبل فوات الأوان ويعلم أن هذا الكتاب الأكثر مبيعاً هو ذاته الأسوأ معيناً بفتح الميم؟!
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved