الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 15th December,2003 العدد : 39

الأثنين 21 ,شوال 1424

محمد بن ناصر العبودي.. عُلماءٌ في علم..
ملف خاص بمناسبة اختياره شخصية العام الثقافية بمهرجان الجنادرية لهذا العام
الأديب المجد
عبدالعزيز الخويطر

الأخ محمد العبودي علم مضيء عند المثقفين، لما ساهم به من جهد ثقافي، ولما وضعه على الساحة الفكرية من موائد ملأى بغذاء مفيد وشهي، وبما شارك، من جهد لنقش اسم المملكة العربية السعودية على خارطة الانجاز في الثقافة والتراث والجغرافيا، وجوانب من اللغة العربية في مكتبتنا العربية.
يصعب حصر الحديث عن هذا الأديب المجد الجاد، في أسطر محدودة، او صفحات معدودة، فلكل جانب من جوانب إنجازه الفكري المتشعب يحتاج إلى وقفة طويلة متأنية، تكون حصيلتها كتابا كاملا.
وجد الشيخ محمد العبودي الحقل امامه بكراً في كثير من المجالات في بلادنا، فشمَّر عن ساعد الجد، وحاول بنجاح أن يختط أكثر من خط جديد، بعد ان ادرك انه آن الأوان لملء الفراغ بما يشفي طموحه، وطموح المتطلع من مثقفي بلاده، فالتفت، في احدى المرات، الى التراث، فوجد انه يحتاج الى عناية في بعض جوانبه، تتجاوب مع ما يحتاجه المعجبون بتراث بلادهم.
كتب الشيخ محمد عما رأى انه يمكن ان يكون مما يفيد، دوّن القصص التي على ألسن الناس، وما تحويه من صور تمثل البيئة، وما كانت عليه قبل ان تلونها الحياة الحديثة بألوانها، وما طرأ عليها من وسائل في المجالات المختلفة، سواء ما يلمس البيئة مادة او يلمس حياة الناس سِيَرا وعادات، ووجد أن الامثال تستحق عناية متميزة، لما تلعبه في حياة الناس، فأضاء ما قد يكون مظلما من جوانبها، ووضع لها الاطار اللائق بها، وجرَّ ذلك الى الالفاظ التي تدل على الاشياء او التصرفات مما بدأ يبهت، ويجهله الجيل الجديد.
أعطى هذه الجوانب حقها، فجاء بعضها في مجلدات، تشهد بالجهد المبذول، والفائدة المرجوة وهو خير من يتطرق لهذه الامور، لمعاصرته لبعضها، ورؤيته لشمسها وهي تجتمع للمغيب، او معاصرة من عاصرها ممن سبق جيله، فجاء التوثيق هذا ليضع لها القيمة التي تستحقها، وبهذا حفظ تراثا ثمينا، ووضع مثلا ملموسا يقتدي به من أراد ممن عاش في منطقة غير منطقة القصيم، لها عاداتها وتقاليدها، وأدواتها، وما وخط تلك من مشيب بدأ يزحف على لون شبابها، او قضى عليه، بدهس اقدام السير الحثيث بما فيه من أدوات حديثة، أخذت تحجب الماضي، حتى لم يعد منه الا ذكريات ان لم تدون بدقة، فسوف يشوه ما بقي منها الزمن، وفعل الرواة، والثقافة العربية، وعلمه بأمور اللغة العربية، جاء اسلوبه معضدا في القبول للافكار التي سجلها، فالسلاسة في التعبير، والبعد عن التكلف من الامور التي تجعل الكاتب مقبولا، لأن هذا يجعل الذهن يتابع الفكرة كما اراد لها المؤلف ان تفهم، دون حاجة الى الحدس او التخمين، او الظن بأن هناك مرامي غير ما تظهره الجمل.
ومن الأمور التي أخذت من عنايته نصيبا وافيا الجغرافيا، فجاء جانب منها عن بلادنا، محددا مواقع، وواصفا احوالها، وتاريخها احيانا، مما اصبح مرجعا لابد منه لمن اراد ان يكتب عن احداها، او يتطرق لها من بعيد او قريب، وهي ركيزة باقية لمن اراد ان يعيش مدى تطور بلادنا مقارنة بالانجاز، والمدة وما كان عليه الامر قبل ذلك.
والجانب الجغرافي رحلاته بحكم عمله الى البلاد الاسلامية، ووضعه لما كانت عليه، وقت زيارته، بدقة، لأنه شاهد عيان، وصلته بمن من أهلها يطمئن الى حكمه عنها، سواء كانت تلك قرى او مدنا او شعوبا او عادات، وقد خدم بهذا هذه البلدان عند مواطنيه، الذين رأوا بعينه ما لم يستطيعوا رؤيته بعيونهم هذا الجهد في تسجيل ما يراه، وما يرى اهمية قيده بقيد الجهل والكلمات، وهي قيود ذهبية نبيلة، تكشف عن حرصه على وقته، وتقديره له، وحرصه على ان تكون كل دقيقة تمر يستفاد منها، اذ إن كثيراً ممن زاروا هذه البلدان وغيرها لم يدونوا لانفسهم شيئا، ولم يكتبوا ما قد يفيد الناس، ومن فعل من بين هؤلاء فعددهم لا يقاس بمن لم يفعل.
وتقديره للوقت، واستفادته منه، واظهار ما جاء من ذلك من حصيلة، ظاهر في كثرة انتاجه، فهو شهادة بينة وموثقة على ما بذله، وتوصل اليه.
هذه لمحة سريعة عن جانب من الصورة التي تبرز امام ذهن من يسمع اسم الشيخ محمد الناصر العبودي. زاده الله من فضله وأدام عليه ثوب الصحة ضافيا، والعافية فضفاضا، وأخذ بيده ليتابع عمله المفيد هذا.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved