الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 15th May,2006 العدد : 153

الأثنين 17 ,ربيع الثاني 1427

المثقفة والكرسي الشاغر
*د.لمياء باعشن:
عندما قامت وزارة الثقافة بتعيين أعضاء مجلس إدارة نادي جدة الأدبي اختارت ستة أعضاء لهم تواجد قوي في الساحة الثقافية هم عبدالمحسن القحطاني، وحسن النعمي وسحمي الهاجري وعبده خال وأحمد قران الغامدي ويوسف العارف، لكن لهؤلاء الرجال فاعلية ملموسة أيضاً في أنشطة النادي البارزة، فهم أعضاء في جماعة حوار، ويشاركون في ملتقى النص السنوي لذا حين اعترض من اعترض على تركيز الوزارة على ذات الأشخاص من داخل النادي، فقد شعرنا بأن الوزارة تكافئ جهود هؤلاء، وتظهر تقديرها لتفاعلهم مع النادي، وهي قد فضلت في هذه المرحلة الانتقالية منْ عاصر الفعاليات السابقة وأسهم في إنجاحها. الكرسي إذا لمن كرس نفسه وجهوده لخدمة الشأن الثقافي.
واتضح منذ البداية أن الوزارة لن تأخذ في اعتبارها تعيين امرأة في المجلس. لماذا قد نسأل: أليس لها تواجد ملحوظ في الساحة الثقافية؟ ألم تكن فاعلة في أنشطة النادي البارزة؟ أليست عضوة في جماعة حوار؟ ألا تساهم في ملتقى النص السنوي؟ بلى لكل الأسئلة، لكن الشرط الذي احتكمت إليه الوزارة لا شأن له بكل ما تقدم من إيجابيات، إذا تعلق الأمر بالنساء، فالكرسي ليس لمن كرّس وقته وجهده للشأن الثقافي، بل لمن وافق شرطاً خفياً لا تنص عليه حتى اللائحة القديمة المطبقة حالياً: اللائحة تحدد العضوية لكل سعودي فوق الثامنة عشرة، لكن الشرط الخفي يحدد العضوية لكل رجل دون النساء.
ثم شغر الكرسي العاشر في المجلس باستقالة أحد الأعضاء المعيّنين، وتعالت المطالبات بإحلال امرأة مكانه، لكن الوزارة أصرت على التمسك بشرط الذكورة، وأشاحت بوجهها عن تلك المطالبات، وأخذت تعلن في تصريح تلو الآخر أنها لن تأخذ في اعتبارها تعيين نساء في مجلس الإدارة!
هكذا ارتأت الوزارة ألا تكافئ المرأة الفاعلة على جهودها، بل ضنت عليها حتى بكرسي عافه رجل، ثم وفي نفس واحد تقول لنا الوزارة أن مشاركة المرأة في أنشطة النادي غاية في الأهمية، يمثلون في نظرها 50% من أعضاء النادي، لكن هذا النصف من الأعضاء لا يستحق مقعداً واحداً في المجلس، بينما يستحوذ النصف الآخر على 100% من المقاعد! كيف تمت هذه الحسبة العادلة؟
من غير المعقول أن تساوي الوزارة بين مطالب الأندية، وتبرر عدم تعيين امرأة في مجلس نادي جدة بعدم تكافؤ الفرص في المناطق الأخرى مازلن يطالبن بالمشاركة في الأنشطة، ويطالبن بصالات نسائية تضمن لهن المشاركة، وقد وعدت الوزارة بتحقيق رغباتهن، ورصدت مبالغ بعينها لإنشاء تلك الصالات، لكن المثقفات في جدة يشاركن في أنشطة النادي منذ ست سنوات وقد تم بناء صالتهن منذ أمد بعيد، فلماذا لم يمنع نادي جدة في حينه من إقامة الصالة ومشاركة النساء بحجة أن غيرهن من المثقفات في المناطق الأخرى لم يحظين بصالة؟
يشعر المثقفات في نادي جدة أن الزمن يعود بهن إلى الوراء بدلاً من المضي قدماً، فقد كن يعتقدن أنهن فعلاً عضوات بالنادي لعضويتهن في جماعة حوار، نعم (عضوات) بالمسمى والبطاقة والعطاء والمشورة، والآن الوزارة تفصلهن في لجان نسائية فرعية تابعة لمجلس الإدارة يأتي هذا التقهقهر على يد وزارة فتية رأت النور في زمن مغاير، ولدت في عصر انفتاح وإصلاح، وزارة لها، توأم عملاق كان سباقاً في فتح مجالات العمل للمرأة والحث على مشاركتها في كل وسائلها الصحفية والإذاعية والتلفازية. وزارة الإعلام أقرت وبشجاعة وجود المرأة في المجتمع وباركت حضورها بقلمها وصوتها وصورتها، ثم بشخصها، فما بال توأمها الثقافي يناقض توجهاتها ويخذل المرأة ويقص أجنحتها؟
يشعر المثقفات في جدة أن صالتهن النسائية تتحول إلى (قاعة)، ذلك أنها إلى القاع أقرب، فهن منبوذات من المواقع القيادية العليا، وما لهن سوى السفوح، وإذا كانت الوزارة ترى أنها تمر بمرحلة انتقالية تعيد فيها تنظيم أمورها وتؤسس وتدستر وتقنن، فما أحوج المرأة إلى التدخل الآن وبشكل رسمي يجعلها تحدد موقعها بالشكل الذي يرضيها هي والذي يتماشى مع طموحاتها ومتطلباتها المستقبلية.
في غياب المرأة عن صنع القرار في هذه المرحلة التأسيسية يعني أنها ستُغيّب مرة أخرى داخل القاعات، أو هي (قيعان)، لتفاجأ بنظم وقوانين ودساتير قد تم اعتمادها لتطبق عليها دون خط رجعة، في حين أنها قد لا تناسبها ولا تفي باحتياجاتها، حينها ستلوم الوزارة النساء لعدم إقبالهن على الأندية والأنشطة الثقافية، وستعلل ذلك بعدم اهتمامهن، حينها ستتعجب من حضور شحيح لأسماء نسائية في المحافل الثقافية الرجالية، وسوف تلمح كسولات لاهيات النساء يا سادة منعن من المشاركة وتم إلغاؤهن. وفي المستقبل إذا لوحظ غيابهن، أرجو أن نتذكر دائماً أن ثقافة التغييب لن تنتج إلا غياباً، وأن الكرسي الشاغر الذي ضنت به الوزارة عليهن سيتوالد وينتج الكثير والكثير من الكراسي الشاغرة.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved