الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 15th May,2006 العدد : 153

الأثنين 17 ,ربيع الثاني 1427

نهار ليل يغيب..!

*عبدالعزيز حمد الجطيلي:
سيدتي
عدت في منتصف عمر ليل نهاره غاب
عدت تملؤني الكآبة
عدت وجراحي تنزف دم العمر وعافيته!!
وضجيج صمت خاطري في غابة الليل يزيد وحشتي واغترابي!!!
حتى حين أفتش عنك في مدن الضياع أجدك الفقد الذي يزيد حيرتي وذهولي!!!
أنت... أنت النهار الذي في المساءات الجميلة أترقب.. وبعد منتصف الليل ألقاه.. وعند الفجر أودع النهار المشرق مع غروب الليل!!!
أنا وأنت كنا ندلل أحلامنا معاً..!!
أنا وأنت.. كنا نتناسى دهاء يأسنا معاً!!
أنا وأنت.. كنا نضمد جراح آمالنا معاً!!
ونشتكي صخب النهار لسكون الليل... وازدحام وحدتنا مع الآخرين وبينهم تحت ضوء الشمس إلى ألفة تتدثر بنور القمر ووميض النجوم وتسامر الليل وتسامرنا..!!!
آه .. يا سيدة القلب أنت!!
رغيف منتصف الليل كان بيننا
ريشة الرسم.. وقوارير الألوان والحبر كانت بيننا!!! أين أنت!؟
أين رغيف منتصف الليل.. مقبرة مجاعة أيامنا!؟
أين الرسم والحبر.. وأين قصاصات نثري أنا.. قصائدك أنت أدب الحزن الذي عشقناه كثيراً.. أين أنت!؟
سؤال آخر الليل.. يضيع مني وهو معي!!!
سيدتي
يا سيدة القلب أنت...
عدت في منتصف عمر ليل نهاره غاب
عدت تملؤني الكآبة
بعدك من ينظم معي بيت الشعر!؟
أتذكرين بيت الشعر.. كيف نرسمه.. وكيف كنا نلون حروفه ومعانيه... ونضبط بالشكل قافيته!؟
بيت الشعر كان بيننا الشطر والشطر، شطره الأول ضجر وألم ونزف وبكاء... حين كان أحدنا يبدؤه بقريحة معاناته وشكواه.. ثم يكمل الآخر منا الشطر الثاني (بشاش) من حنان ليلتئم الجرح.. وبغناء على وتر البوح يصغي له البكاء بصمت.. فيسعد المسكون بصقيع الشتاء بدفء الشاعر ومعطفه وخيمة حنانه... إنها إمبراطورية الحب.. الإنسان يألف الإنسان!! أين أنت شاعرتي!؟
سؤال آخر الليل يضيع مني وهو معي!!؟
سيدتي
سيدتي أنا...
عدت في منتصف عمر ليل نهاره غاب
عدت تملؤني الكآبة
حين يبقى الحب خالداً في الإنسان.. دون الإنسان! في أعمق أعماقه.. ترتدي وردة الحب عباءة الذبول الحداد.. وعلى شيخوخة أناقته السوداء طفولة الحرمان وأنياب اليأس تفترس عافية الأمل الكبير.
كنت حبيبتي وصديقتي.. وأليفة خاطري وجرحي.. كنت طبيبتي وقارورة الدواء منك تشفي سهد ألمي بالنعاس!
كنت شاعرتي وقيثارة تغني لنا صمتك وصمتي..!!!
كنت درعي وسيفي.. وأنا أبارز في ساحة الأيام
فروسية الصمت والألم والحنين!!!
أنت كنت.. وكنت.. وكنت...
أ،ت كنت.. بالنسبة لي كل شيء
أين أنت يا كل شيء!؟
سؤال آخر الليل يضيع مني وهو معي!!!
سيدتي .. يا سيدة العمر أنت.. أنا عدت
عدت في منتصف عمر ليل نهاره غاب
عدت تملؤني الكآبة
دلفت إلى غرفتي الخالية.. مغارة بوحنا الذي كان
رقصة ستائرها تشبه ارتعاش أهداب عيوننا...
تلك تطرب لحفيف ريح منتصف الليل... وهذه تطرب لا أنين ربابة حنيننا..!!!
أوراقي المبعثرة في الغرفة الخالية.. هاتفي الأخرس... أغاني نجاة.. الورد المجفف في أواني الفخار.. ولوحة الرسم.. وساعة الحائط وصورة الطفل الصغير أنا...
كل أشيائي بصمتها تسألني وأسألها...
عازف الصمت أين سيدة قلبك!؟
أين هي حبيبتي... أين أنت...!؟
سؤال آخر الليل يضيع مني وهو معي!!!
سيدتي... سيدة الحلم أنت..أنا عدت
عدت في منتصف عمر ليل نهاره غاب
عدت تملؤني الكآبة
نظرت إلى فوضوية سرج الجواد الخشبي.. فإذا هي وسادة الحلم التي أهديني..!!!
كم كنت ماهرة حبيبتي.. بنقوش يدك بالحبر الحرير على وسادة حلمي
نسجتِ عليه ضفة النهر... ودورق الماء الصغير
وأبدعت برسم القلب والقلب.. والحرف والحرف!
وسادة الحلم كتاب... وديوان شعر
وسادة الحلم رواية حب رائع كتبناها بغرابة أمل أسعدته الآلام وأشقته
حتى غيمه الحزن حين تمطرها ترويها وتروينا!!
سيدتي
أنا.. أتأمل في ليل وحدتي وسادة الحلم.. أفتش بين أطلال نقوش يدي ويدك عن جناح تحت ظل ريشه يرقص قلبي لها كالعصفور الصغير طرباً من سكينته!!! ولكن وسادة الحلم.. على سرير كوابيس الليل لم أعد أفهم تفاصيل جغرافيتها وحيداً!!
ها هو النهر.. يرضع من ثدي صخرة البعد والفقد الغارقة فيه المرارة حتى لم يعد النهر نهراً.
وضعت جبيني على الوسادة ببلاغة الصمت أسألها وبالدمع على صحرائها القاحلة أمطرها بالسؤال!!!
أين حبيبتي... أين سيدة الحلم!؟
أين أنت ...؟ ما أصعب الغياب
سؤال آخر الليل يضيع مني وهو معي!!!
سيدتي... يا سيدة نهار لا أعرفه أنت!!!
عدت أنا وحيداً
عدت في منتصف عمر ليل نهاره غاب
عدت تملؤني الكآبة
على وسادة الحلم.. أبحث عن أنوثة عينيك لا أبصر بها عفاف رجولتي.. وعن يدك المنقوشة بالحنا لتلامس كامل جبيني.. وتجفف يدك الحانية الغرق على وجاني الحنطية
حين كان الحب يخيفني.. والبعد يخيفني.. والحنين يخيفني.
لحظة تبكين من أجلي أنت.. وشمس تكاد أن تبدو بين شفتيك وتهمسين لي وأنت باكية...
إهداء حبيبي فا أنت معي
إهداء حبيبي.. فا أنا نهار ليلك
إهداء يا قرة عيني.. فقسماً بربي أنت أنا.. وأنا أنت!!!!
قطرة الوداع:
سيدة النهار
أنا... أحبيتك.. نعم
أنت... أحببتني.. نعم
أنا.. لا أزال أحبك نعم... ونعم ونعم ولا!!
يا لعمق مأساتي فيك بين (نعم ونعم ونعم ولا)
التضحية تقتل الحب أحياناً... إنه قدري!!!


ayamcan@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved