الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 16th May,2005 العدد : 106

الأثنين 8 ,ربيع الثاني 1426

من الحقيبة التشكيلية
تحتاج إلى رعاية واهتمام
تجارب وخبرات أبدعها معلمو الرياض
محمد المنيف

أقيم خلال الأسابيع الماضية معرض أعد من قبل النشاط الفني بإدارة التربية والتعليم بالرياض يحمل اسم (معرض الخبرات والتجارب) شارك فيه مختلف مدارس مدينة الرياض التعليمية وتنوعت فيه الخامات والاساليب من طباعة ومعادن وزجاج وخامات بيئية وأعمال الكرتون والخشب إلى آخر المنظومة. المعرض كان جميلا ومحفزا للإنتاج خصوصاً لمن قام بزيارته من المعلمين غير المشاركين فيه فقد لوحظ أن الأعمال المشاركة منتقاة إضافة إلى أن هناك أعمالا لا تقل قيمة عما عرض إلا أن المساحة قد لا تستوعب الجميع وجاء الاختيار موفقاً.
لن ندخل في تفاصيل الأعمال وتنوعها فكل خامة نجد فيها ما حقق الهدف وأضفى جديدا إلا أننا كنا نأمل في الكثير مما شوهد خصوصا أن الكثير من تلك الأعمال سبق أن قُدّم بنفس المستوى في المعرض الأول مع تغيير قليل في الفكرة.
***
الهدف من المسابقة
أجزم بأن الهدف من المسابقة كان أكبر مما شوهد أو قدم من أعمال مع أن المعرض يجد الرضا من معديه ومنظميه فقليل دائم خير من كثير زائل أو أن الجود من الموجود وإذا قلنا إننا نتوقع الهدف يعني انتاجا أكبر مما شاهدناه فالأمر يعني تحديداً هذه الفترة الزمنية التي أصبحت فيها الخبرات العالمية في مجال الإبداع التشكيلي متاحة لكل من يبحث عنها إذ لا تتوقف عند معرفة محدودة أنتجها معلم في احدى المدارس بالرياض قد تحمل الكمال أو قد يشوبها النقص مع أنها تجربة تستحق التقدير، فالتجربة ذات مسمى كبير والتعامل معها يعني الكثير حيث تكشف أبعادا مهمة للمشاهد الذي يسمع بها، وتحدد مقدار ما اختزله المعلم من معارف ومعلومات تسبق التعامل مع الفكرة التي صاغها في عمل يحمل مسمى التجربة بكل ما يأتي تباعاً خلال تنفيذها من تراجع أو تقدم، إضافة، أو حذف، تبديل أو تأكيد، وأحياناً يرى المعلم أن ما قام به من تجارب لم تكن بمستوى تحقيق الفكرة التي سعى لتنفيذها فيتوقف عن تقديمها احتراما لمعرفته بقدراته، نعني أن الخبرات والتجارب أو العكس مقرونتان ببعضهما البعض فلن يكون هناك تجربة ناجحة إن لم يسبقها خبرات والخبرات هنا تعني ما يتعلق بالجانب التقني وأخرى بجانب المعلومة أو الثقافة فالإنسان يولد وعقله كالصحيفة البيضاء لا يوجد فيه أي شكل من أشكال المعرفة، لتأتي مرحلة تغذيته بالحواس فتنقل إليه صور الأشياء التي تنبعث من العين أو تلامسها اليد أو من مختلف الحواس الأخرى ولكن ما يعنينا اليوم أو في هذا المعرض هو ما يعود من حاسة العين فهي الأسبق أو الأهم وهي الجسر الرابط بين ما نراه وبين العقل فكثير منا يرى الأشياء ولا يعي الجمال فيها وقليل من يرى الجمال في كل شيء فيستنبط منه زوايا وأشكالا لم تكن تخطر على بال لتكملها اليدان بتوجيه سليم من العقل المكتنز بكل تلك المطالب أو المعارف، وحينما تسبق الخبرات التجربة فالأمر أقرب لتحقيق الهدف أما إذا سبقت التجربة الخبرات فإن في التركيز على نتائجها مهما تكن سلبية أو إيجابية ما يعني إيجاد خطوة أولى في كسب الخبرات القادمة في حال إعادة التجربة وهكذا.
إن التجربة أو التجارب لا تعني المحاولات التلقائية أو التقليد وتكرار السابق بقدر ما تعني البحث عن حلول لتحقيق أفضل النتائج للفكرة أو الهدف ونعني به الهدف أو العمل المبتكر الجديد المختلف عما سبق أن نفذ أو أنتج من قبل الفنان وكلما وجد عجزا أو قصورا في التعامل بين الحواس وبين العقل وفي مقدمتها حاسة العين باعتبارها النافذة الأساسية لأي عمل بصري فالأمر ينتهي بانتاج ضعيف محدود الفكر والفكرة وبما أن التجربة مرتبطة بالعقل فذلك يعني أن كل عمل فني هو نتيجة لمقدار معين من التخطيط والدراسة المسبقة ليأتي دور اليدين في التعامل مع المواد والخامات.
إن أي عمل إبداعي ينطلق من إشارة مرئية من شيء ظاهر إلى شيء غير ظاهر مع توافر مزيد من الحرية فهو يسمو بالإشارة من الأشياء المألوفة إلى اتخاذ معنى جديد وشكل جديد، هذا ما نود قوله ونعنيه متمنين أن نراه في المعارض القادمة.
لقاء جميل وهادف
بعد أن قام الأستاذ محمد أبوبكر بجولته بعد افتتاحه المعرض كان له مع عدد من المعلمين حوار هادف أثنى فيه على ما قدم من إبداعات مؤكداً على دور التربية الفنية ودور معلميها مشدداً على أهمية المادة ومشيداً بما يراه من إبداعات في كل المدارس كل حسب عطائه، وفي إجابة لسؤال وجهته الثقافية حول ما يتم من اقتطاع من حصص التربية الفنية لحساب مواد أخرى أجاب أن الأمر في طور الحلول وأن الأيام القادمة ستكون حاسمة لإعطاء التربية الفنية نصيبها كاملاً، وحول الإعلام والتغطيات الصحفية طالب الأستاذ أبوبكر أن تعطى مثل هذه الفعاليات حقها من الإعلام معلقاً أن الأمر لا يعني شخصية المفتتح أو الحضور بقدر ما يعني تقديم هذا العطاء إلى أعين الآخرين وتعريف أكبر قدر من الجمهور وهم أولياء الطلبة بما يقدمه أبناؤهم من نشاط.
الدبيان والنحت
في حقيبتنا أيضاً وقفة مع نبات يانع يحمل مؤشرات قدرته على التواصل واللحاق بخطوات من سبقوه في مسيرة هذا الفن ومن هنا أصبحت الساحة التشكيلية تزدان من وقت لآخر بأسماء جديدة تمتلك الوعي والثقافة والخبرات في مجالها ولو كانت قليلة وتساهم عبر هذه الكنوز بأعمال جديدة تضيف دما ساخنا يدفع بجسد التشكيل إلى التحرك من جديد، من هذه الأسماء التي نتوقع لها مستقبلا مشرفا محليا وعربيا الفنان الشاب فهد الدبيان.. شاب متقد حيوي يلامس بموهبته أصعب وأقسى أدوات الإبداع حينما يحول الحجر رغم صلابته إلى قطعة فنية تجبر المشاهد على أن تتسع حدقتا عينيه إعجاباً بالمضمون وتقديراً للجهد المبذول فيها. الدبيان فنان شاب مؤهلاته الفنية لا تتعدى عشقه للإبداع مؤطرة بموهبة صادقة وقدرة على كشف خاتمة أعماله قبل البدء فيها. هادي الطبع لا يتكلم كثيراً وحينما يقدم أعماله للمشاهد يكتنفه الخجل والخوف مع أن ما يشاهد له من أعمال وجدت كل الاحترام والتقدير من أصحاب الخبرات الطويلة في الفنون التشكيلية، أثنى عليه الناقد عبدالرحمن السليمان وتوقع له مستقبلا متميزا كان أول حضور له في المعارض بمشاركته في معرض بسوريا تلتها مشاركات أخرى في معرض أقيم في أبها ثم كان له جمهوره ومتابعوه في معرض مرسم نادي الدرع بالدوادمي الذي أقيم في الغرفة التجارية العام الماضي.. بدأت موهبته تظهر من خلال ممارسته لتشكيل الحجر في صنع الشلالات والنوافير وحينما وجد أن هناك علاقة حميمة بينه وبين هذه الخامة انطلق نحو النحت وبحث عن سبل اتقانه مستفيداً ممن سبقوه من الفنانين على المستوى المحلي والعربي، يقول الدبيان ان الفكرة تسبق التنفيذ ويجد صعوبة في التعامل مع الفكرة لكون تنفيذها يتعامل مع حجر صلب إلا أنه مؤمن بأن الفكرة هي أصل العمل ولهذا يجب تحديدها واستكمال جوانبها في الذهن ثم الورق وصولا إلى الحجر والأزميل.
وعن أنواع الحجر قال إنه يتعامل مع مختلف أنواعه دون تمييز، وحول تواجده في الرياض مع أنه يسكن الدوادمي قال إن هناك فرصة أتيحت له من قبل المسؤولين ببلدية الدرعية تتمثل في إنجاز بعض الأعمال لتجميل المحافظة، هذه الإشارة أو المعلومة دفعتنا لزيارته في محترف أعدته له البلدية وشهدنا خلال الزيارة كيفية عمل وتعامل الدبيان مع الحجر.
د.إبن سلمة والنويعم يشيدان بالمعرض
من جانب آخر قام سعادة مساعد مدير عام التربية والتعليم بمنطقة الرياض الدكتور منصور بن سلمة في وقت لاحق بزيارة خاصة للمعرض، أتبعها الأستاذ ثنيان النويعم مدير قسم النشاط الطلابي بزيارة مماثلة، أثنيا فيها على المستوى العام للمعرض، وعلى الجهود المبذولة فيه من قبل المعلمين، وعلى إبداعات الطلبة، وشكرا فيها قسم النشاط الفني الذي أعد ونظم المسابقة، وحول سؤال من الثقافية للدكتور السلمة عن إمكانية تطوير مادة التربية الفنية وحول النتائج المرجوة منها، قال: إن ما شاهدته اليوم وشاهده الكثير في معارض سابقة يؤكد ما وصلت إليه مادة التربية الفنية من مستوى تقني ومعرفي لدى المعلم وقدرة فائقة من الطلبة، مضيفاً إلى أننا في حاجة لتنمية قدراتنا التذوقية وتفعيل الوجدان عبر هذه المناشط، لنرتقي بالوعي الجمالي عند الناشئة وعند المجتمع فيما بعد، كما أشار د. السلمة إلى أن هناك الكثير من الخطوات التي ننتظر تحقيقها في مختلف جوانب التربية والتعليم وهي في طريقها بإذن الله لأن تظهر على أرض الواقع.
معرض رباعي سعودي بولندي
أقام مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية والسفارة البولندية بالتعاون مع مجموع اللاما معرضا تشكيليا رباعيا مشتركا بين فنانتين من المملكة العربية السعودية هما الفنانة فوزية عبداللطيف، والفنانة منى القصبي، والفنان البولندي بوجانا جارزيماسكا، وابنته الفنانة ماريان، وذلك بمناسبة مرور عشر سنوات على قيام العلاقات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية البولندية.
برنامج الحفل ناجح ولكن..؟
كان الحفل بكل ما أحيط به من تنظيم يتوازى مع المناسبة ابتداء من راعي الحفل ونائبه ومروراً بالكلمات الجميلة وصولا إلى الحضور والتفاعل إلا أن أسلوب العرض الذي تم به تقديم الأعمال لم يكن ملائماً للمناسبة ، فقد عرضت اللوحات في مكان ضيق مما دفع المنظمين للمعرض إلى عرض بقية اللوحات على جدار الدرج بشكل متراص لم يعط للوحات حقها من الكيفية المتعارف عليها ليأخذ المشاهد موقعه الصحيح ، ويصبح تحركه من لوحة إلى أخرى أكثر مرونة وانسيابية، ما يمكن الوقوف أمامه هو مستوى الأعمال، وهو أمر غير مستغرب فالفنانتان فوزية عبداللطيف ومنى القصبي من أعلام الفن التشكيلي ورواده والمساهمتان فيه بشكل بارز وموثق إضافة إلى ما يمتلكانه من قدرات فنية لا مجال للخوض فيها الآن، ولكن لنا موعد قادم معهما، الجانب الثاني من المعرض برزت فيه أعمال الفنان البولندي وهو برفسور في إحدى الأكاديميات هناك وابنته فقد تميزت أعمالهما بالأسلوب الخاص لكل منهما مع إبراز منابع استلهامهما، فخرج المعرض مزيجا منسجما التقى فيه الرباعي السعودي والبولندي بقواسم مشتركة.


monif@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
مسرح
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved