Culture Magazine Monday  16/04/2007 G Issue 195
فضاءات
الأثنين 28 ,ربيع الاول 1428   العدد  195
 
ثبات وتغير المصطلحات
حمد الراشد

 

 

نشأت المصطلحات في فترات مختلفة من التاريخ، إما لغرض علمي بحيث يتم الاستعانة بها لتوصيف تجربة أو نظرية أو لتفسير قانون، وبذلك فإن حالة المصطلح العلمي تعتبر شبه مستقرة حتى وإن انبثقت من مفهوم متغير، وذلك بهدف إبراز النتائج في المرحلة التي وصلت إليها، ولهذا السبب يرتبط المصطلح العلمي بضرورة علمية، ويتوافق مع شروط التجربة وحدود النظرية، وفي هذا النطاق نجد المصطلحات عامل دعم للارتقاء بالتطور المعرفي، ويظل المصطلح يحمل المعنى المقابل الدال على تفسير الجمل العلمية في التجربة أو النطرية، وإذا نظرنا إليه من ناحية منطقية فإن هذا المعنى يكون للموضوع أحيانا وللمحمول أحيانا أخرى وفقا لنسق القضية العلمية المبني على شروط التجربة، وبالتالي المبني على حدود النظرية.

والمصطلح العلمي يتصف باستقرار نسبي نظرا لامكانات المرونة حسب تغير المعنى تبعا لتغير شروط التجربة أو تطبيق مجال آخر، وكذلك تبعا لتعديل النظرية أو تطورها لأسباب تتعلق بفرضيات أخرى أو إثباتات أخرى، وبهذا نجد المصطلح يتم تطويره أو تغييره من خلال الاستعانة بنطاق واسع من المفاهيم العلمية المرتبطة منطقيا بالموضوع المعالج.

وإما عن اختيار مفاهيم معينة ضمن نطاق يحمل الكثير من المفاهيم المتباعدة من حيث المعنى، فإننا نجد هذا الاختيار يعتمد على التقارب والمطابقة والمقارنة بين المفهوم من جهة وحدود المعنى من جهة أخرى.

من ناحية أخرى نجد المصطلح يتم تحديده لأغراض متعددة أخرى في مجالات واسعة وغير علمية، لذا يتم النظر إليه داخل هذه المجالات بتوصيفين اثنين، وقد يتم الجمع بينهما أو أخذ أحد التوصيفين دون الآخر، وذلك حسب ذهنية من يتعامل مع مثل تلك المصطلحات ودرجة حسه النقدي، وهذان التوصيفان للمصطلحات غير العلمية هما أولا: النظر إلى تلك المصطلحات بيقين ثابت وبالتالي إخراجها من دائرة الشك والتساؤل، والتوصيف الثاني: هو النظر إليها كاتفاق إصطلاحي مؤقت تم إدخاله تجاوزا، وبالتالي فإن هذا التجاوز أدى إلى ترسيخ مثل تلك المصطلحات وإبعادها عن أصولها اللغوية، وعن المفاهيم التي تتغير باستمرار وبنفس الوقت تعتبر جذورا انبثق منها كثير من المصطلحات في بدايتها.

وإذا تم إخضاع أي مصطلح غير علمي للفحص الذهني نجده يقترب أكثر من كلمة (المفهوم) وعندها لا يصبح مستقرا، بل إنه يصبح موضع تساؤل من جهة، وأداة للجدل الفكري من جهة ثانية، ولهذا السبب نجد أن الفلسفة لا تستند على مصطلحات بقدر ما تستند على مفاهيم، وإن تضمنت الفلسفة أي مصطلحات فهي قابلة للأخذ والعطاء.

والتوصيف الثاني للمصطلحات غير العلمية والمذكور سابقاً - وهو الاتفاق الاصطلاحي المؤقت - نجد أن هذا التوصيف يتفق مع النهج الفلسفي والدور المؤثر للفكر الانساني، حيث إن مثل هذا التوصيف يؤيد بشكل غير مباشر الاتجاه نحو التساؤل والجدل.

ولكن لماذا أخذت كثير من المصطلحات غير العلمية وضع الثبات؟ وهذا ما نلاحظه في المصطلحات الاجتماعية والدينية والسياسية، وعموما المصطلحات التي تتخذ طابعا أيديولوجيا أو طابعا قطعيا.

هذا التساؤل يحمل الكثير من الاجابات المحتملة بنسبة متفاوتة من القوة، ولكننا نجد أن ثبات المعنى بعد فترات طويلة وبفعل عوامل تاريخية واجتماعية يؤدي إلى استقرار وضع المصطلح، وهذا السبب يجعل المصطلح يتخذ معنى، وهذا المعنى يترسخ بحيث يكون بعيدا عن جذور نشأته، تلك النشأة التي تتعلق بالأفكار أو المفهوم المتغير، وعند إرجاع أي مصطلح غير علمي إلى احتمالات مفاهيم متغيرة فإننا بذلك نعيده إلى إمكانية بحث تشكيله من جديد عن طريق الفكر.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة