الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 15th September,2003 العدد : 28

الأثنين 18 ,رجب 1424

إبداع إسلامي في كل العصور
الخط العربي من الجملة إلى الشكل الجمالي ومن الرقاع إلى اللوحة في المعارض الفنية

* المحرر التشكيلي:
لا يزال الخط العربي محافظا على مكانه ومكانته في قلوب العرب قاطبة والمسلمين بشكل عام عودا إلى كونه يتعامل مع لغتهم الأم وأهم من ذلك لغة القرآن الكريم الذي أبدع وتفنن الخطاطون في نسخه وتزيينه بالزخرفة الإسلامية لهذا فقد توارثت الأجيال العربية هذا الفن وحرص عليه ممتهنوه فهو صنعة شريفة وعظيمة ومصدر رزق لمن وهب الإبداع فيه وقد عرفت حضارتنا العربية العديد من أنماط وأشكال الفنون منذ فجر الإسلام، برزت وتميزت ونافست بها من بين بقية الحضارات. إلا أن الخط العربي قد حقق مكانته ووضع له موقعا هاما من بين مختلف الفنون البصرية الأخرى التي وجدت في مسيرة وأنماط الحياة الدينية والاجتماعية في الحضارات السابقة الأخرى فهو فن أصيل نتيجة امتلاكه امكانيات جمالية تتميز بها وتتيح للمبدع فيها أن يجد مساحة من الابتكار دون تبديل أو تغيير في المعنى المراد كتابته، وقد تمت ممارسة الخط العربي في كل بلاد العالم ممن يتواجد بها المسلمون لارتباطه بدينهم وكتابهم شرقا وغربا عند الفرس والهنود والأتراك وفي إفريقيا وأوروبا ووجد أيضا إقبالاً ممن لا يعرفون العربية عبر إيحاءاته وقواعده المتعددة التي تشكل بناء رائعاً في التشكيل.
ويقول عنه المؤرخون إن الخطاطين العرب في الجزيرة أخذوا كتابتهم عن الأنباط الذين هاجروا إلى جنوب البحر الميت وشرقه في القرن الخامس قبل الميلاد نتيجة احتكاك أبناء مكة القرشيون بأبناء الأنباط من الخطاطين الذين ورثوا خطهم من الآراميين، في دمشق، فأضافوا عليه ما حقق له نقلة جديدة خصوصا التذهيب وهي الكتابة بماء الذهب ثم حظي هذا الفن أو الخط العربي بالاهتمام الكبير بعد دخول الإسلام من خلال نسخ القرآن الكريم فارتقى في مسالك الفن، وبلغ فيه الإبداع على يد المسلمين حد الإعجاز بعد أن وضعوا له أشكالاً وقواعد ورسوماًص وهيئات يعجز وصفها. ومن تلك التسميات أو الأنماط ما أطلق عليه اسم المدينة التي نشأ فيها، كالخط النبطي نسبة للأنباط والخط الحيري نسبة للحيرة والأنباري نسبة للأنبار ثم ما جاء بعد الهجرة كالخط المكي ثم الخط المدني، الذي انتقل إلى الكوفة، وعرف بالخط الحجازي في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه ولم يتوقف الاهتمام بهذا الإبداع الإسلامي عند حدود كتابة الجملة أو العبارة بل تعداها إلى فنون جديدة معاصرة ووجد الاهتمام في مختلف العصور إلى أن وصل إلى العصر الحديث فكان واحداً من أهم ما يمكن التعامل معه للتأكيد على عبقرية الفنانين المسلمين وليكون مجال بحث للفنانين الغربيين وفناً إعجازياً لم يجدوا له منافساً في فنونهم. هذا الفن أصبح جزءا من الثقافة والتراث العربي وله برامج ومعارض مدعومة بكل سبل النجاح على المستوى العربي إضافة إلى أنه جزء من مناهج التعليم المحلي.
أما عن المعارض التي يجدر ذكرها هنا ما أقامته العديد من القطاعات في المملكة العربية السعودية ذات الاهتمامات الثقافية والتراثية ومنها مكتبة الملك عبدالعزيز أو ما أقامته الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض في شهر رجب من عام 1420هـ وأعدت له برامج على هامش المعرض وبرنامجاً للمحاضرات الثقافية عن الخط العربي أشرف عليها مدير عام التخطيط والبرامج بالهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض المهندس إبراهيم بن محمد السلطان وأقيم المعرض والمحاضرات في قصر طويق بالحي الدبلوماسي وقد تناول المحاضرون فيها علاقة الخط العربي بالحضارات وعن أثر الخط العربي في الحضارات ودور الخط العربي في اللغات كما أقيم معرض عن الخط العربي بقاعة الفن الإسلامي الرياض: مركزا لملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، 1406هـ/ قدم فيه مركز الملك فيصل محاولة مشكورة للتعريف بهذه المسيرة من خلال المعرض وأُصدر كتاب في طبعتين عربية وإنجليزية.
يضم الكتاب تعريفاً بالمعرض بقلم سمو الأمير خالد الفيصل، وتمهيداً كتبه المدير العام للمركز زيد الحسن، ومقدمة بقلم الأستاذ حمد الجاسر رحمه الله، ودراسة عن فن الخط العربي وأنواعه، ونبذة عن كل مخطوطة من المخطوطات المعروضة وعددها 151 مع صور ملونة لصفحات من تلك المخطوطات. كما يحتوي الكتاب على قائمة ببليوجرافية بمراجع عن الخط العربي. وقد برز في هذا المجال عدد من الأسماء المحلية حقق أصحابها مكانة متميزة من بين الفنانين العرب والعالميين من المسلمين ومنهم على سبيل المثال الفنان الخطاط ناصر الميمون حاصد الجوائز ورائد الخط العربي الحديث في المملكة كما أن هناك أيضاً أسماء أخرى كبيرة لا يتسع المجال إلى ذكرها نعد قريباً بإعطائها شيئاً من حقها.
هذه المعارض وهذا الاهتمام بفن إسلامي عريق يدفعنا للتساؤل عن جديد المعارض وماذا لدى مثل تلك المؤسسات من برامج في هذا العام تحديداً وفي الأعوام القادمة وماذا عن إقامة متحف للخط العربي تتولى أمره المؤسسات المعروفة والداعمة له مثل مكتبة الملك عبدالعزيز أو مؤسسة الملك فيصل أو الهيئة العليا لتطوير الرياض التي يأمل منها المبدعون الكثير من الطموحات خصوصا في مجال قاعات المعارض والمتاحف الفنية.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
حوار
تشكيل
مسرح
وراقيات
مداخلات
المحررون
الملف
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved